في يوم الأم... أليس له أم !!؟؟

 

يوم الأم هو محطة للذكرى، للبر، لإرسال الرسالة دعاء ودودا نديا للراحلات في رحاب مولاهن...

وإرسال الأخرى إلى الباقيات اللواتي يتابعن اضطراب الأبناء وترديهم، أعجب العجب أن الذئبة الأم تكون نبع حنان..

أمر خاص تعلمته من والدتي رحمها الله تعالى - وربما كان حسب معايير آخرين خاطئا- كانت كلما سمعت أن سوأ نزل بإنسان لأي سبب : تتساءل مستنكرة: أليس له أم؟؟ وتدعو : الله يعين "ميمتو.."

"ميمتو" هو العنوان الندي الذي يطلق على الأم في لغتنا الأقرب إلى قلوبنا في اللحظات الحرجة فرحا أو حزنا ..

ينادون على العريس : ميمتو يا ميمتو وطلعي لاقيلو.. وينادون على الشهيد يزف إلى مثواه قولوا لميمتو وقولو لبيو..

ربما كان سؤال "أليس له أم" لا يكاد يفارقني، ويشعر من حولي أنني لا أهيج كثيرا عند أخبار قتل ويقتل ..!!

ومع أن كل "القتل" في العمر الذي عشت قد وقع علينا وعلى أهلنا وعلى البريئات والأبرياء من آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا ، إلا أنه يبقى هذا السؤال كامنا في عمق الأعماق من عقلي وقلبي...

أليس له أم وأبتلع السؤال وأغضي!!

في بيتنا الذي كان كثيرا ما تطوف عليها الطوافات، كنا لا نشعر أحيانا إلا وإحداهن قد اختارت زاوية من زواياه لتضع صغارها فيه.. !!

وهنا كان شعور الأمومة في قلب الأمهات يفيض، فقد وجب حق هذه الأم في حال نفاسها علينا. فيبادر كل من في البيت لتقديم العناية والرعاية للأم النفساء ولجرائها الصغار، أربعة أو خمسة ..أسرعوا باللبن وبالحليب وباللحم ووفروا للقطة الأم الوالدة كل ما تحتاج...

ضيافة إجبارية لا يد لنا فيها ولكن كان حقها علينا كبير.. وكنا نحن الصغار أكثر فرحا، وربما كان الكبار يستشعرون الواجب أكثر مما ...

حتى الذئبة عندما تكون "أما" تكون خلقا آخر، وقد وثق عالم الحيوان فيما روى وفيما حفظ كثيرا من الحالات التي جعلت أما مفترسة تحنو على صغار غيرها حماية وإرضاعا ورعاية، حنى زعموا أن "حي بن يقظان" كان ربيب ذئبة.

في المرعى تحتلط الأمات والفصلان والحملان..حتى إذا حانت لحظة الرواح عرف كل فصيل وكل حمل أمه وعرفته..فظلت ترأمه ، أي تتشممه، هل هو هو ؟؟ فهل بان لنا معنى الأم الرؤؤم !!

في أمر الجاهلية عندما عرضت قريش على أبي طالب أن تهبه بديلا لمحمد عمارة بن الوليد أجمل وأنهد فتى في قريش يكون له ولاؤه ونصره..وأنهم يأخذون محمدا فيقتلونه!! قال أبو طالب: اننظروا حتى تروح الفصال، فإن أوى فصيل لغير أمه فعلت!! فإن أوى فصيل لغير أمه فعلت!! كلمة بقصيدة..

ويقول صديقي محتدا : إن فيما شرع الإسلام لنا غنى ، ونعم ما شرع لنا الإسلام وأقله أننا كلما طوينا الركب بين يدي مولانا لنقدم التحيات الطيبات لله..أردفنا : رب اغفر لي ولوالدي رب رحمها كما ربياني صغيرا. وعلمنا الإسلام البر بالوالدين حتى أن لا ننفخ نفخة تضجر وتململ في حضرتهما، وعلمنا الإسلام أن نصاحبهما بالبر والمعروف وإن كانا على غير دين، وعلمنا الإسلام أن أحق الناس بحسن الصحبة هي أمنا ..ثم أمنا .. ثم أمنا ثم أبونا..

ومع كل الجميل الذي علمنا الإسلام، يبقى السؤال لقوم يعقلون : أين وجه الحظر الشرعي أو العقلي أن نضيف لتصاريف دنيانا وليس ديننا، محطة جديدة للبر والصلة في خضم العيش المضطرب..؟؟ وأعجب ويعجبون !!

في هذا اليوم الإنساني لتوقير الأم وإعزازها أقدم التحية والتجلة والعرفان لكل أم سورية ولدت فأنجبت، وربت فأحسنت، لكل أم سورية نبض قلبها بحب بنيها ففاض على كل من حولها حنانا وعطفا لا تحده الحدود...

وأجمل هدية نهديها في مثل هذا اليوم ، لأمهات أبناء الشهداء، قولُ الرسول صلى الله عليه وسلم ...

أنا : أي هو صلى الله عليه وسلم..

وامرأة سفغاء الخدين: أي أمرأة أكلت الشمس والجد والتعب والكد نضارة خديها..

في الجنة كهاتين ويشير بأصبعيه الشريفين السبابة والوسطى: وللعلماء في تفسير هذا التشبيه أقوال: أقربها وأجملها معنى تمام التلازم والرفقة، كما تلازم السبابة الوسطي، وقالوا بل كما تلي السبابةُ الوسطى ..

فمن هي هذه المحظوظة بصحبتك في جنة الخلد يا سيدي يا رسول الله؟؟

قال: أمرأة آمت: يعني ترملت ..

ذات منصب وجمال ، حبست نفسها على يتاماها...

فإلى كل الأمهات .. وأخص أمهات أبناء الراحلين من السوريين تحية وتجلة وسلاما ...

تحية لكل أم في يوم الأم..لو جعلناه محطة للذكرى والبر !!

(رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ) (رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1024