أبو زيد معارضا ؟ !

قال أستاذنا أبو زيد ، وكان نيّف على السبعين ، ولم يبق له من

دنياه سوى راتبه التقاعدي ،وأركيلته ، ورفوف من الكتب اصفرت أوراقها لبعد العهد بها , وبعض ممن يجدون سلوتهم في الاستماع إليه، فقال : طُلبت ذات يوم إلى أحد المراكز الأمنية للتحقيق ، فحملت عكازي ومضيت . 

ولما كان الداخل مفقودا ، والخارج مولودا تركت وصيتي ومفتاح المنزل عند أحد أقاربي من الدرجة الثالثة ، وحين تأخرت عودتي خشي أن يُفتش المنزل ،فأخذ الكتب وأودعها في مخزن دكانه !ثم خشي على نفسه  ؛ فأ خذ يتلف منها ما يحسب أنه يشكل ضررا  ،ويكلف سؤالا وجوابا ؟ !

وكان أول ما أتلف كتاب الممتع في التصريف لابن عصفور ؛ وحجته في ذلك أن واحدا من آل عصفور كان قد طُلب فهرب من البلد ، فخشي أن يظنوا أن هناك مايربطني به ؟! فحمدت له ذلك ، وقلت في نفسي : مجتهد لاأجر له !  ثم سمع بعد مدة أن واحدا ممن نعرف يسكن في حي الأنصاري قد طُلب أيضا ، فعاد إلى المكتبة الأسيرة لديه ،فأخرج منها كتب ابن هشام الأنصاري وأتلفها ؛شفقة عليّ أن يظن ظان أن علاقة ما كانت بيني وبين ا لمطلوب ؟! 

وقلت في نفسي : جاهل اجتهد فهو مخطئ في كل الأحوال...

ثم سمع بعد مدة أن هناك اتفاقا على حرب الأصولية ؛فعاد إلى الكتب ، وأتلف كل كتاب وجد عليه كلمة أصول ، وقد نالت منه كتب أصول الفقه مانالت ، وعلى رأسها المستصفى في علم الأصول للإمام الغزالي ؟!

فشكرته على ماصنع ، وقلت في نفسي : لابارك الله بالجهل في حال الخوف...

قال الشيخ أبو زيد :ولم يقف الأمر عند هذا الحد ،فقد دوهم المنزل ولم يجدوا سوى قصاصات كنت أكتب فيها مسائل للتمرين في البناء الصرفي ، من مثل : بناء خزق على وزن تفوعل ، ووزن فاعول(تخوزق – خازوق )

وبناء طبع على وزن تفعيل وفعّل ( تطبيع – طبّع ) وقام على وزن فاعل ومفاعلة ( قاوم – مقاومة ) وبطح ، على وزن انفعل انفعالا ( انبطح –انبطاحا )

  فأصر المحقق على استمرار الحجز الاستباقي بتهمة التحضير لمنشورات حركية ذات ألغاز ؟! ولم أخرج إلا بكفالة أحدالنابهين بألاأعود لمثلها بعد ذلك، وخفف عني أنها لم تكن  طبعت ووُزعت بعد ؟

** أبو زيد شخصية حقيقية كان - رحمه الله - أحد أعمدة التعليم في بلدنا جسر الشغور / شمال سورية ، اعتقل في زمن الوحدة بتهمة الشيوعية  !؟ وفي زمن الانفصال عن مصر بتهمة الناصرية ، وفي زمن البعث على أنه من الإخوان المسلميين ، فسيق  إلى مبنى البريد يوم انتفاضة الثمانين لإعدامه مع خمسين من أهل المدينة ! ثم أطلق سراحه ، وكان  يعاني من شلل جزئي ، !؟

وسوم: العدد 934