إسرائيل عدو لدود للعرب والمسلمين

أعرف أن العنوان سيدفع كثيرين إلى التساؤل الفوري : " وهل في هذا شك ؟! " ، وما دعاني إليه هو ما يحدث بين العرب خاصة الذين انتهى بعضهم إلى أن إسرائيل ليست عدوا ، وأن ما اظهروه سابقا تجاهها من عداء ولو لم يتعد اللسان كان خطأ يجب أن يسارعوا إلى التبرؤ منه ، وأن إسرائيل يمكن أن تكون صديقا نافعا في التكنولوجيا والاستخبارات والتطور الاقتصادي ، وحليفا لمواجهة خطر عدو جديد اكتشفه بعضهم صدفة ، مثل النظام السعودي والنظام الإماراتي ، وهو إيران . المشروع الصهيوني اختلق أصلا ليكون معيقا للنهوض العربي والإسلامي ، وهو جزء من المخطط الغربي على درب هذا الهدف ، وهو ، الصهيوني ، مشروع توسعي ، ولن يكتفي باغتصاب الأرض الفلسطينية ، وخريطة إسرائيل المستقبلية  تحدد هذا التوسع حيث يظهر شمالي بلاد الحرمين جزءا من هذه الخريطة ، ودولة يهودية بين النيل والفرات هدف يجري العمل له بكل جدية وثقة ، وهو أحد مكونات عداء إيران لإسرائيل . ماذا سيحدث لإيران عندما تجاورها دولة يهودية ؟ إيران  تعرف  الإجابة . وكل عربي وكل مسلم يجب أن يقرأ باهتمام وشعور بالخطر ما قاله نتنياهو منذ أيام  في الحفل السنوي في مقر الأمن العام الإسرائيلي ( الشاباك ) من أن غاية إسرائيل " الكبرى " التغلب على التهديد الإيراني التقليدي ، أي الحرب التقليدية ، والإرهابي ، أي العمل مع محور المقاومة العربية ، والنووي ، أي احتمال صناعة إيران لسلاح نووي يوازن السلاح النووي الإسرائيلي في معادلة ردع متبادل ؛ مثلما تغلبت على تهديد القومية العربية الذي تواصل  منذ 1948 ، وأصابته هزيمة 1967 بالصدمة ، ثم أخذ يتراجع ويتواضع منذ 1979 بتوقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل . إسرائيل ، وهي جزء من الغرب الاستعماري ، تعرف عدوها ، وهو العرب والمسلمون ، وتعرف أن كل ما يبديه نحوها النظام العربي من مسالمة وتودد لا تشاركه فيه الشعوب العربية ، وأن هذه الشعوب  تتربص بها أي مرحلة ضعف للانقضاض عليها ، وأنه من القليل جدا وجود مواطن عربي أو مسلم لا يتمنى اختفاءها . ولمعرفتها هذه فإنها لا تكف عن التخريب والتمزيق في الدول العربية  والإسلامية متآزرة مع أميركا وبقية الدول الغربية مثل بريطانيا وفرنسا . وهي لم تستطع التغلب على القومية العربية إلا بالتعاون مع الغرب خاصة أميركا . لولا الضغط الأميركي الكبير على مصر ما وقعت مع إسرائيل معاهدة سلام ، فالسادات أراد هذه المعاهدة بعد 25 عاما من اتفاق إنهاء الحرب بين الدولتين ، ولولا الضغط الأميركي ما وافقت مصر على  المادة السادسة من هذه المعاهدة التي تبطل أي معاهدة لمصر مع أي دولة أخرى في حال التعارض بين المعاهدتين . ولولا أميركا ا ما دمر العراق وزال خطره على إسرائيل ، وما وقعت سوريا في بلائها الحالي . و " العنتريات " الإسرائيلية القائمة الآن على إيران تعززها أميركا  ، والتهافت الخليجي على إيران وراءه الإرادة والهيمنة الأميركية الطاغية على هذه الدول . وإذ يتطلع نتنياهو للتغلب على التهديد الإيراني لا يفارق باله الفعل الأميركي في هذا التغلب المأمول ، و " الازدهار الدبلوماسي والاقتصادي والعملياتي والعسكري الذي لا مثيل له " الذي تفاخر به في مقر قيادة الشاباك لأميركا القسط الأكبر فيه ، وإلا كيف يحدث هذا الازدهار المتنوع في دولة يتهرب 30 % من شبانها من التجنيد العسكري بأعذار نفسية ، ويتجنب كثيرون منهم الالتحاق بالوحدات المقاتلة ؟! وكيف لا تزدهر دولة صغيرة مثل إسرائيل تنال من أميركا 3 مليارات و300 مليون دولارا سنويا ؟! وتحدث كيف تحب عن الحماية الدبلوماسية الهائلة الأميركية لهذه الدولة !  بعد عدوان 1956 البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على مصر كتب موشيه ديان الذي كان رئيس أركان حرب الجيش الإسرائيلي في مذكراته عن ذلك العدوان أن دور إسرائيل فيه يشبه ما يفعله سائق دراجة حين  يتعلق بمؤخر شاحنة ليصعد تلا ، وما زال هذا هو حال إسرائيل الذي لا تنفيه كل مظاهر قوتها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية . البلدوزر الأميركي يزيل العقبات ويمهد الطريق ، ويتبعه الجيب الإسرائيلي . اختار الغرب لليهود أتعس مصير حين أعانهم على اغتصاب الأرض الفلسطينية ، وأغراهم بمعاداة الحضارة العربية الإسلامية ضمن عدائه لها ، وهم إذ يعملون على التغلب على التهديد الإيراني بالتضافر مع الغرب ؛ صنفت دولتهم منذ أيام تركيا تهديدا لها ، والتصنيف له خلفية . إنه جزء من التهديد الغربي الكامن والمستقبلي لتركيا التي يعدونها مغتصبة لهضبة الأناضول موطن الدولة الرومانية الشرقية ، وانها يجب أن تتحرر يوما من الأتراك ، وأن المشروع الصهيوني جزء ومرحلة من هذا التحرير، وهذه حقيقة إسرائيل : عدو لدود للعرب والمسلمين ، ومن لا يعاملها منهم وفق هذه الحقيقة ويتقرب إليها يجب تصنيفه جزءا من هذه العداوة .   

وسوم: العدد 860