نموذج في الحلم والحكمة والكرم ، وحسن السياسة : هل نرى بين الحكام مثله ، اليوم؟

كان معن بن زائدة ، والياً على إحدي المناطق ، وكان مشهوراً بحلمه وسماحته ! فتراهن بعض الأشخاص ، على أن يغيظوه ، ويخرجوه عن حلمه وحكمته ! فقبل أحدهم الرهان ، وجازف بالقدوم على معن في مجلسه ، ودخل دون أن يلقي السلام ، مبادراً معناً ، بقوله : 

أتَذكرُ؛ إذ لحافكَ جلد شاة     وإذ نَعلاك من جِلد البعيرِ؟ 

فقال معن بهدوء : أجل ، أذكر ذلك ، ولا أنساه ! 

فقال الرجل : فسبحان الذي أعطاك مُلكاً    وعوّدك الجلوس على السريرِ! 

فقال معن : سبحان الله ! 

فقال الرجل : فلستُ مسلّماً ، ماعشتُ ، يوماً    على معن ، بتسليم الأميرِ! 

فقال معن : ياأخا العرب ، السلام سنّة ، فإن شئت فسلّم ، وإن شئت فلا ! 

فقال الرجل : فجُد لي ، يا اينَ ناقصة ، بشيءٍ    فإنّي قد عزمتُ على المَسيرِ! 

فقال معن لحاجبه : أعطه ألف درهم ! 

فقال الرجل : قليل ما أمرتَ به ، وإنّي    لأطمعُ منك بالمال الوفيرِ ! 

فقال معن : ياغلام ، أعطه مثلها ! 

فبُهت  الرجل ، وقال : أيّها الأمير ، لقد راهنت بعضهم ، على أن أغيظك ، وأخرجك عن حلمك وحكمتك وسماحتك .. فوجدتك أحلم الناس ، وأكرم الناس !  

فقال معن : ياغلام ، أعطه على نثره ، بقدر ما أعطيته على شعره ! 

فخرج الرجل مبهوتاً ، وهو لا يكاد يصدّق مايرى ويسمع ! 

والسؤال هو: هل في حكّام اليوم ، من ملك من الحكمة والحلم والسماحة ، مثل ماملك معن؛ حتى لو كان الحاكم رئيس دولة ، أو مافي مستواه ؟ 

وسوم: العدد 919