فِتْنَةُ المُصْطَلَحَاتِ .. و هَرْطَقَةُ الغُلاةِ - 20 ( الشورى - 5)

د. حامد بن أحمد الرفاعي

علَّق المستر كرنير على مشروع (أهل الذكر) قائلاً : إنَّها لفكرة رائعة مرنة ولكن هل السعوديَّة ستطبق ذلك ..؟ قلت: لقد رفعت نسخة من المشروع لولاة الأمر وهو تحت نظرهم ..وها هو الآن أصبح بين أيديكم .. آمل أن تنظروا في أمريكا في شأنه وتطبقوه .. قال : بالفعل لقد جاء المشروع برؤيَّة جديدة وموضوعيَّة وأنْا شخصيَّاً سأنقله للمسؤولين وأدعمه .. ولَكنْ من فضلك هل قرارات أهل الذكر ستكونُ ملزمةً..؟ قلت : كما ذكرتُ لكم سابقاً أنَّ العقد الاجتماعيِّ عندنا مكونٌ من عقدين: عقد إيمان.. وعقد أداء.

فكل القرارات التي تتعلق بعقد الإيمان وما يتعلق به من ثوابت فهي قرارات ملزمة للجميع (ولاة أمر ورعيَّة) بلا استثناء ..أما القرارات المتعلقة بعقد الأداء وما ينتج من اجتهادات وتشريعات بشأن المستجدات وما يمليه التعامل مع التحديات ..فكلُّ ذلك على الخيار وغير ملزم.. ثمَّ قلت : من فضلك وهل قرارات المشرِّعين عند كم مُلزمة للرئيس..؟ قال : لا.. فالنظام عندنا يعطي الرئيس حق النقض (فيتو Vito ). قلت : أما آن لكم وللنظام العالمي إعادة النظر في هذه المّثْلَبَةِ العار المُسمَّاة : ( Vito ) ..؟ قال : ولِمَ هي عار بنظرك ..؟ قلت : إذا لم يَكن انتهاكُ وإلغاءُ إرادة الإنسان عاراً وتخلفاً ..؟ فما هو العارُ إذاً ..؟ قال : ولكن كيف يتعامل نظامكم إذا واجهته مثل هذه الضرورة ..؟ قلت : نظام الإسلام أعطى لولي الأمر ما نسميه):حق الترجيح (Right of Preference . أي أنَّ من حق المسؤول الأعلى في الدولة أنْ يختارَ ويفاضلَ بين قرارات المشرعِّيِن وفقاً للمصالح العليا للأمة في زمان اعتماد القرار .. وهذا يعني أنَّ قرارات المشرِّعين كلُّها معتبرة ومحترمة .. ولكنَّ المصلحة العليا الجارية للأمة توجب اختيار ما هو أنسَّب لها الآن .. وربما يكون القرار المرجوح الآن هو نفسه القرار الأرجح والأنسَّب في زمان آخر .. أجل إنَّ منهجيَّة ما يُسمى: ( حق النقض) منهجية همجيَّة غارقة بالعيب والعار ..أما منهجيَّة (الترجيح ) فهي منهجيَّة حضاريَّة إنسانيَّة أخلاقيَّة .. حقاً إنَّه لمخجلٌ وهمجيٌّ وعارٌ عندما صوتٌ واحدٌ يُرفع ُ في محافل الأمم المتحدة ليُلغي إرادة المجتمع الدوليِّ بكامله ..؟! وتزداد بشاعة العار والتوحش عندما يُرفعُ مثل هذا الأصبع لِحمايةِ صُنَّاع الحروبِ والدمارِ والموتِ ..؟؟؟! يتبع بعون الله تعالى.

وسوم: العدد 803