حصار الطائف

هذا_الحبيب "٢٣٤ "

السيرة النبوية العطرة

هربت {{ هوازن}} ومعهم قائدهم {{ مالك بن عوف}} الى مدينة {{ الطائف }} الحصينة بعد هزيمة حنين

واتجه النبي صلى الله عليه وسلم  لتتبع هوازن، حتى يقابلهم في معركة فاصلة

و {{ الطائف}} هي المدينة التي ذهب اليها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة من الهجرة

ومعه  {{ زيد بن حارثة}} ليعرض عليهم الإسلام، ولكنهم

رفضوا الإسلام وطردوه وأغروا به سفهائهم وأمطروه بوابل من الحجارة والسباب

في ذلك الوقت قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة

{{ يا زيد ، إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا ، وإن الله ناصر دينه ، ومظهر نبيه }}

______________________________

وصل النبي صلى الله عليه وسلم  الى الطائف، والمسلمون يتوقعون معركة هائلة بين هذا التجمع الضخم بين الجيشين والذي لم تشهد الجزيرة العربية مثيلا له من قبل

ولكن كانت المفاجأة

أن تجمعت قبائل {{ هوازن}} و رفضت الخروج لقتال المسلمين، واختاروا أن يمكثوا في حصونهم دون قتال

بالرغم من أن أعدادهم أكثر من ضعف عدد المسلمين

وبالرغم من أن {{ نسائهم ، وأبنائهم  ، وأموالهم }} في أيدي المسلمين

وبرغم ذلك خافوا وجبنوا من الخروج لحرب المسلمين لانقاذ نسائهم وأبنائهم وأموالهم، وكان ذلك خزيا كبيرا لهوازن، وهزيمة جديدة لهم

______________________________

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم  بحصار {{ هوازن }}

وكان حصن هوازن هو أمنع حصون الجزيرة

وبدأت {{ هوازن }} في اطلاق السهام بكثافة شديدة

يقول أحد الصحابة  {{ مثل الجراد}}  بينما لم تكن سهام المسلمين تصل اليهم، وأصيب عدد كبير من المسلمين

فقرر النبي صلى الله عليه وسلم  تغيير مكان الجيش ودعا الخبير الإستراتيجي {{ الحباب بن المنذر }} رضي الله عنه

تذكرون هذا الاسم

{{ الحباب }}

الذي اشار على النبي صلى الله عليه وسلم

بتغيير مكان الجيش في {{ بدر }}فكان ذلك سببا من اسباب النصر

واشار على النبي صلى الله عليه وسلم  بتغيير مكان معسكر المسلمين أثناء حصارهم لحصن {{ ناعم}}  في {{ خيبر}}

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ يا حباب انظر مكاناً مرتفعا مستأخرا عن القوم 

فانطلق {{ الحباب}} حتى انتهى الى موضع هو الآن مكان مسجد الطائف، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتحول الجيش الى هذا المكان

__________________________

واحتاج المسلمون لتدمير الأسوار الى المنجنيق، وقد عرفوا {{ المنجنيق}} من قبل

وذلك أثناء حصار {{ خيبر}}  ولكن لم يكن معهم منجنيق

فقرروا صناعة منجنيق، وبالفعل صنعوا منجنيق تحت اشراف {{ سلمان الفارسي }}

كما صنعوا {{ دبابة }} خشبية لأول مرة

[[وهي عبارة عن غرفة صغيرة مصنوعة من الخشب الصلب  لها عجلات، يختبأ عدد من الجنود تحتها، ويدفعوها وهم بداخلها، حتى يلتصقوا بالسور، ثم يعملون بواسطة آلات الحفر الحديدية على هدم حجارة السور، من المكان الذي أضعفته حجارة المنجنيق، وكلما هدموا  جزء وضعوا له دعائم خشبية حتى لا ينهار السور عليهم، حتى اذا فرغوا من عمل فجوة متسعة، دهنوا الأخشاب بشيء من الزيوت، ثم اشعلوا النيران وانسحبوا بالدبابة، فاذا احترقت الأخشاب انهار السور مرة واحدة، تاركا فتحة كبيرة صالحة للإقتحام منها ]]

___________________________

وبالفعل بدأ المسلمون في قذف أسوار الطائف بالمنجنيق وسار عدد من الجنود تحت الدبابة الخشبية، واستطاع المسلمون كسر جزء من السور

كاد المسلمون يدخلون داخل أسوار الطائف، ولكن {{هوازن}} فاجئت المسلمين بالقاء الحسك الشائك المُحمَّى في النار

[[ وهو عبارة عن أشواك حديدية ضخمة على هيئة صليب يحمى عليها في النار ثم تلقى ]]

فأصيب المسلمون اصابات بالغة ولم يستطيعوا التقدم في اتجاه الحصن

___________________________

ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ان ينادي أصحابه على هوزان

ان أي عبد من العبيد يخرج الى المسلمين فهو حر

فأخذ الصحابة ينادون

{{ أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر }}

وكان الهدف من ذلك هو حرمان {{ هوازن}} من طاقة هؤلاء العبيد

والحصول على معلومات عسكرية من داخل الحصن

وبالفعل بدء العبيد يفرون من الحصن وينضموا للمسملين، ووصل عددهم الى {{ ٢٣ }} من العبيد

ولكن شددت {{ هوازن }} الحراسة ومنعت هروب العبيد

وبدء النبي صلى الله عليه وسلم يستجوب هؤلاء العبيد، وعلم منهم أن داخل {{ الطائف }} طعام وشراب يكفيان أهلها لمدة سنة على الأقل

________________________

واستمر حصار الطائف {{ ٤٠ }} يوم

استشهد فيها عدد من الصحابة ، وجرح عدد كبير منهم 

وقرر النبي صلى الله عليه وسلم  في رفع الحصار عن الطائف والعودة 

واستشار في ذلك بعض الصحابة

وكان ممن استشارهم صلى الله عليه وسلم

{{ نوفل بن معاوية الديلمي}}

تذكرون هذا الاسم

هو الذي قاد {{ بنو بكر}} في الاعتداء على {{ خزاعة}} منذ ثلاثة اشهر فقط

وقتل منهم داخل الحرم

وقال له أصحابه: يا نوفل، إلهك إلهك

فرد عليهم  لا إله لكم اليوم، وكانت هذه الحادثة السبب في فتح مكة

فبعد كل هذا التاريخ الأسود مع المسلمين

فان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويستشيره

وسنجد أنه سيأخذ بمشورته، و كان هذا من حكمته صلوات ربي وسلامه عليه ،  أن يتألف القلوب وينزل الناس منازلهم، ويستفيد منهم لصالح المسلمين

يقول نوفل بن معاوية:

- يا رسول الله، هم ثعلب في جحر ، إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك

[[ وصف ثقيف بالثعالب لأنهم كانوا معرفون بين العرب بالمكر، ومعنى {{أن أقمت عليه أخذته}} يعني لو صبر المسلمون على الحصار، فسيفتحوا الحصن، ولكن ترك الحصن ليس فيه أي ضرر على المسلمين  لأن {{ هوازن}} قد انكسرت شوكتها، وانعدم خطرها، ولن تقوم لهم قائمة بعد اليوم ]]

_______________________

وقرر النبي صلى الله عليه وسلم رفع الحصار

وأمر {{ عمر بن الخطاب}} فاذن في الناس بالرحيل

فقال بعض الصحابة :_  نرحل ولم يفتح علينا الطائف ؟

فلم يتمسك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، برأيه مثل كل القادة والزعماء في التاريخ كله

فقال لهم :_ فاغدوا على القتال[[ يعني اذا كان الصباح فابدئوا القتال مرة أخرى ]]

فلما جاء الصباح قاتل المسلمون هذا اليوم

واصيب بعض المسلمون ببعض الجروح، فلما انتهى اليوم

قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم :_إنا قافلون غدا إن شاء الله

فقالوا: يا رسول الله، ادع الله على ثقيف

فقال لهم الحبيب :_ نعم ابسطوا أيدكم

فبسط الصحابة ايديهم للدعاء

فرفع يديه صلى الله عليه وسلم وقال {{ اللهم اهد ثقيفا وائت بهم مسلمين }}

سمعتم دعاء نبيكم ؟؟

المبعوث رحمة للعالمين ، الذي جعله الله أسوة لنا الى يوم القيامه

قال تعالى {{  لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}} ولكن لمن ؟؟

{{ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }}

كونوا من هذا الصنف ان شاء الله تعالى

__________________________

واستجاب الله تعالى لدعاء نبيه صلى الله عليه وسلم وأسلمت ثقيف بعد أقل من عام واحد

لأن كل من بقي من القبائل العربية جاء بعد ذلك الى المدينة فبايع النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم

فوجدت {{ هوازن}} أنها لا طاقة لهم بحرب كل من حولهم من العرب، فجاء وفد منهم الى المدينة وأسلم

وحسن اسلامهم بعد ذلك، فبرغم أنهم كانوا آخر العرب اسلاما، فانهم ثبتوا على الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرتدوا كما فعلت بعض القبائل العربية

__________________________

ثم اتجه النبي صلى الله عليه وسلم {{ الجعرانة }} لتقسيم الغنائم

حيث كانت قد ترك جميع غنائم {{ هوازن}} والتي كانت أكبر وأعظم الغنائم في تاريخ العرب قاطبة، وحدثت عند توزيع الغنائم بعض المواقف نتحدث عنها ان شاء الله

يتبع .... 

_____________ #الانوار_المحمدية ________________

___________ صلى الله عليه وسلم _________________

 (( غنائم حنين ))

___________________________

أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعد معركة {{ حنين }} وفرار {{ هوازن}} الى {{ الطائف }} بتجميع الغنائم في وادي {{الجعرانة}} القريب من حنين حتى يفرغ من حرب هوازن

وتوجه صلى الله عليه وسلم

بعد ذلك الى {{ الطائف }} واستمر الحصار {{٤٠ }} يوما كاملا

ولم ينجح المسلمون في فتح الحصن

ثم قرر النبي صلى الله عليه وسلم  رفع الحصار عن الطائف، بعد أن وازن بين مكاسب الحصار وخسائر رفع الحصار

ووجد أن خسائر رفع الحصار أكبر من مكاسب الحصار

توجه بعدها صلى الله عليه وسلم الى وادي {{الجعرانة}} حتى يقوم بتوزيع الغنائم

_________________________

وكانت غنائم {{ حنين }} ضخمة جدا ، بل كانت أكبر وأعظم غنائم في تاريخ العرب قاطب

لأن قبائل {{ هوازن}} قبائل كثيرة جدا

ولأن زعيمهم {{ مالك بن عوف}} أمر بأن يصحبوا معهم نسائهم وأنعامهم وكل أموالهم

وذلك لتحفيز الجيش على القتال حتى الموت

وقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ، عندما علم ذلك قال :_

تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله

وتحقق ما قاله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم  فغنم المسلمون كل هذه الأموال، وكانت كما ذكرنا هي أكبر غنائم في تاريخ العرب

_____________________________

وبلغت غنائم {{ حنين }}

١_ ٢٤ ألف من الأبل

٢_ ٤٠ ألف من الأغنام

٣_ ١٥٠ كيلو جرام من الذهب والفضة

٤_ ٦٠ ألف من السبي

وجلس صلى الله عليه وسلم متأنياً في قسم الغنائم

وهو يرجو أن تأتي {{ هوازن }} مسلمة

لأن جل الاسرى من هوازن

وقلنا أن {{ هوازن }} هي مجموعة قبائل حول الطائف فيها {{ بنو سعد }} الذي استرضع فيهم صلى الله عليه وسلم

و الذين تربى فيهم {{ ٤ سنين }}

ففيهم عماته وخالاته من الرضاعة ، وكان يرجو أن يأتوا مسلمين فلا يقعون بالسبي ، وبنو سعد من كرام العرب فلم يحب أن تسبا نسائهم واولادهم ،ولكنهم تأخروا

فأضطر أن يوزع الغنائم وهذا من شرع الله

__________________________

توزيع الغنائم حسب القاعدة الشرعية في توزيع الغنائم

وكانت القاعدة الشرعية

١_  أن أربعة أخماس الغنائم توزع بالتساوي على الجيش والفارس يأخذ ثلاثة اضعاف الراجل

لأن الفارس ينفق بنفسه على فرسه

٢_الخمس يتصرف فيه رئيس الدولة كما يشاء، فقد يشتري به سلاح، وقد يتم به افتداء الأسرى، وقد يعطي منها لمن كان مميزا في القتال، وقد ينفق على الفقراء والمساكين، وقد يدخل في أي مشروع من مشروعات الدولة

_____________________

فوزع النبي صلى الله عليه الأربعة أخماس على الجيش الذي عدده {{ ١٢ }} ألف

وكان كل جمل يساوي {{ ١٠ }} من الشياه اي الخرفان

فأخذ كل جندي

جملان أو {{ ٢٠ }} من الشياه ،أو جمل و{{ ١٠ }} من الشياه أما السبي فكان البعض يأخذ والبعض لا يأخذ

والذي لا يأخذ يعوض بالفضة، المهم تم تقسيم الأربعة أخماس بالتساوي بين الصحابة

________________________

أما خمس الله ورسوله التي من حق النبي، فقد قرر صلى الله عليه وسلم توزيعها على زعماء القبائل المختلفة

لأن الدولة الإسلامية اتسعت الآن اتساعا كبيرا

والنبي صلى الله عليه وسلم  يعلم أن كثير من القبائل قد دخلت في الإسلام، ولكن لم يدخل الإيمان في قلوبهم

فأراد النبي صلى الله عليه وسلم يألف قلوبهم

لأنهم لو وجدوا أن وضعهم الإجتماعي والمادي قد تحسن في ظل الإسلام

فلاشك أن حبهم وانتمائهم للإسلام ، سيقوى ويترسخ، وهؤلاء هم الذين يطلق عليهم في الإسلام {{ المؤلفة قلوبهم }}

والنبي صلى الله عليه وسلم ، يعلم أن  نظام القبلية المترسخ في الجزيرة العربية منذ قرون

يجعل لقائد القبيلة الكلمة العليا المطلقة في قبيلته ، لذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم ، يشتري رضا هؤلاء الزعماء بالمال

وهؤلاء الزعماء سيؤثرون تأثيرا إيجابيا في أتباعهم، ومن ثَمَّ فهو يشتري استقرار الدعوة الاسلامية

وكان عدد هؤلاء الذين وزع عليهم صلى الله عليه وسلم الخمس يبلغ عددهم حوالي {{ ٥٠ }} من زعماء العرب

_________________________

من هؤلاء الزعماء {{ أبو سفيان}}  زعيم {{ بني أمية }}وزعيم قريش

جاء ابو سفيان الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في وادي {{ الجعرانة}}

وقال وهو ينظر الى هذه الأعداد الهائلة من الغنائم

قال :- يا رسول الله أصبحت أكثر قريش مالاً [[ يقيس الامور بالمال ، مثل بعض العوام اليوم معك قرش بتسوى قرش ما معك ما بتسوى اشي ]]

فتبسم الحبيب المصطفى صلى الله عليه ولم يرد عليه

فقال ابو سفيان :- يا رسول الله اعطني من هذا المال

وكان {{ بلال}} هو المسئول عن توزيع الغنائم

فقال صلى الله عليه وسلم :_ يا بلال زن لأبي سفيان أربعين أوقية من الفضة ، وأعطوه مائة من الإبل

فقال أبو سفيان:_ يا رسول الله ، ما اعظمك واكرمك و أحلمك

و ابني يزيد يا رسول الله [[ وكان له ابن اكبر من معاوية اسمه زيد ]]

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ يا بلال زن له أربعين أوقية ، وأعطوه مائة من الإبل

فقال ابو سفيان :_ يا رسول الله ، ابني معاوية

يا بلال زن له أربعين أوقية ، وأعطوه مائة من الإبل

فذهل أبو سفيان من هذا العطاء

فقال أبو سفيان: - ما أعظم كرمك  ، وما احلمك ، فداك أبي وأمي ، لقد حاربتك، فنِعمَ المحارب كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت

[[ انظر كيف تألف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قلب  أبو سفيان ]]

_____________________________

وحدث نفس الموقف مع {{ حكيم بن حزام}} من أشراف مكة،

وهو قرابة السيدة خديجة وذكرنا ذلك في بداية السيرة [[ تكون السيدة خديجة عمته ]]

ثم نظر النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم

وقال لبلال :_ يا يا بلال اعطي {{حكيم }} مثلما اعطيت ابا سفيان فأعطاه

فقال حكيم :_ ما احلمك واكرمك ، زدني فليس لي ولد مثل ابي سفيان

فأعطاه مائة ثانية، ثم سأله فأعطاه مائة ثالثة

ثم أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلم {{حكيم بن حزام}} ويعلمنا درسا هاما فقال:_

يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة [[ لم يقل إن هذا المال حلواً خضراّ ، لأن المقصود بالمال الدنيا، والدنيا مؤنث ]]

يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة ، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه

ومن أخذه بإشراف نفس وتشوف ، لم يبارك له فيه ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ، واليد العليا خير من اليد السفلى 

فقال حكيم وقد اشرق وجهه وغلبه الايمان  [[ أي علاه النور ]]

قال :_  والذي بعثك بالحق ما أردات إلا أن أسبر المواقف [[ يعني امتحن موقفك ،  بتفرق بينا والا ما بتفرق ]]

فوالذي بعثك بالحق لا أخذ إلا العطاء الاول

فرد {{حكيم بن حزام}} المائة الثانية والثالثة، وأخذ فقط المائة الأولى

وقال:-  والله يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أسأل أحدا بعدك شيئا، ولا آخذ من أحد شيئا بعدك حتى أفارق الدنيا

{{ وبر حكيم بقسمه }}

ففي عهد أبي بكر دعاه {{ أبو بكر}} أكثر من مرة لأخذ عطاء من بيت مال المسلمين فأبى أن يأخذه

وفي عهد {{ عمر بن الخطاب}}  دعاه مرة ثانية إلى أخذ عطاء فأبى أن يأخذه

وظل حكيم كذلك لم يأخذ من أحد شيئا حتى فارق الحياة رضي الله عنه

________________________

وممن تألف قلوبهم صلى الله عليه وسلم هو  {{صفوان بن أمية}}

وقد تحدثنا من قبل عن {{صفوان بن أمية }}وكان سيد قومه، والذي اشترك في {{حنين}}  وهو لا يزال مشركا

وهو الذي طلب المهلة حتى يسلم {{ شهرين}} فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم  اربعة اشهر ، واستعار منه النبي صلى الله عليه وسلم عدة المحارب بالأمس القريب عارية مضمونة

وقد أعطاه مائة من الأبل كما أعطى زعماء مكة

ثم وجده صلى الله عليه وسلم ، ما زال واقفا ينظر الى أحد شعاب {{ حنين }} وقد شد انتباهه شعبا وقد مُلئ إبلاً  وشاة وقد بدت عليه علامات الإنبهار بهذه الكميات الكبيرة من الأنعام

صفوان ينظر إليها بأعجاب ، فقال له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :_ أبا وهب ، أيعجبك هذا الشعب ؟؟

فقال صفوان :_ نعم

فقال :_ هو لك وما فيه

[[هكذا في بساطة وكأنه يتحدث عن جمل أو جملين  ]]

قال صفوان :_ لي ؟!!!!

قال :_ نعم

يقول الصحابة فأشرق وجهه صفوان وقال :_

إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا، ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله

فأسلم صفوان رضي الله عنه وصدق إسلامه

_________________________

وعندما وجد الانصار عطاء النبي صلى الله عليه وسلم  من خمسه لسادة قريش {{ مسلمها وكافرها }} عطاء ليس له حدود

وجدوا في انفسهم [[ اي تأثروا ]]

فقال بعضهم لبعض:_  لقد لقي النبي قومه [[ يعني رجع لاهله وفرح فيهم ]] غفر الله لرسول الله

يعطي قريش ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم بالامس ؟!!!

فلما بلغت هذه المقالة للنبي صلى الله عليه وسلم كان لها أثر في نفسه

وارسل الى {{  سعد بن عبادة }} زعيم الخزرج وهو الباقي من سادة الانصار

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد  :_ يا سعد ما مقالة بلغتني عن قومك ؟؟

قال له: اجل يا رسول الله ان هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظيمة في قبائل العرب، ولم يكن لهذا الحي من الأنصار منها شيء

فقال النبي صلى الله عليه وسلم  له:_  فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ [[ يعني شو موقفك انت ]]

فقال سعد: - ما أنا إلا رجل من قومي !

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ إذن فاجمع لي قومك لا يخالطكم غيركم

فخرج سعد فجمع الأنصار{{ أوس وخزرج }} في شعب لم يدخل فيه إلا انصاري

وأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم  وحده لا يصحبه إلا الصديق {{ ابو بكر }} فحياهم بتحية الاسلام

ثم حمد الله وأثنى عليهم ثم قال:_ يا معشر الأنصار

ألم تكونوا كفارا فهداكم الله بي ؟؟

ألم تكونوا عالة [[ اي فقراء ]] فأغناكم الله بي  ؟؟

ألم تكونوا أعداء فألف الله بين قلوبكم بي ؟ ؟

ثم قال: - ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟

قالوا: - وبماذا نجيبك يا رسول الله ، ولله ولرسوله المن والفضل ؟

قال :_ أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم

قولوا :_ ألم  أتيتنا مكذباً فصدقناك ؟؟

ألم تأتينا مخذولاً فنصرناك ؟؟

ألم تأتينا طريداً فآويناك ؟؟

ألم تأتينا عائلاً فواسيناك ؟؟

فأرتفع صوت الانصار بالبكاء وضج المكان وهم يقولون :_ المنة لله ورسوله يا رسول الله

فقال لهم :_ ما مقالة بلغتني عنكم ووجدة وجدتموها في انفسكم

تقولون :_ لقد لقي محمد اليوم قومه

يا معشر الانصار

أوجدتم في أنفسكم  لعاعة من الدنيا تألفت بها قلوب قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟؟

ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم ؟؟

فقالوا :_

أوفاعل انت يا رسول الله ؟؟؟

[[ وكانوا قد غلبهم الظن ان النبي سيقيم في مكة فقد اصبحت دار اسلام ، وهي مسقط راسه وهي بلد الله الحرام فظنوا ان النبي لن يرجع للمدينة معهم ، ففاجئهم بهذا الخبر المفرح ]]

قالوا :_ أوفاعل انت يا رسول الله ؟؟

قال :_ اجل المحيا محياكم ، والممات مماتكم انت الشعار والناس دثار

[[ الملابس الداخلية التي تلاصق الجسم تسمى شعار لانها تلامس شعر البدن ، اما القميص يسمى دثار انتم الشعار اي انتم اقرب لجلدي انتم اهلي وعشيرتي واحبابي رضي الله عن الانصار وباقي الناس دثار ]]

انتم الشعار والناس دثار ، فوالذي نفس محمد بيده لو سلك الناس قاطبةً شعباً ، وسلك الانصار شعب لسلكت مسلك الانصار  ، و لولا الهجرة لكنت واحدا من الأنصار

ثم بسط يديه وهو يقول :_  اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار

يقول الانصار :_ فظننا انه لن يسكت حتى يعد مئة جيل من الانصار

وبكى صلى الله عليه وسلم

وقال :_ الم اعهد إليكم يوم العقبة {{ الدم الدم والهدم الهدم}} أسالم من سالمتم ، وأحارب من حاربتم

المحيا محياكم ، والممات مماتكم [[ أي سأعيش  ما عشت معكم واذا متت سأدفن بأرضكم ]]

فبكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم

وهم يقولون :_ رضينا برسول الله صلى الله عليه سلم رضينا، رضينا ، خذ ما بأيدينا من اموال واعطيها لاهل مكة

[[ يا الله هنيئا للانصار كان حظهم الأوفى من العطاء ]]

فازوا بالحبيب الاعظم صلى الله عليه وسلم

يتبع إن شاء الله

وسوم: العدد 909