أحاديث في الظلم

روى الصحابي أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: الظلم ثلاثة ، فظلم لا يغفره الله ، وظلم يغفره ، وظلم لا يتركه ،

1-    فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك ، قال الله : { إن الشرك لظلم عظيم } ،

أ – ( الكفر بأن بشار إله )

2-    وأما الظلم الذي يغفره فظلم العباد أنفسهم فيما بينهم وبين ربهم ،

أ‌-       وهذا دليل على فضل الله تعالى وكرمه سبحانه فهو الغفور الرحيم ( حديث : ربي اغفر لي " أذنب عبدي ذنباً وعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب )

3-    وأما الظلم الذي لا يتركه الله فظلم العباد بعضِهم بعضا حتى يدبِّرَ لبعضهم من بعض

ولا بد من الاستغفار في كل آن أخي الحبيب فقل معي يا رعاك الله

" أستغفر الله " دأبي مذ وعَيت إلى         نفـسي وحـالـي ومـا قـَدّمْتُ من عمـلِ

" أسـتغفر الله " دربي لـلكـريم إذا          فاضتْ ذنوبي وضاق الصدرُ من خَلَلِ

" أـستغفر الله " نبـراسٌ يسـدد مـا          آلـَت إلـيـه نـفـوسُ الـقـوم مِن خَـَطَـلِ

فهـو الدواء لمن ضلّ الطـريقَ إلى         كـَنـَف الهـدايـَة أوْ قـَدْ لـَجّ في الـهـزلِ

أو تـاهَ في سـعْيِه  فالناس مُذْ وُجِدوا         فعنصر الخَـَلـْق فيهـم كـان مِن عجَـلِ

أوْ سـار سـائرُهـم من دون معرفـَة         إلـى الغِـواية ، نحـْو الـزيـف والدّجَـلِ

أوْ تـابع الفـاسـقَ الـزنـْديقَ يـَدفعُـهُ          إلـى الجهـالـة حتى غـاصَ فـي الزلـَلِ

ثمّ انـْثَـَنَـَتْ فطـرةُ الرحمن تُـرشـدُه          إلـى الحـقـيـقـة ، أو تُـغـريـه بـالأمَـلِ

فطـأطـأَ الـرأسَ لـلمعـبـود يـسألُـه           فيـْضَ المـتـابـة قـبـْل الأخـْذِ بـالأجـلِ

واسـتغْفَـرَ اللهَ يرجـو العفوَ ، يطلُبُـه         بحُسـْنِ ظنٍّ مشـوبٍ بالـرجـا الوجِـلِ

فـيـا ســعادة مـن وافـاهُ مُقـتـَبِــلاً            ويـا شــقـاءَ ضـلـيــلِ القـَلـْبِ والعـَقـَلِ

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

اتقوا الظلم ما استطعتم ؛ فإن العبد يجيء بالحسنات يوم القيامة يرى أنها ستنجيه فما يزال عبد يقوم يقول : يا رب ظلمني عبدك مظلمة ، فيقول : أتموا من حسناته ، ما يزال كذلك حتى ما يبقى له حسنة من الذنوب

...............................................

وروى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

1-    اتقوا الظلم . فإن الظلم ظلمات يوم القيامة .

أ‌-       " ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور "

ب‌-  " يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ، قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً ، فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة ، وظاهره من قبله العذاب ، ينادونهم ألم نكن معكم ؟ قالوا بلى ، ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله ، وغركم بالله الغرور ، فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ، مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير"

2-    واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم . حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم

أ‌-       الشح وحب المال يدعو إلى السرقة والنهب والاستغلال، ويدعو إلى القتل وسفك الدماء – وما يجري في سورية الحبيبة من سفك الدماء والقتل فلأن الظالم يشعر أنه حين يترك الحكم يفقد كل ما سلبه أو سيسلبه ويسرقه . وهذا ما يجعلهم يبطشون ويقتلون ويستحلون ما حرم الله .

..............................................

عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال " يا عبادي ! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما . فلا تظالموا.

أ‌-       فالله تعالى يحرم الظلم على نفسه وهو يفعل ما يشاء ، وينبهنا إلى أن الظلم لا يليق بالكريم

ب‌-  وما جعل الظلم بين الناس محرماً إلا لينشأ المجتمع سليماً معافى يعيش أفراده في أمن واطمئنان

ت‌-  وفي قوله لا تظالموا : تنبيه إلى أن الظلم يتبعه ظلم ، ويشتد أواره فتتهدم المجتمعات

ث‌-  قلتُ قصيدة هل يكون الظالم مصلحاً :

سـوء المعـادن يأبى منعَ صـاحبه      عن الـدنـايـا ، ويـُرديـه إلى الـزلـَلِ

وسـيئ الطبـْع يبـْقى ســيـّئــاً أبـَداً       كا لجُعل يحيا على قاذورة الوشلِ

لا خيـر في حـاكم يحيـا وبُغـْيـَتـُه        وأدُ الفضيلـة في مسـتنقع الخطَـَلِ

إن واعـَد النـّاسَ خيـْراً في مقالتـِه       فـالوعدُ يغدو وعيـداً في دُنا العملِ

كـأنّ مـا قـالـَه مِن وعـْدهِ خـَطـَأٌ  !      بـالـقهـْر يُصـلحُه والظلم والخـَبـَلِ

وإن رأى أمـَلاً فـي الـنـّاس بـَدّدَه !     فـالغـَيـْظُ يأكـُلـه إن عِشـْتَ في أمـَلٍ

والأمنـيـــاتُ مـع الآمــال مَفسـَـدةٌ      تُغري الشعوبَ بحق في الحياة حَلِي

فـَتسـتطيـب لِنـَيـْل الحق كـُلَّ عـَنـا      ولا تخـافُ دُنـُـوّ الـقـَهـْـر والأجـَـلِ

والمجـْرمُ النّغـْلُ لا ينفكّ في سـَـفهٍ      يـرى ســلطانـَه فـِرعـَونَ فـي هـُبـَلٍ

يغتال كلّ حصيف الرأي ذي بَصَرٍ     ويسـجن الحـُرّ في زنـْزانـَة الـوجـلِ

ويمنـَع الشـعب أن يســمـو بعـِزّتِـهِ      ويفرض العيشَ في خوفٍ وفي كللٍ

حـيـاتـُـه كـَذِبٌ ، والحـَقّ مَنـقـَصـةٌ      في عُرف مَن يغتذي بالزور والدجَلِ

فـَهـَـل تـرى ظـالمـاً أوفـى بذِمـّتـِـهِ      أوْ فـِي غـِوايـَتـِه والـقهـْرِ لـم يــَزَلِ ؟

.............................................

وروى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

انصر أخاك ظالما أو مظلوما .

فقال رجل : يا رسول الله؛ أنصره إذا كان مظلوما ، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره ؟

قال : تحجزه ، أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره

البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6952 [صحيح]

فللنصر هنا معنيان

أ‌-       أما الأول فمساعدة المظلوم كي يأخذ حقه

ب‌-   منع الظالم أن يسيء لغيره :" وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين

ت‌-  وهنا ننبه إلى وجوب أن يدافع المسلمون عربُهم وعجمهم عن المظلومين في سورية التي تعيش منذ ثلاث سنوات في ظلم يفوق التصور في الظلم والإيذاء.

ث‌-  قد يقول قائل : فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل .. والجواب كما يلي :

1-    الفئة الظالمة ليست من المؤمنين فرأسها ونظامه يدعون إلى الكفر البواح. وما عبادة الفرد إلا دليل على ذلك.

2-    في أول الأمر لم يطلب الشعب سوى الحرية والإصلاح ، فأبى النظام الفاسد وألجأ الشعب إلى الاعتقاد أنه لا يصلحه غير الإسقاط. وما يزال النظام يقتل ويدمر ويرفض حتى تدخل الجامعة العربية التي دعت بأقل مما يريد الشعب ويأمل .

ج‌-    ومنذ فترة وصلني بيت من أحدهم يقول فيه متخوفاً من قولة الحق:

إن قلت بيتاً في الضحى يومـــــ             اً، سيُقطع في المساء لساني

، فرددت معلـّقاً :

لا ، لا تقل :إن قلت بيتاً في الضحى       يوماً سيقطع فـي المساء لساني

فـالحـق أقـوى ، نــورُه  متمـكــن          يعلـو علـى التيجـان والسلطـان

والحق نبـراس الـوجـود ، ألا تـرا      هم صفوة الإنسان فـي  الأزمـان؟

قـل ما تـراه ، فـأنـت أقـوى مـنهـمُ         ُإن كنـت تحمـل جـذوة الإيمـان

فـإذا حيـيـتَ فـأنــت نــور سـاطـع        يهـدي البريّـة شـرعـة الرحمـن

وإذا قـضيـتَ أتـَيـْت ربــاً راحمــاً         يجزيـكَ فـِردوسـاً مـع الـخـلان

الحق ضوءُ العـزّ ،هـل من ماجـد         يهـوى الظلام وعيشـة العميـان

والحق بُرءُ النـفـس من ذل الهـوى         فيميط جَورَالعَـسف والطغـيـان

ويـُطـيـحُ أورام السـقـام كمـا تـرى         وشْـلَ الـرَّغـام يُـزاح بالبـركان

والحق أيدي الخير تغـرس نبتـة الـ        إصلاح والإحسان في الإنسـان

قـل ماتشـاء ، فأنـت حـرّ يـا أخـي         قـد صاغـك المولى رفيع الشان

قـد صاغـك الـمـولى نبـيـلاً نـابهــاً        تأبى الخضوع لسطوة الشيطان

وتعـيـش لـلحـقّ الجمـيــل وفـِعـْلِـه        وتذوبُ حبـاً في هـوى الأوطان

أنت الحيـاةُ وأنت شمـس نهـارهــا        مجـداً ودفـئـاً في الـربيع الـداني

.............................................

وروى أنس قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ،فقال " هل تدرون مما أضحك ؟ " قال قلنا : الله ورسوله أعلم .

قال " من مخاطبة العبد ربه . يقول : يا رب ! ألم تُجرني من الظلم ؟

قال يقول : بلى .

قال فيقول : فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني .

قال فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا . وبالكرام الكاتبين شهودا .

قال فيختم على فيه . فيقال لأركانه : انطقي . قال فتنطق بأعماله .

قال ثم يخلى بينه وبين الكلام . قال فيقول : بعدا لكن وسحقا . فعنكن كنت أناضل " .

رواه مسلم في صحيحه .

أ‌-       يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ، يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين ( النور )

ب‌-  حتى إذا جاء أحدهم الموتُ قال : رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت . كلا إنها كلمة هو قائلها ، ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون. ( المؤمنون)

ت‌-  قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون . قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون ، إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ، فاتخذتموهم سِخريا وكنتم منهم تضحكون ..( المؤمنون)

ث‌-    قلت في هذا قصيدة :

يا رب : في محراب بابك .. ضج الرجال إلى جنابك

دفـعـوا شـــبـابهـُمُ إلـى        جنـات عدن في رحابك

عـَلـّمتـَهـُم درب الهـدا         يـة والكرامة في كتـابك

فالنصر معقود العُرا          بَيْنَ الخيول على السنابك

والسيفُ مسلولٌ على          طاغ وطاغوت وهـالـك

في ساحة العز الكريـــــــــــــم وفي ميادين المعارك

                          ****

في يوم ثورتنا العظيـــــــــــــمة هلل الشعب المبارك

بالسلم طالبَ بالحقو             ق، وكلنـا يسـعى لذلـك

لكنّ ظلم الغاصبِ الـ ...........أفاكِ في ليـل الحـوالك

غال الرجالَ ونـالهم             بالقتل في كل المسالك

هذا نظام يقتل الـ............    الآمـال، بالأحرار فاتـِك؟

سقط الخئونُ وما له             إلا المهـانـة ُ والمهـالك

........................................................

نصرة المسلم أخاه

وأخيراً يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه جابر بن عبد الله وأبو طلحة ورواه المنذري في ترغيبه وترهيبه :

 ( ما من أمرئٍ يَخذُل امرأً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته ويُنتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحبُّ فيه نصرته ، ومامن امرِئ ينصر مسلماً في موضع يُنتقص فيه من عرضه ويُنتهك فيه من حُرمته إلا نصره الله في موطن يحب نُصرته ) [لا ينزل عن درجة الحسن وقد يكون على شرط الصحيحين أو أحدهما]الدرر السنية

ما مِن : قاعدة لا تغادر أحداً ولا تتجاوزه ،

 ( استغراق الجنس البشري كله )

( ليس هناك إنسان يخرج عن هذه القاعدة ) .

وفيها حض وتنبيه.

المرأ : الرجل ومؤنثه المرأة ، ومنه المروءة وهي آداب نفسانية تحمل مراعاتُها الإنسان على الوقوف على محاسن الأخلاق وجميل العادات أو هي كمال الرجولة.

خذله: أفشله.

المسلم : أخوك الواجب نصرته ، الذي يجمعك معه الدين والمبدأ والحق.

الموضع : مكان ، وفيه المحبة والمرامة والأنس. تقول : في قلبي موضعة لك : محبة وأنس.

انتهك: أذهب حرمته، وتناولها بما لا يحل ، نقض العهد وغدر بالمعاهد.

ونهكه : جهده وغلبه ، والنهك المبالغة في كل شيء

الحُرمة : ما لا يحل انتهاكه من ذمة أو حق أو صحبة أو نحو ذلك.

الانتقاص : غمط الحق ، والتحقير، والحط من الشأن.

العِرض: النفس والشرف والحسب ، وما يذم به الإنسان أو يُمدح.

الموطِن: المجلس ، المشهد. وقد يكون المنتقص حاضراً وقد يكون غائباً ، ففي حضوره {تعدّ } وفي غيابة {غيبة }. ونصره في هذين الموطنين واجب .

النصرة : الدفاع والعون. والتأييد. ومطلوب من المسلم نصرة أخيه إن ظُلم وانتقص وانتهك.

وبضدها تتميز الأشياءُ : وقد قُسّم المشهد إلى ضفتين :

فيهما مقارنة تستدعي الحض على العون والتحذير من التقاعس،

 وفيهما تحريك دواعي الانتصار وإلهاب دوافع الربح .

وهو أسلوب تربوي يسمى (التهييج.) وسمي التهييج لأن السامع يأبى أن يكون ممن يخذل أخاه ويسلمه.

.................................................

وسوم: العدد 836