هل يُفلح كرونا بما عجزَ عنه الآخرون في الملف السوريّ؟

و الملفُّ السوريّ يتخطّى عتبته التاسعة، اجتاح العالم ما يمكن أن يُسمّى إعصار كرونا، و كان من الدول التي اجتاحها: الصين، إيران، و روسيا، كدول متدخِّلة بشكل مسيء في هذا الملفّ.

ربما يكون الحديث عن الصين أو روسيا ثانويًّا، قياسًا بما أصاب إيران، التي صرح رئيسها روحاني، أنّ بلاده باتتْ عاجزة عن شراء اللقاحات الضرورية، في سعيها للتصديّ لهذه الجائحة التي اجتاحتها بشكل خرجت فيه الأمور عن السيطرة.

إزاء ذلك يقف المراقبون موقف المتعجّب، من الدور الذي ما تزال إيران تصرّ على المضيّ فيه، في تعاملها مع ملفات المنطقة، كسورية، العراق، لبنان، و اليمن.

فهي ما تزال تدفع بحشودها في منطقة إدلب، حيث أشارت تقارير عدة، عن قيامها يوم السبت: 21/ 3/ الجاري، بتحشيد المزيد من مليشياتها نحو إدلب، لإفشال البرتوكول الإضافي الذي توصّلت إليه تركيا مع روسيا في السادس من شهر آذار الجاري، من أجل التوصل إلى هدنة، ربما تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار في المنطقة.

و حتى إنّها ما تزال تفرض نوعًا من التعامل الانكاريّ، على النظام في التعامل مع هذا الوباء، الذي صنفته منظمة الصحة العالمية كوباء عالميّ، بعد اجتياحه ثلاث من قارات العالم الست.

فوزارة الصحة في دمشق ما تزال متمسّكة بروايتها، بخلو المناطق التي تتبع لها من هذا الفيروس، و بأنّ تشكيلات الجيش العربيّ السوريّ قد استطاعت أن تقضي عليه، بعد ان تمكّنت من بسط سيطرتها على مناطق شاسعة في شمال غرب سورية، عقب التصعيد العسكريّ الأخير.

و مع ذلك فقد أوعزت وزارة الدفاع إلى مؤسساتها، بإيقاف سوق العسكريين المطلوبين للخدمة الإلزامية و الاحتياطية إلى: 22/4/ القادم، كإجراء احترازيّ للتصدّي لهذا الفيروس الخطير.

علمًا أنّ تقارير منظمة الصحة العالمية، تتخوّف من انفجار شامل قد يصيب سورية، بعد أن أخذت التقارير تشير إلى أنّ هذا الفيروس منتشرٌ بشكل أكبر ممّا تذكره التقارير الرسميّة السورية، و لاسيّما في المناطق التي يكون فيها الاختلاط مع الوافدين من إيران.

فعلى الرغم من أنّه حتى الساعة لم يتم الإعلان رسميًا عن أية إصابة في سورية، على ضفتي النظام والمعارضة، رغم الوضع السيئ في الجهتين، إلَّا أنّ الإصابات في الشمال لوحده قد تتخطى المليون، بحسب تقرير أعدته صحيفة نيويورك تايمز، فإنّه نقلًا عن أطباء التقتهم، هناك حوالي مليون قد يصابون بالفيروس في محافظة إدلب لوحدها، وإنّ حوالي 100 إلى 120 ألف منهم سيموتون، وإنّ 10 آلاف سيحتاجون المساعدة بأجهزة التنفس، لافتة إلى أنّه لا يوجد هناك سوى 153 جهاز تنفس.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ هناك مليون نازح يعيشون في شمال غرب سورية، في خيام مقامة على الطين أو بنايات مهجورة، لافتة إلى أنّ انتشار وباء كورونا، قد يتسبب بكوارث في المنطقة المدمرة أصلًا.

وذكرت نقلًا عن أطباء سوريين، يعتقدون أنّ الفيروس قد دخل إلى المخيمات، حيث الوفيات والأمراض تحمل سمات التفشي، لكن ردة الفعل الدوليّ كانت بطيئة أو منعدمة، فبحسب أكثر من 12 خبيرًا وطبيبًا سوريًا، مشيرة إلى أنّ منظمة الصحة العالمية، لم توصل معدات الفحص اللازمة، إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، على الرغم من أنها أوصلت أول دفعة للحكومة السورية قبل أكثر من شهر.

و قد أصدرت نقابة "أطباء الشمال المحرّر" بيانًا أكدت فيه إغلاق المدارس والجامعات التي لا تزال مفتوحة، وإغلاق المقاهي والمطاعم باستثناء شراء الوجبات لتناولها خارج المطاعم، وإيقاف صلاة الجماعة والزيارات الاجتماعية، والسفر غير الضروري.

بدورها قالت مسؤولة الشؤون السياسية في الأمم المتحدة روزماري ديكارلو لـ "رويترز": " إنها سمعت من مصادر على الأرض عن احتمال أن يترك فيروس كورونا أثراً مدمرًا في سورية ".

إنّ ما سبق من الحديث ليضع الجميع أمام مسؤولياتهم، و لاسيّما النظام بالدرجة الأولى، و من ثم الدول المتدخّلة في الملف السوريّ، لوقفة أخلاقية و إنسانية، برفع اليد عن الزناد، و حمل الأطراف جميعها للجلوس على طاولة واحدة، من أجل البحث في حلول تفضي إلى وضع حدّ لهذه الأزمة، التي دخلت سنتها العاشرة قبيل أيام قليلة، و ذلك قبل أن يجتاح عموم الأراضي السورية هذا الإعصار، الذي سيجعل الجميع عاجزين في التعامل مع ضرورات المصلحة الوطنية ببعدها الإنسانيّ و الأخلاقيّ.

وسوم: العدد 869