آلامُ جِلّق : بين طمع الغريب .. وحيرة القريب !

مَن أراد الدقّة ، فليضَع جلّق ، بين أضلاع المثلث ، فيقول : آلامُ جلّق : بين بطولة الاحرار، وسذاجة الأغرار، وخيانة الأشرار ! 

قال الشاعر الشامي ، خير الدين الزركلي : 

 ماكان مِن ألمٍ بجِلقَ نازلٍ    واريْ الزِناد ، فزَنْدُه بيْ وارِ! 

وقال الشاعر المصري ، أحمد شوقي : 

قُمْ ناجٍ جِلّقَ ، وانشُد رَسْمَ مَن بانُوا     مَشَتْ على الرَسْمِ أحداثٌ وأزمانُ 

هذا الأديمُ كتابٌ ، لا كِفاءَ له              رَثُّ الصَحائفِ ، باقٍ منه عِنوانُ 

 وقال الشاعر السوري ، بَدوي الجَبَل : 

لا الغُوطتانِ ، ولا الشَبابُ    أدعو هَوايَ ، فلا أُجابُ 

                               * 

لسنا نتفجّع بهذا الشعر، على جِلّقَ ، وهامَتِها ، وغُوطتِها ..! 

لسنا نتفجّع ، بالشعر، هنا ، على جِلّقَ وأهلها   ، وغُوطتها ، وهامتها .. وفي الشعر رُدهَة خاصّة للتفجّع ، وربّما كان فيه ، ميدانٌ خاصّ واسع ، للتوجّع والتفَجّع ! أقول: لسنا ، هنا ، للتفجّع والتوجّع ، على جلّقّ ، وما فيها، ومَن فيها ؛ بل نحن هنا لنسأ ل:  

لمَ جَرى ، في جِلّق ، وبجلّق ، ماجرى ؟ ولا نقول ، على أيدي الأجانب الأعداء ، من فرنسيين ، وغيرهم .. بل ؛ على أيدي أهل جلّق ، أنفسِهم ، والمَنسوبين إلى جلّق ، والمَحسوبين على جلّق !  

وجلّق ، هنا ، تعني : الشام ،  كلّ الشام ، بمَن فيها ، ومافيها ! 

نقول : نقف لنسأل : ماذا حصل بجلّق ، وفي جلّق !؟ 

ولن نسأل الذين حكَموا جلّقَ ، بزعم الانتماء إليها ، وبحجّة كونهم مواطنين فيها ، ومَن أهلها .. وهي لاتعرفهم ، ولا تَعرف مِن أين وفدوا إليها : مِن أيّة قارّة ، أو مِن أيّ كوكب ! 

بل نقف ، لنسأل أهلَ جلّق، أنفسَهم! وما أحسبنا ننتظر الإجابة ؛ فنحن نعرف الإجابات الأربع: 

إجابة الأبطال الأحرار ، الذين دافعوا بكل مايستطيعون عن بلادهم ، وجاهدوا في ذلك ، جهاداً تعجز الأساطير، عن تدوين مثلِه ! 

وأجابة السذّج الأغرار، الذين خُدعوا ، أو يزعمون أنهم خُدعوا ، بالوعود الزائفة ، التي قدّمها أعداء جلّق ، الذين نَصبوا أنفسهم حكاماً عليها ، كما خُدعوا  بضمانات أعداء جلّق ، القادمين من وراء الحدود ، لحماية الحكّام من السقوط ، تحت ضربات الأبطال الأحرار ! 

أمّا إجابة المنافقين الأشرار، الذين تآمروا مع العدوّ الحاكم ، لإسقاط بلدهم بين يديه، فمعروفة ، كذلك ، يعرفها أصحابها .. وقد عرفها ، لاحقاً ، أبناء جلّق ، جميعاً ! 

ونحسب كلّ عاقل ، يتوقّع إجابة الأبرياء الأبرار، من أطفال وغيرهم ؛  فهي ببساطة، كما يلي : نحن وقعنا ، ضحايا العبث الدامي ، بين الحكّام الفجّار ، وعملائهم الأشرار .. وبين السذّج الأغرار! 

فليتفجّع الشعراء  ، على جلّق ، كما يريدون ، لكن ليَتركوا مساحة ، لضربات الأحرار ، ليُعيدوا جلّق إلى أهلها ، وإلى ماكانت عليه ، من زهو وشموخ وبهاء! 

وسوم: العدد 892