الصفحات البيضاء في تاريخنا وعيشنا المشترك

قال ابن جبير في رحلته المشهورة [ص259] واصفاً علاقة المسلمين بالنصارى في جبل لبنان: 

"نصارى جبل لبنان

ومن العجب أن النصارى المجاورين لجبل لبنان إذا رأوا به بعض المنقطعين من المسلمين جلبوا لهم القوت وأحسنوا إليهم ويقولون: هؤلاء ممن انقطع إلى الله (عز وجل) فتجب مشاركتهم".

● قيمة حضارية 

قيمة نص #ابن_جبير يكمن في النقاط المضيئة الآتية:

▪ أن الناس في ذلك الزمن تعاملت بجوهر الدين وبفطرة الله التي فطرهم عليها ، فتعاطوا فيما بينهم بالمحبة والإحترام للحق في التعبد والتقرب من الله ، وأدت هذه المحبة وهذا الإحترام إلى #التشارك ، ليس في صلب العبادة ، بل في الإحترام المتبادل للمناسك...وهذا بالضبط ما نحتاجه .

أي أننا نحتاج إلى التشارك في إحترام الحق في العبادة وليس العمل على خلط العبادات والدخول في التكاذب لإظهار صورة مشتركة كما هو الحال لدى البعض اليوم..

لقد أدرك أجدادنا حقيقة تدينهم الإسلامي والمسيحي ، فعملوا وفق روحية التدين فأحبوا بعضهم بعضا وتشاركوا في محبة الله الواحد الحق..

▪ أن مبادرة المسيحيين تجاه العباد المسلمين كانت محط تقدير وإهتمام ، بل يبدو أنها كانت ظاهرة في الحياة اليومية ؛ وهو ما دفع رحالة كإبن جبير لأن يتوقف عندها ويذكرها بإشادة وإعجاب!

▪ إطمأن المسيحيون إلى وجودهم في محيطهم الإسلامي الكبير ، فسرت روح التلاقي والتعاون وغابت لغة التنافر والأحقاد..

▪ تؤكد سطور إبن جبير أن هناك آلاف الصفحات البيضاء في تاريخنا وهي مهملة مستبعدة ، ولو أردنا البحث عن مخرج لكتاب تاريخ موحد ، لإخترنا لأجيالنا تاريخ الشخصيات العظيمة التي صنعت عيشنا المشترك ، بدل وضع مواد هجينة تمزج بين التكاذب وأنصاف الحقائق.

وسوم: العدد 798