مَواثيقُ الرُشْدِ الحضَاريِّ 1-6

د. حامد بن أحمد الرفاعي

مَواثيقُ الرُشْدِ الحضَاريِّ - 1

مِيثَاقُ القِيمِ الاجتمَاعيَّة

أصلَّ الإسلامُ عدداً مِنَ المواثيقِ.. لترشيدِ المسارِ الحضاريِّ البشريِّ.. منْ أجلِ عَمارةٍ راشدةٍ للأرضِ وإقامةِ حياةٍ أمنةٍ للنَّاسِ أفراداً ومجتمعاتٍ.. منها: ميثاقُ القِيم ِالاجتماعيّةِ وأُسسُهُ:

الإيمانُ الخالصُ باللهِ تعالى لتحريرِ الإنسانِ منَ العبوديةِ لغيرِه سُبحانَهُ.تَعظيمُ طاعةِ الوالدينِ لتأكيدِ تماسُكِ البناءِ الأسري ودورهِ الأساسِ في البناءِ الاجتماعيِّ السليمِ.  تَحريمُ الاعتداءِ علَى حقِ التناسُلِ بدونِ ضَرورةٍ شرعيِّةٍ. تَحريمُ الفواحشِ والرذائلِ.  تَحريمُ الاعتداءِ علَى قُدسيِّةِ حياةِ الإنسانِ.6.   تَحريمُ انتهاكِ قُدسيِّةِ مالِ اليتيمِ.  وجُوبُ القسطِ في المبايعاتِ.  وجُوبُ العدلِ دونَ تمييزٍ.  وجُوبُ الوفاءِ بالعهودِ والمواثيقِ.  وجُوبُ المحافظة على الممتلكات العامة وصونها.  وجُوبُ حقِ كفالةِ الجارِ وسد عوزه.  وجُوبُ حُبِ الجارِ.  وجُوبُ التضامُنِ بين أفراد المجتمع. وجُوبُ المحافظة على أمن المجتمع.15.        وجُوبُ الاستقامةِ في أداءِ أمانةِ الاستخلافِ في الأرضِ.

مُواثيقُ الرشدُ الحضاريُّ – 2

مِيثاقُ السلوكِ البشريِّ

أصلَّ الإسلامُ عدداً مِنَ المواثيقِ.. لترشيدِ المسارِ الحضاريِّ البشريِّ.. منْ أجلِ عَمارةٍ راشدةٍ للأرضِ.. وإقامةِ حياةٍ أمنةٍ للنَّاسِ أفراداً ومجتمعاتٍ.. منها: مِيثاقُ السلوكِ البشريِّ بكلِّ تأكيدٍ.. يَبقى سلوكُ الإنسانِ معياراً أساساً.. في تحديدِ طبيعةِ السيرِ الحضاريِّ إيجاباً وسلباً.. والسلوكُ الإيجابيُّ مُلازمٌ للعقلِ السليمِ والوجدانِ المستقيمِ.. ولكنْ مَا هي المُحدداتُ الإيجابيِّةُ للعقلِ والوجدانِ ..؟ لَقد حددَ الإسلامُ مرتكزاتِ السلوكِ الإيجابيِّ بما يلي: 

حسنُ الخُلقِ لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ أقربَكم مِنِّي مَجلساً يومَ القيامةِ أحاسنكم أخلاقاً"التواضعُ لقوله تعالى: "وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا" التسامحُ لقوله تعالى: "فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ"التراحمُ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ارحَمُوا منْ في الأرضِ يَرحمُكم منْ في السماء" حسنُ التخاطُبِ لقوله تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً". الأمانةُ لقوله تعالى :"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا".  الوفاءُ لقوله تعالى :"وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ".الصدقُ لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الصدق يَهدي إلى البرِ وإنَّ البرَ يَهدي إلى الجنةِ"النظافةُ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ طيبٌ يُحبُ الطيبَ نظيفٌ يُحبُ النظافَةَ"التقوى لقوله تعالى: "فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ"

مُواثيقُ الرُشدِ الحضاريِّ – 3

مِيثاقُ المُواطنَةِ

أصلَّ الإسلامُ عدداً مِنَ المواثيقِ لترشيدِ المسارِ الحضاريِّ البشريِّ.. منْ أجلِ عَمارةٍ راشدةٍ  للأرضِ.. وإقامةِ حياةٍ أمنةٍ للنَّاسِ أفراداً ومجتمعاتٍ ..منها: العقدُ الاجتماعيّ الوطني وأسسه:

 المُواطِنون علَى اختلافِ انتماءاتِهم أمةٌ واحدةٌ.  الحريّةُ الدينيّةُ والفكريّةِ مكفولةٌ لكُلِّ مواطنٍ.  المُواطنون مُتضامنون ومُتكافلون في الحربِ والسلمِ. المُواطنون مسؤولون عنْ ردِّ العدوانِ وحفظِ سيادةِ الأوطانِ.  التناصحُ والتشاورُ والتعاونُ واجبٌ بينَ المُواطنين. الجــــــارُ كالنفـــسِ في أمنِه وكرامتِه ومَصالحِهِ.

هَذه القواعدُ السالفةُ الذكرِ وغيرُها مِمَّا يحفلُ بها القرآنُ الكريمُ والسنةُ المطهرةُ.. تُكّونُ بتكامُلِها المُنطلقَ الأساسَ لعقدِ المُواطنةِ في نظامِ الإسلامِ وشرعتِهِ .. وهو عقدٌ يؤكدُ أنَّ المُواطنينَ علَى اختلافِ انتماءاتِهم الدينيِّةِ والقوميِّةِ والعرقيِّةِ .. أمةٌ واحدةٌ تَتَساوى مصالِحُهم.. وتَتَكاملُ حـــقوقُهم وواجباتُهم.. وأنَّ أمنَهم ومصيرُهم واحدٌ.. منْ غيرِ تمايزٍ ولا تفاضلٍ بينَهم.. وميثاقُ المواطنَـةِ ( العقدُ الاجتماعيُّ الوطنيُّ) يَكْفُلُ لكُلِّ المواطنين نيل حقوقِهِم وأداءَ واجباتِهم سواء بسواء.

مُواثيقُ الرُشدِ الحضاريِّ – 4

عَقْدُ المُواطنَةِ العالميَّةِ

أصلَّ الإسلامُ عدداً مِنَ المواثيقِ.. لترشيدِ المسارِ الحضاريِّ البشريِّ.. منْ أجلِ عَمارةٍ راشدةٍ  للأرضِ.. وإقامةِ حياةٍ أمنةٍ للنَّاسِ أفراداً ومجتمعاتٍ ..منها:مِيثاقُ المُواطنَةِ العالميّةِ .. مِنْ وراءِ أربعةَ عشرَ قرناً ونيِّف.. أعلنَ رسولُ الهُدى الربَّانيِّ سيدُنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم سبعةَ أعمدةِ لِتكونَ أساساً لميثاقٍ عالميٍّ للمواطنَةِ الراشدةِ وهي:

يا أيُها النَّاسُ إنَّ ربَكم واحدٌ ..مؤكداً وحدةَ مصدريِّة الإيمانِ. يا أيُها النَّاسُ إنَّ أبَاكم واحدٌ ..مُؤكداً وحدةَ الأسرةِ البشريِّةِ. يا أيُها النَّاسُ إنَّ دماءَكم وأموالَكم علِيكم حرامٌ مُؤكداً قُدسيَّةَ حياةِ الإنسانِ وممتلكاتِه. يا أيُها النَّاسُ إنَّ اللهَ قد قَضى أنْ لا رِبَا مُؤكداً قُدسيةَ الأمنَ الاقتصاديِّ.  يا أيُها النَّاسُ إنَّ عدةَ الشهورِ عندَ اللهِ اثنا عشــرَ شهراً منْها أربعةٌ حرمٌ.. مُؤكداً احترامَ الوقتِ وقُدسيِّةِ الأمنِ والسلامِ وسلامةِ البيئةِ. يا أيُها النَّاسُ اســـتوصوا بالنساءِ خيراً فَلكُم عليهنَ حَــقاً ولَهُنَ علَيكم حَقاً ..مُؤكداً أنَّ المرأةَ والرجلَ شريكانِ متكاملانِ في تحمُلِّ مسؤولياتِ الحياةِ. يا أيُها النَّاسُ إنَّ اللهَ قد حرَّمَ الظُلمَ علَى نفسِهِ وجعلَه بينَكم مُحرَّماً فَلا تَظالَموا.. مؤكداً أنَّ العدلَ أساسُ كُلِّ فضيلةٍ.. وأنَّه الحارسُ الأضْمَنُ والأقوى لأمنِ العبادِ والبلادِ.

مُواثيقُ الرشدُ الحضاريُّ – 5

مِيثَاقُ المَصَالحِ البَشَريِّةِ

أصلَّ الإسلامُ عدداً مِنَ المواثيقِ.. لترشيدِ المسارِ الحضاريِّ البشريِّ.. منْ أجلِ عَمارةٍ راشدةٍ للأرضِ وإقامةِ حياةٍ أمنةٍ للنَّاسِ أفراداً ومجتمعاتٍ.. منها الميثاقُ العالميُّ للمصالحِ البشريِّةِ وأُسُسهُ:        

النَّاسُ جميعاً شركاءُ في مَهمَةِ الاستخلافِ في الأرضِ. عمارةُ الأرضِ وإقامةُ العدلِ غايتان للنهوض بمَهمَةِ الاستخلاف.النَّاسُ شركاءٌ في ثرواتِ الكونِ علَى أساسٍ منْ احترامِ حقِ التملكِ وصونِ مشروعيِّةِ حــقِ الانتفاعِ. حياةُ الإنسانِ وكرامتُه.. أمران مُقدســــان لا يـَـجوزُ انتهاكُهما. الرجلُ والمرأةُ شريكان في مسؤولياتِ عمارةِ الأرضِ وإقامةِ العدلِ.الأرضُ والبـــــيــئةُ ســكــنُ البــــشــريِّةِ المـــشتركِ.. يَنبغي المحافظةُ علَى سلامَتِهِما وعدمُ إفسادِهِما.  الحقوقُ والواجباتُ أمورٌ متكاملةٌ ومـــتلازمةٌ8.  وجوبُ التوازنِ بينَ مسؤولياتِ الإنتاجِ وأخلاقيات الاستهلاكِ. الأمـــنُ الوطنيِّ والإقليــــميِّ والــدوليِّ أمورٌ متلازمةٌ ومتكاملةٌ لا يَجوزُ بحالٍ انتـــــــهاكُ أحدِهِما لحسابِ الآخرِوجوبُ التدافُعِ والتعاونِ بينَ المجتمعاتِ لدرءِ المفاسدِ والمخاطـــــرِ.. وجـلــــبِ المصــالحِ والمنافعِ المشتركةِ بينَ النَّاسِ.التعارفُ والتواصلُ الثقافيَّ والمعرفيِّ بينَ النَّاسِ.. أمرٌ واجبٌ لتنميةِ العلاقاتِ وتطويرِ المصــالحِ المشتركةِ.التنوعُ الدينيِّ والثقافيِّ يَنبغي أنْ يكونَ حافزاً علَى التنافُسِ في الخيرِ.. لا مادة للتدابرِ والصدامِ والنزاعِ.  السلمُ والتعايشُ العادلِ والآمنِ هُو أصلُ العلاقةِ بينَ النِّاسِ والمجتمعاتِ.

مُواثيقُ الرشدِ الحضاريِّ – 6

مِيثَاقُ الأداءِ الحضاريِّ

أصلَّ الإسلامُ عدداً مِنَ المواثيقِ.. لترشيدِ المسارِ الحضاريِّ البشريِّ.. منْ أجلِ عَمارةٍ راشدةٍ للأرضِ وإقامةِ حياةٍ أمنةٍ للنَّاسِ أفراداً ومجتمعاتٍ.. منها مِيثَاقُ الأداءِ الحضاريِّ وأُسسُهُ :

التعارفُ : لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا" التدافــعُ: لقوله جلَّ جلالهُ :"وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ"  التكامـلُ: لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ"  التنافعُ: لقوله سيحانه : "وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ". التنافسُ: لقوله تعالى : "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ".  احترامُ إبداعاتِ الآخرين: لقوله سبحانه: "ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ"  التعايشُ: لقوله تباركت أسماؤه : "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ".

أجل هذه أعمدة سبعة شرَّعها الإسلام لآليات السير الحضاري البشري الراشد.. وليَنْتَظم وفقها أداءُ النَّاسِ في سيرهم الحضاريِّ على المستوى الإقليمي والدولي.

وسوم: العدد 808