أَهْلُ ألحَلِّ والعَقْدِ - ج2

د. حامد بن أحمد الرفاعي

في الرِسَالَةِ السَابِقَةِ.. سَألَ المِسْتِرُ لورين كرنر :" هَلْ قَرَارَاتُ أهْلِ الحَلِّ والعَقْدِ مُلْزِمَةٌ ..؟ قُلتُ: القَرَارَاتُ في نِظَامِ الإسْلامِ نَوْعَان:

قَرَارَاتٌ تَتَعلَقُ بِثَوابِتِ الشَرِيِعَةِ الإسْلَاميَّةِ.. وَهَذَا النُوْعُ مِنَ القَرَارَاتِ مُلْزِمٌ عَلَى الإطْلَاقِ لِلأُمَةِ بِكَامِلِها (وليُّ الأمرِ والشعبُ مَعَاً).قَرَارَاتٌ تَتَعلقُ بِالمَسَائِلِ الاجْتِهَاديَّةِ. وَلِلعُلَمَاءِ بِشَأنِها رَأيَان.. مِنْهُم مَنْ يَرَى أنَّهَا مُلْزِمَةٌ.. وَالآخَرُ يَرَى أنَّهَا غَيْرُ مُلْزِمَةٍ...وَبَعْدَ التَقَصْي, وَجَدتُ أنَّها لَيْسَت مُلْزِمَةٌ عَلَى الإطْلَاقِ.. فَلِوَليِّ الأمْرِ بِشَأنِها حَقُ التَرّجِيحِ بَيْنَها وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنَ الاجْتِهَادَاتِ, وله كَذَلِكَ حَقُ التَعْدِيلِ, وحَقُ التَأجِيلِ , وِفْقَ مُقْتَضَيَاتِ المَصَلَحَةِ العُليَا لِلأمَةِ.. قَالَ: " مَاذَا تَقْصِدُ بِحَقِ التَرّْجِيحِ ..؟ " قُلتُ: مِنْ حَيثُ الإجراءُ يُقَابِلُ مَا تُسَمْونَهُ عِنْدَكُم حَقَ "الفيتو", وَلكِنْ مَعَ الفَارِقِ.. قَالَ:" وَمَا هُو الفَارِقُ..؟" قُلتُ :فَارِقٌ أخْلَاقِيٌّ وآخَرُ حَضَارِيٌّ.. فمَن حَيْثُ أنَّه أخْلَاقِيٌّ وحَضَارِيٌّ: فَذاكَ بِسَبَبِ أنَّ عبارةَ: "تَرّجِيحٌ" فِيها إشَارَةٌ إلى المُوافَقَةِ عَلَى جَميعِ الاجْتِهَاداتِ ,ولَكنْ وَقَعَ الاخْتِيارُ عَلَى الأنْسَبِ لِحَالَةِ الأمَةِ علَى كَافَةِ المُسْتَويَاتِ.. بَيْنَمَا عِبَارَةُ:(حَقُ النَقْضِ), فَفِيها قَسْوَةٌ فِي الاعتِرَاضِ.. وَعَلَى أيِّ حَالٍ نَحْنُ العَرَبَ نُقولُ: لا مُشَّاحَةَ فِي الاصْطِلَاحِ.. فَقَالَت مُسَاعِدةُ مِستر لورين: " ولَكِنْ لِمَاذَا تُصِرُّون عَلَى اسْتِمرَارِ العِلاقَةِ بَيْنَ الدِينِ وَالدَوْلَةِ..؟ " قُلتُ: إنَّني أتفّهَمُ خَلفيَّةَ سُؤالكِ المُقدّرِ.. لَقد كَانَت لَكُم مُشْكِلَةٌ كُبرى مَعَ تَعَالِيمِ الكَنِيسَةِ.. أمَّا نَحْنُ فَلَنَا مَعَ تَعَاليمِ الإسْلَامِ مُشكِلَةٌ مِنْ نُوعٍ آخرَ.. فَقَالَت مُتَلهِفةً:" وَمَا هَي  مِنْ فَضلِكَ ..؟ قُلتُ: إنَّنَا- لِلأسفِ- دُوْنَ مُستَوى تَعَالِيمِ الإسْلامِ وَحَوافزِه في الحَثِّ علِى العِلْمِ ,وعلَى البَحَثِ والابْتِكَارِ والإبْدَاعِ. قَالَ مستر لورين:  شُكراً بروفيسور رفاعي.. لَقد استفدنَا كَثيراً.. وهذا مِمَّا يُشجِّعُنَا أنْ نَسَألَ المَزيدَ.. وَدَخلنَا في حِوارٍ مُطولٍ لِمُدةِ سَاعتينِ وَنَيَّف.. فَمَنْ يَرغبُ في الاطْلَاِع فليتفضل بِمُراجعةِ كِتَابي (العَقْدُ الاجْتِمَاعيُّ مُنْتَجٌ إسْلَاميٌّ).

وسوم: العدد 886