الكلام البديل عن الفعل !

في الحديث الشريف :  

أتى النبيّ رجلٌ يستحمله ، فلم يجد عنده مايتحمّله ، فدلّه على رجل آخر، فحمله ، فأتى النبيّ فأخبره ، فقال : إن الدالّ على الخير، كفاعله ! 

وفي رواية : ماعندي ما أعطيكه ، ولكن ائتِ فلاناً ! فأتى الرجل ، فأعطاه ، فقال النبيّ : مَن دلّ على خير، فله مثل أجر فاعله ! 

ويتبيّن من سبب الحديث وقصّته ، أن الخير لا يقتصر على الفرائض ، بل كلّ خير يدلّ عليه المسلم ، له مثل أجر فاعله !   

لكن ، واضح من الحديث ، وسياقه ، عامّة ، أن مَن لديه قدرة على الفعل - وهو هنا الإعطاء - لايكتفى منه بالقول ؛ وإلاّ ؛ لكان القول ، عامّة ، يغني عن الفعل ، كلّه ! وهذا منافٍ لصريح القرآن ، وصحيح السنة النبوية ! وقد ورد في الحديث الشريف : مَن له فضل ظهر، فليعد به على مَن لا ظهرَ له ! 

وإذا كان الكلام يُعدّ فعلاً ، أحياناً ، ككلام : العلماء والأدباء ، والمعلمين والمحامين .. وسواهم ، فالفعل له وجوه كثيرة ، يصعب تعدادها ، هنا ! لكنا نذكر منها ماينفع الناس ، مثل : إغاثة الملهوف ، وإطعام الجائع ، وسقاية الظامئ .. وتقديم كلّ ما ينفع الناس ، من ضرورات الحياة ! 

أما في مجال تعامل الحكّام مع شعوبهم ، فحسبنا أن نقول التالي : 

كان بعض الحكّام العقلانيين ، إذا طُلب منه فعل عنيف ، ضدّ بعض مواطنيه ، لأسباب سياسية ، يكتفي بالكلام العنيف ، دون فعل ! وكان حكّام آخرون ، ينفّذون فعلاً عنيفاً ، ضدّ مواطنيهم ، لأسباب سياسية ، كذلك ، فيما قد يكفي فيه الكلام !  

نُسب إلى معاوية بن أبي سفيان ، قوله : لا أُعمِل سيفي ، حيث يكفيني سوطي .. ولا أعمل سوطي ، حيث يكفيني لساني !  

أمّا الكلام الذي يكون بديلاً للفعل ، لدى القادرين على الفعل ، عند حاجة الناس إليه .. أمّا هذا ، فيدخل في باب التهرّب من عمل الخير، وله شأن آخر! 

وسوم: العدد 922