منوعات فؤاد البنا 902

الطاغية (العربي)!

يريد الطاغية العربي أن يُسخر كل أبواب (النحو) لصالحه، فيبقى في أبواب (المدح) و(الوصف)، أما (الهجاء) و(الذم) فلا محل لهما من الإعراب في التعامل معه، حيث يقوم بصرفهما نحو خصومه ضمن حملة شيطنتهم، ولا يزال هو (المضارع) ويجتهد في بقاء (الأمر) له وحده من دون الناس، بينما يمتن عليهم بمنحة التغني ب(الماضي)، وتتركز سياسته في(رفع) من يشاء و(خفض) من يريد!

يريد الطاغية العربي أن يبقى هو (المبتدأ والخبر)، وأن يندمج في الوطن ليصبح هو (الحال)، ولا يحب أن يرى في قومه (فاعلا مرفوعا) غيره، ويسعى لأن يبقى الجميع (مكسورين) منكسرين، وعلى الأقل (مفعولين منصوبين)، ويود أن (يضيف) الشعب إليه، إذ يرى أن أفراده مجرد (حروف زائدة) لا محل لها من الإعراب، ومن يرفض هذا التقعيد فإنه يقوم ب(جَرّه) بكل حروف العَسْف والبطش والتنكيل!

************************************

الوسائل أوعية للقيم

إن الآليات مهمة جدا في تحقيق الأهداف، وهي تتطور بقوة في هذا الزمان، مما يوجب على من يهمهم الأمر أن يختاروا أنجعها في تحقيق الأهداف، لكن الآليات مهما كانت كفاءتها تظل مجرد وسائل، وإن لم تُسكب فيها مضامين القيم والأخلاق فإنها تكون قد فقدت قيمتها.

ومن هنا فإننا إن أردنا تحقيق الوحدة بين مجموعة من التيارات المتنافرة والكيانات المتباينة؛ فإن علينا أن نختار أفضل النظم لتحقيق الاتحاد.

وفي هذا السياق يقدم بعضهم (الفيدرالية) كحل سحري لاستيعاب كافة التباينات بينما يَعدّها بعضهم طريقة للتفرق والاحتراب!

ولست ممن يتشيعون للوسائل والآليات ولكن يجب انتقاء أفضلها، وأهم من ذلك القيام بملئها بالقيم الضرورية لتحقيق مرادها.

ويمكن القول إنه إن وجد الميزان الذي يُجسد قيمة القسط، ووجد الحديد الذي يحمي موازين العدل؛ فكل صورة من صور (الفيدرالية) تصبح صالحة للتطبيق مهما كان شكلها، وبدون ذلك ستكون الطريق سالكة نحو التشظي حتى ولو كانت الوحدة اندماجية!

************************************

اهتمام الديمقراطيين بالأقليات في أمريكا

أثبتت الانتخابات الأمريكية أن الحزب الديمقراطي يحاول أن يبرز اهتمامه بالأقليات، من خلال ترشيح بعض المنتمين إليها لمناصب رفيعة، كما فعل في ترشيح باراك أوباما للرئاسة وهو من الاقلية السوداء التي تنحدر من أصول إفريقية، أما في هذه الانتخابات فقد تم حجز الرئاسة بالكامل لصالح الأقليات، فمن  الناحية الدينية لا ينتمي بايدن إلى الأكثرية البروتستانتية وإنما إلى الأقلية الكاثوليكية، ومن الناحية العرقية فإن نائبته كامالا هاريس لا تنتمي إلى الأقلية البيضاء، بل تنحدر من أصول هندية إفريقية، بجانب أنها أول امرأة تصل إلى هذه المكانة المرموقة، وكان قد حاول إيصال امرأة إلى سدة الرئاسة في الانتخابات السابقة بترشيحه لهيلاري كلينتون والتي خسرت أمام ترامب.

فهل يطمع العرب والمسلمون أن يصل بعضهم إلى سدة الحكم في أقوى ديمقراطيات العالم؟ وهل ينطبق على الأقليات المسلمة ما ينطبق على بقية الأقليات؟! ولماذا لا يوجد تمثيل للمسلمين في مقامات السلطة التراتبية بطريقة تتناسب مع عددهم الكبير هناك؟ وما الذي يملكه اليهود ولا يوجد عند المسلمين؟

وسوم: العدد 902