التَدَّافعُ الحضاريُّ

التدافع:مصطلح قرآني فريد غير مسبوق في التراث اللُّغوي البشريِّ.. وقد ورد هذا المصطلح في القرآن مرتين..مرة بشأن حماية معابد أهل الأديَّان كما في قوله تعالى: " وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا "والمرة الثانيَّة بشأن صرف الفساد عن الأرض بعامة كما في قوله تعالى : " وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ " مما يؤكد:

  1. أنَّ مقاومة الخوف والرعب والذعر والدمار من غايات ومقاصد الإسلام.
  2. وأنَّ مقاومة الفساد والإفساد في الأرض مهمة بشريَّة جماعيَّة.

والتدافع يعني:أيَّ فعل تعاونيَّ بين قوى وفعاليات بشريَّة لمواجهة المخاطر والتحديات بعامة .. والتدافع ليس نمطاً واحداُ .. بل هو أنماط متنوعة تتغير وتتبدل تبعاً للمصالح .. والتدافع لا يشترط التجانس بين الأعضاء المتحالفين من أجل المساهمة في أيِّ حركة تدافع ما .. فالشرط والمبرر الشرعي والقانوني الوحيد المطلوب : هو أن تتيَّقنَ للمتحالفين حقيقة المخاطر التي تهدد سيادة وأمن ومصالح كُلٍ منهم..والمجتمعات البشريُّة اليوم إقليميًّا وعالميًّا تجتاحها حركات من الفساد والإفساد..ممَّا يُهدِّدُ قُدسيَّة حياة الإنسان وكرامته وحريَّته ومصالحه..وممَّا يُهدِّدُ سلامة البيئة ويُدمِّرُ كُلَّ مقومات الاستقرار والتنمية والنماء في ربوعها..وهذا الأمر الخطير والخطب الجلل يتطلب : تحالفاً وتعاضداً وتعاوناً بين قوى الخير والصلاح من كُلِّ ملل الأرض السياسيَّة منها والفكريَّة والدينيَّة والثقافيَّة .. من أجل إفشال فعل مخططات وممارسات أهل الشر .. ومن أجل تطهير الأرض من شرور فسادهم وإفسادهم..ومن أجل تحقيق هذه الغاية النبيلة الجليلة .. شرَّع رَبُ النَّاس للنَّاس على اختلاف انتماءاتهم الدينيَّة والثقافيّة والسياسيَّة قاعدة التدافع .. والمملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ وهي اليوم الأنموذجُ السياسيُّ الإنسانيُّ الحضاريُّ الآمنُ في الأرض .. لهي جديرةٌ ومؤهلةٌ لتتولى ريادة حركة تدافع بين القوى العالميَّة لصرف الفساد والإفساد عن المجتمعات..وهي جديرة ومؤهلة لتقود مبادرة لحشد الفعاليَّات الدينيَّة والفكريَّة والثقافيَّة والسيَّاسيَّة والفلسفيَّة العالميَّة .. من أجل بلورة منطلقات وقواعد وكليَّات قيميَّة جامعة ربانيِّة وبشريِّة .. تصلح لتكون أساساً لإقامة نظام عالميٍّ متوازنٍ عادلٍ راشد .. يُلبي توجهات أجيال المجتمعات البشريَّة وطموحاتهم وآمالهم..وينهي حالات الرهب والرعب والذعر التي تغشى الأرض وتدمر كلَّ مقومات الحياة الآمنة..أما كيف .. ؟ فهذا من مسؤوليات ولاة الأمر وأولي الفكر والنُهى سلمهم الله جميعاً.

وسوم: العدد 888