في ذكرى النكبة ..

ما بين النكبتين فقط خمسة عشر عاما...

كانت النكبة الأولى في الخامس عشر من أيار ١٩٤٨..

حيث احتل الصهاينة أرض فلسطين، ونفذوا في مدنها وقراها المذابح، وطردوا سكانها منها. وحولوهم إلى لاجئين.

وبعد خمسة عشر عاما فقط كانت النكبة الثانية حيث سيطر الصهاينة بمساعدة عملائهم المحليين، على قرار الدولة السورية، وما زالوا منذ ذلك اليوم يستحدثون النكبات في مواقع لا تقل أي واحدة منها حجما ولا خطرا عن النكبة الأولى التي ما تزال ذكراها عالقة في أذهاننا وأذهان العرب أجمعين.، وربما النكبات المنسية في تاريخ أي أمة، هي الأوقع أثرا، والأعظم خطرا. سقطت فلسطين أسيرة في يد محتل غاصب، فكانت نكبة، ولم يسقط الأمل في الخلاص والتحرير، ثم سقطت الشام فكانت النكبة الأخرى التي أغلقت الأبواب على طريق التحرير.

وكانت بعد نكبة الثامنة والأربعين نكبة الثالثة والستين، ثم نكبة السابعة والستين، التي أنجبت مقولات وشعارات: غسل آثار العدوان، والأرض مقابل السلام .،،ثم أعقبت نكبة الثالثة والسبعين وكامب ديفيد الأثيم، ثم كانت نكبات تدمير سورية ولبنان، ونكبات الثانية والثمانين، وكان أهمها نكبتين متعانقين، استباحة حماة في سورية، واستباحة الفلسطينيين في لبنان، وإخراج ياسر عرفات ومنظمة التحرير منها ليؤول الأمر فيها إلى من تعلمون،

منذ أن رحل آخر السلاطين، وآخر السلاطين عمليا هو السلطان عبد الحميد؛ خلا الجو لقرصوه، فما زال يقرر، وما زال زال يقود.

وعندما أراد الاتحاديون، أن يبلغوا السلطان عبد الحميد قرار عزله، أدخلوا عليه لجنة خماسية "وطنية" انتبهوا، وعنوان وطنيتها أن كان فيها يهودي وأرمني، وكان ذلك قبل تمرد الأرمن وما وقع بهم بعد غياب السلطان الذي كان يحميهم ، مرة أخرى انتبهوا، وسأل السلطان رحمه الله تعالى: أنتم جئتم لتعزلوا سلطان المسلمين، فماذا يفعل هذا اليهودي وهذا الأرمني هنا؟؟؟

في ذكرى النكبة وفي ذكرى ضياع فلسطين يجب أن نتذكر دائما، تلاحمَ قضايا الأمة المصيرية، وأهمها ما كان على أرض الشام.

كان اللجوء الفلسطيني الأول عام ١٩٤٨، وتأخر عنه اللجوء السوري الأول خمسة عشر عاما فقط.

كان هناك سر خطير في عملية التقتيل، والإلجاء إلى اللجوء. لعلنا ندركه ذات يوم.

 وكان هناك فرق واحد فقط بين اللجوءين الفلسطيني والسوري،

للجوء الفلسطيني العالم يفتح له الأبواب ليحتفظ باللاجئ وبذريته لاجئا..ويغلق في وجهه أبواب العودة من كل سبيل..

والثاني يغلق العالم في وجهه الأبواب، ليعيد السوريين أذلاء خانعين إلى بيت الطاعة حيث يذبحون ويردمون..

ربما الأكثر غيظا لقرصوه ولحفدة قرصوه شواهد قبور رجال دمشق وحمص وحماة وحلب حول "جناق قلعة" شواهد شاهدة أن الأمة واحدة وأن العزيمة لا تلين.

حقائق ربانية لا يشكك بها إلا الذين لا يعلمون

يا فلســـــــــطين الـــــتي كدنـــــا لمـــــا

كابدتـــــه من أسى ننسى أسانا

نحن يا أخت على العهد الذي

قـــــد رضعنـــــاه من المهــــد كلانا

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 981