الأعداء أنواع ، والأصدقاء أصناف .. والمساواة بين كلّ نوع ، وكلّ صنف .. سذاجة !

يَندر أن يوجد عاقل ، في الدنيا ، بلا أعداء ، يعاديهم ويعادونه ،  بسبب مصلحة ، أو هوى من أهواء النفس !

ويندر أن يوجد عاقل ، في الدنيا ، بلا أصدقاء ، يصادقهم ويصادقونه ، بسبب مصلحة ، أو قرابة ، أو زمالة ،  أو هوى من أهواء النفس !

الأعداء ( على المستوى الفردي) :

 ليسوا سواء ؛ فثمّة : العدوّ العاقل .. والعدوّ الجاهل .. والعدوّ الأحمق .. والعدوّاللدود.. والعدوّ ذو العداء الخفيف .. والعدوّ الذي يُظهر عداوته ، ويجاهر بها .. والعدو الذي يبطن عداوته ، ولا يجاهر بها ، إلاّ في أوقات محدّدة .. والعدوّ الثابت في عداوته .. والعدوّ المتقلب في عداوته..!

الخصومة ليست عداوة ، بل قديكون الخصوم أصدقاء ، وقد يكونون أعداء ، أو يتحوّلون إلى أعداء! فهناك خصومات المتبارزين ، في المباريات الرياضية .. وغيرها !

الأعداء (على المستوى السياسي) :

في السياسة : ( ليس هناك صداقة دائمة ، ولا عداوة دائمة ، بل مصالح دائمة ) ! هي ذي القاعدة المألوفة في السياسة ! لكن الأعداء في السياسة ، يختلفون ، نوعاً ودرجة ،  بين : عداوات آيديولوجية .. وعداوات تاريخية .. وعداوات مصلحية ظرفية ! وبين : عداوات يحكمها اللدَد، وتصطبغ بالشراسة .. وعداوات هادئة سلمية ..!

والمساواة : بين الأعداء المسالمين والمحاربين ، سذاجة .. والمساواة : بين العدوّ العاقل  ، والعدوّ الأحمق ، سذاجة .. والمساواة : بين العدوّ ، الذي يريد أكل بعض حقوقك ، وبين العدوّ الذي يريد إخضاعك له .. وبين العدوّ الذي يريد مَحوكَ من الوجود .. حماقة !

  الأصدقاء ( على المستوى الفردي ) :

منهم الخلّص .. ومنهم المتملقون .. ومنهم المتقلبون ، بحسب المصالح والأحوال ! والصديق المخلص الوفيّ ، الذي يسمّى ( الخِلّ الوفي) ، مذكور في أمثال العرب ، بأنه من المستحيلات الثلاثة؛ فيقال : (الغُول والعَنقاء والخِلّ الوفيّ) !  فقد وُضع الخلّ الوفيّ ، مع الاثنين الخياليّين، المستحيل وجودُهما ، في دنيا الناس !

الأصدقاء (على المستوى السياسي) :

تنطبق ، هنا ، القاعدة ، نفسها ، المذكورة ، آنفاً : ليس في السياسة عداوة دائمة ، ولا صداقة دائمة.. بل مصالح دائمة !

فصديق اليوم ، قد يكون عدوّاً ، غداً ، بحسب ماتقتضيه مصلحته .. وعدوّ اليوم ، قد يكون صديقاً ، في الغد ، بحسسب مايراه مصلحة له !

وصديق المصلحة  ، يختلف عن صديق العقيدة ( الآيديولوجيا ) .. والصديق الغادر، أو المتقلب ، يختلف عن الصديق المستقيم ، صاحب الخلق الكريم ،  الذي يحرص على نقاء سمعته ، أكثر من حرصه ، على بعض المصالح الهزيلة .. وهكذا ! والمساواة بين الأصدقاء ، في السياسة ، سذاجة، كالمساواة بين الأعداء !

أمّا تظاهر بعض الأصدقاء ، بأنهم أعداء ، لخداع كلّ منهم ، بعضَ المغفّلين ، من حلفائه وعملائه؛ بقصد الابتزاز والهيمنة ، أو المزيد من الهيمنة .. فهذا ، كلّه من اللعَب السياسية المألوفة ، التي لاتجوز، إلاّ على السذّج والمغفلين والحمقى ، الذين ينساقون وراء التصريحات ، ويغفلون ، عن أصول المصالح ، والعلاقات يين الدول !

وسوم: العدد 859