في ضيافة السماء

أُغلقت في وجهه أبواب الأرض فمضى يلتمس مُفترجاً عبر السماء  … ..عذّبوه وأرسلوا إليه السفهاء يصبون عليه أصناف الإيذاء... يمضي مكسور الخاطر والوجدان ، يا لوحشية وجهالة بني الإنسان حين يسلمون قيادهم للشيطان! يتفطر قلبه الرحيم ويأبى أن يُطبق عليهم الأخشبان ... اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ..

 

 ولكن ما العمل ؟! وقد  سُدَّت في وجهه منافذ الأمل .. مات من البشر سنده المادي عمه أبو طالب وانقطع مدده المعنوي برحيل زوجه المخلص الودود وعانده كل الوجود وأصحابه بين محاصر ومهاجر ومطرود تتقطع بهم السبل في البلدان فتأتيه الدعوة ليحل  ضيفا على الرحمن.  ينطلق ممتطيا صهوة البراق يضرب عبر الآفاق ثم يعرج  مخترقا السبع الأطباق إلى حيث لا يصل من البشر أحد .. لا سلطان لأبي جهل هنا.. لا أمية ولا صفوان ولا ابن أبي مُعيط بل ، لا كسرى ولا قيصر كل شيء هنا أعظم وأكبر.. يتضاءل الكون أمام عظمة خالق الكون بل إن الأرض كلّها لتصبح هباءةً ، ذرة طائرة في هذا الفضاء الفسيح …  رحلة نقاهة واستجمام  من مكابدة  عبّاد الأصنام الذين انحدرت بهم الأفهام إلى عبادة قطعة حجر وكذلك هم البشر بلا مصباح هداية يتردّون في دركات الغواية..

 يقف إماماً بالأنبياء وكذلك أمته ستبلغ بالرسالة الأنحاء وسيعلو صوت الأذان في كل مكان… وهو إذ يُحلّق من عَلٍ  تتجلى أمام ناظريه أبعادُ الصورة.. بانوراما كاملة يتقارب فيها الزمان والمكان  ويغدو كل شيء واضحا للعيان. إنها  قصة الصراع الأبدي بين الحق والباطل والكفر والإيمان… تلك مدائن صالح وقومه ثمود وعاد قوم هود وأصحاب الأخدود وأولئك هم أهل مدين وقرى لوط وهناك غير بعيد فرعون والجنود ونار النمرود تغدو على الخليل بردا وسلاما … هذا هو الكليم واقف في حضرة القدوس يرفع اليدين للعظيم بالدعاء   الكون كلّه كتابٌ مفتوح بين يديه يقرأ فيه الخُلاصة : ستبلغ الرسالة ما بَلَغهُ الليل والنهار ..ستكسر الحواجز وينتهي الحصار سينشق لِقَمَرِ البشرِ قمرُ الحجر حتى يستيقن المعاندون أن أمر الله غالب وأن الصباح لاحب وليل الزيف والضلالة والجحود متلاشٍ لا بُدّ أمام شمس اليقين التي سيملأ وهج سناها العالمين ولا يدع هذا الدين  بيت حجر ولا مدر إلا وسيبلغه بعزِّ عزيزٍ أو بِذُلِّ ذليل... عُد إلى سفينة الحقِّ و امضِ بها  أنت ومن معك من المؤمنين تجري بكم في موج كالجبال... لا تخاف دركا ولا تخشى … إنّك بأعيننا قريباً وتستوي على الجوديّ بعد أن ينحسر موج الطغيان .. سننقصُ الأرض من أطرافها وسيعُمُّ في جنباتها السلام .. وسيفرح المؤمنون بنصر الله .. ويبدأ  حينها في الكون فصل جديد…

وسوم: العدد 919