تهافت أطروحة عصيد المطالبة بضرورة تصحيح تاريخ المغرب

نشر أحد المواقع على الشبكة العنكبوتية مقالا تحت عنوان : " عصيد : أصل المعضلة النموذج الفرنسي اليعقوبي ..  وتصحيح التاريخ المزور ضرورة " ، جاء فيه أن الطائفي، والعرقي المدعو عصيد، قد شارك في ندوة : " إضاءات حول تاريخ الأمازيع " التي عقدت على  هامش النسخة 17 لمهرجان " ثويزا ".

واختصارا لما جاء في هذا المقال ،نذكر من عبارات عصيد ما يلي ثم نعقب عليها بعد سردها مرتبة ومرقمة  :

1ـ أصل المعضلة كلها، يكمن في الدولة الوطنية المركزية، أي النموذج اليعقوبي الفرنسي.

2ـ  هذا النموذج، يقوم على مبدإ خلق التجانس المطلق، وإقصاء عناصر التنوع والحفاظ على العنصر الواحد، ولو على حساب مختلف العناصر الأخرى .

3ـ تاريخ الأمازيغ زوّر، حين تبنى الوطنيون المغاربة من النموذج اليعقوبي الفرنسي مبدأ العنصر الواحد، الذي هو العروبة والإسلام .

4ـ الحركة الأمازيغية عملت في نصف القرن الأخير على إعادة بناء هذه المعضلة ، وبالتالي إعادة التأسيس لمفهوم اللغة بين المنظومتين التقليدية والحديثة .

5ـ الحركة الثقافية عملت أيضا على تأسيس مفهوم الثقافة، بفضل الدرس الأنثربولوجي خلال القرن العشرين .

6ـ النخبة التقليدية كانت تعتقد أن اللغة هي ما يكتب، لكن هذا الطرح فنّده درس اللسانيات من سوسير إلى جاكبسون، اللذين أظهرا بأن اللغة تتجاوز ما يكتب لتكون نسقا من الرموز والعلامات، التي تفيد التواصل داخل مجموعة لسنية محددة.

7ـ الثقافة هي كل ما يكتسبه الإنسان من وسطه الاجتماعي ، ويضاف إلى طبيعته الأصلية كاللسان ، والتقاليد ، والعادات .

8ـ مفهوم التاريخ نفسه تعرض لإعادة التأسيس، بناء على الوثيقة الأثرية ، والوثيقة الأدبية المغيبة  

9ـ المشكل يكمن في الرواية الرسمية لتاريخ المغرب التي تبنتها الدولة ، وفرضتها في التعليم ، و في وسائل الإعلام ، خصوصا حين لم تحسم في مشكلة أصل سكان المغرب ، وشمال إفريقيا ، وانتصرت للرواية الموجودة في الإيديولوجيا العربية الإسلامية التي تغذت من الغزوات التي يسمونها فتوحات .

10ـ هذه الرواية لا أساس علميا لها،  بحيث تريد أن ترد أصل سكان شمال إفريقيا قسرا إلى اليمن وكنعان ، وهي روايات شفوية كذب بعضها ابن خلدون .

11ـ الباحث الاستعماري بدوره عزّز هذا التزييف، حين قدم روايته التي يعتبر من خلالها أن لسكان إفريقيا أصلا في المنطقة الشمالية للمتوسط ، أي أراد أن يرجعهم إلى أصله الأوروبي ، وهي رواية لا تقل خطورة عن تلك القائلة بالأصل العربي للأمازيغ .

12ـ الحقيقة التاريخية توضح أن شمال إفريقيا ، كان بالفعل مسرحا لهجرات من مختلف الاتجاهات ، ولكن التركيبة السكانية كانت دائما كثيقة،وأغلبية قادرة  على استيعاب الهجرات الوافدة من كل مكان، من الشرق ، ومن الشمال ، ومن العمق الإفريقي .

13ـ هذه هي الحقيقة التي لا ينبغي طمسها باتهام الحركة الأمازيغية بالحديث عن العرق ، فالخطاب الأمازيغي في المغرب، لم يقم إطلاقا كخطاب مؤسس أكاديميا ،وفكريا على فكرة العرق .

14ـ لا توجد وثيقة واحدة من وثائق الحركة الأمازيغية تتحدث عن سند عرقي ، لكوننا نعتبر فكرة العرق فكرة حربية إيديولوجية ، وغير علمية ، لأن أساس وجود البشر هو التمازج بفضل الرحلات ، والموجات السكانية ، والهجرات ، والتبادل التجاري ...إلخ .

15ـ النخبة الأمازيغية كانت ذكية، لكونها اعتبرت الأمازيغية شأن جميع المغاربة ، ولم تقل إنها شأن فئة أو نوع ، ونفس شعارات الحركة، نجدها واردة في خطابات الملك منذ خطاب أجدير لسنة 2001.

وفيما يلي التعقيب على ما نقله صاحب المقال عن عصيد :

بداية، لا بد من التذكير بأن المشهور عن عصيد هو الهَفت أو الهُفات في كل ما يصدر عنه من كتابات أو محاضرات أو فيديوهات ، وهو بذلك هافت بل هفّات ، والهفت في اللسان العربي، هو تطاير الشيء لخفته ، وهفت الشخص، إذا تكلم كثيرا بلا روية ، وبلا تفكير .

ومن نماذج هفت عصيد، ما جاء  رواية عنه في هذا المقال، والذي فيه ينقض بعض كلامه البعض الآخر ، وعليه ينطبق وصف التهافت  بامتياز.

1ـ إن ما اعتبره عصيد معضلة الدولة الوطنية المركزية، أو النموذج اليعقوبي الفرنسي ، كمدخل لدعايته المعهودة للطائفية والعرقية الأمازيغية والتعصب لها، أمر مردود عليه، لأن كل دول المعمور، ودون استثناء وطنية ، ومركزية بالرغم من تعدد أعراقها أو إثنيات بعضها أو جلها ، وتعدد لغاتها ، ولهجاتها ، وعليه فليست الدولة الوطنية المركزية في المغرب بدعا من دول العالم ، كما أن تاريخها أقدم من النموذج اليعقوبي الفرنسي ، ذلك أن تأسيس الدول الجامعة في تاريخ البشرية، يقوم على توحيد أممها أو أقوامها  على اختلاف أعراقهم وألسنتهم، ولا زال واقع الحال يؤكد ذلك . ويؤكده أيضا القرآن الكريم، الذي يذكرنا بأخبار الأمم  البائدة ،كقوم نوح ، وقوم عاد ، وقوم ثمود ... إلى غير ذلك  من الأمم ، فهذه كلها دول كانت مركزية بغض الطرف عن الأعراق التي كانت فيها ، والألسنة التي كانت تتحدث بها تلك الأعراق إلى جانب لغة  يكون غالبة عليها ، وتوحدها ، وكانت لتلك الغلبة ما يبررها  عقديا ،سياسيا ،وعسكريا ، واقتصاديا وواقع الحال يؤكد هذا أيضا  .

وعصيد أراد تشبيه الدولة الوطنية المغربية المركزية بالدولة اليعقوبية الفرنسية ،التي كانت تمنع اللهجات الفرنسية في فرنسا ، وتفرض  اللغة الفرنسية الموحدة على جميع الفرنسيين في تعليمها ، وفي إعلامها . وهذا قياس أو مقارنة لا تصح، إلا أن عصيد أراد استغلاله لحاجة في نفسه ، وهو المعروف بمغازلة المشاعر العرقية لدى الأمازيغ ،لأن في قياسه تعمد تشبيه الفتوحات الإسلامية بالاحتلال الفرنسي ، وشتان بين فتوحات جاءت بالدين السمح إلى أرض كانت تسود فيها الوثنية ، وبين احتلال جاء بعلمانيته لطمس معالم هويته الإسلامية .

2ـ  تهافت فكرة اعتبار عصيد التجانس داخل الدولة المركزية نفيا أو إقصاء للتنوع . وبيان ذلك أن لفظة " تجانس " وهي على وزن " تفاعل " ، وهو وزن يفيد في اللسان العربي  إما التشارك ، ومثاله تصافح  الصديقان إذا اشتركا في المصافحة  ، أو التظاهر، ومثاله تمارض الرجل، إذا تظاهر بالمرض وهو صحيح، أو المطاوعة ، ومثلها تباعد الشخص  إذا أبعدته . والتجانس يتمحض للمشاركة بحيث نقول تجانست الأعراق المتنوعة إذا اشتركت في وحدة تجمعها خلافا  لفهم عصيد المغرض من أجل اختلاق مظلومية أمازيغية، لا وجود لها في المغرب  قديما أو حديثا ،بل هي  مجرد هوس في ذهنه ، وفي أذهان أمثاله ممن يشاركونه التعصب العرقي والطائفي بعباءة علمانية لا دينية تعادي الإسلام ، ولغة الكتاب الذي جاء به إلى أرض المغرب .

3ـ تهافت ادعاء عصيد  فيما سماه تزوير تاريخ الأمازيغية من طرف الوطنيين الذي تأثروا بالنموذج اليعقوبي الفرنسي  على حد قوله ، والذين اعتمدوا مبدأ العنصر العربي الإسلامي . وتهافته ههنا واضح ومكشوف، لأن نموذج العروبة والإسلام أسبق تاريخيا  في المغرب من النموذج اليعقوبي الفرنسي ، والوطنيون المغاربة إنما واصلوا ما كان عليه الوضع التاريخي بالمغرب ، وكانوا في غنى عن نموذج فرنسا المحتلة لأرضهم . ولقد جاء الإسلام إلى المغرب بكلام  الله تعالى  المنزل باللسان العربي على آخر المرسلين صلى الله عليه وسلم ، ولم يأت بالعروبة ولا بالعربية في حد ذاتهما منفصلتين عن كلامه المتضمن للتوحيد عقيدة وشريعة ، ولم يكن القصد منه سلخ الأمازيغ عن هويتهم، بل كان قصده إخراجهم من الوثنية والشرك إلى التوحيد ،ومن شرائع الأهواء إلى شرع الله عز وجل ، وهو الذي يعتبر اختلاف الألوان والألسنة البشرية، من آيات الله عز وجل الدالة على قدرته التي جعلت من آدم وحواء شعوبا وقبائل مختلفة الألوان، والأعراق، والألسنة، والعادات ،والتقاليد، وحرصت على توحيدهم لله تعالى دون غيره ، دون أن تفرض عليهم الألسنة التي كان ينزل بها الوحي على من لا ينطقون بها ، كما هو الشأن بالنسبة للرسالة الخاتمة . ولقد تناسى عصيد أن المغرب حكمه أمراء أمازيغ، كانوا يتحدثون لغتهم، ولغة الوحي دون حساسية كحساسيته العرقية ، وقد كانوا ينشرون الإسلام في البلاد التي فتحوها، ليس طمعا في خيراتها أو في استعباد أهلها، بل من أجل إبلاغهم عقيدة التوحيد المخلّصة لهم من أوهام الوثنية وخرافاتها . وليس الأمازيغ بدعا من الأمم التي فتحها المسلمون ، والتي اعتنقت الإسلام ، واحتفظت بألسنتها دون أن تجد في الإسلام والعربية ما يجده عصيد من تزوير لتاريخها ، ويكفي أن نذكر منها بلاد فارس ، وبلاد الروم ، وبلدانا في  أقصى شرق آسيا ، وفي القارة الإفريقية . ولقد ظل الأمازيغ  يدينون بدين الإسلام ، ويتحدثون لغتهم إلى جانب اللغة العربية في تجانس تام ،ودون خلفية عرقية أو لغوية كخلفية عصيد وطائفته،ولا زالوا على هذا ، وسيبقون كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ولن يقبلوا بعلمانية عصيد العرقية والطائفية أو لنقل اليعقوبية العصيدية المحاكية للنموذج اليعقوبي الفرنسي .

4 و5 و7 ـ تهافت فكرة تأسيس الحركة الأمازيغية لمفوهم اللغة من خلال منظومة مخالفة للمنظومة التقليدية ، وتأسيس مفهوم الثقافة بناء على طرح أنثربولوجي حديث . والحقيقة أن ما قامت به هذه الحركة، هو النقل الحرفي للنموذج  اليعقوبي الفرنسي  العلماني. ومعلوم أن فرنسا تصدّر إلى بلادنا ما لا تقبله فوق أراضيها عبر طوابير خامسة عندنا  من بني جلدتنا يطبقون أجنداتها ، وهم يموهون على ذلك بادعائهم  أنهم يصدرون عن مواقف مستقلة ، ومثال ذلك رفض فرنسا مزاحمة اللهجات الفرنسية للغة الفرنسية ، في حين تشجع  مزاحمة  الأمازيغبات للغة العربية  في بلادنا ، وتنفخ في الثقافة الأمازيغية ،مع أنها لا تختلف في عمقها عن الثقافة العربية ، ولك بسبب توحيد الإسلام بينهما خلال قرون طويلة ، وكمثال على ذلك الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى ،فالمناسبتان دينيتان ، وثقافة الاحتفال بهما دينيا واحدة ، مع تنوع في الجانب المادي الاستهلاكي بين العنصرين العربي  والأمازيغي ، ولا يكاد أحد يميز بينهما لاختلاطهما ، والفروج ليس عليها أقفال كما ينسب ذلك لابن خلدون . وهناك مظاهر ثقافية، وعادات ،وتقاليد لا يوجد ما  يمكن الجزم قطعا بعروبتها أو بأمازيغيتها ، علما بأن الدولة المركزية التي انتقدها عصيد لعبت دورا في تمازج تلك الثقافات والعادات ، وكمثال  على ذلك ،ارتداء من ينحدرون من أصول عربية ألبسة منسوبة إلى الأمازيغ ، والعكس صحيح. وهذا الذي ذكرناه من أمر الثقافة يصرح بمثله عصيد نفسه بقوله : " الثقافة هي ما يكتسبه الإنسان من وسطه الاجتماعي ، ويضاف إلى طبيعته الأصلية ولغته ، وعاداته ، وتقاليده " وإذا كان الأمر كما يعترف بذلك بنفسه  ، فلماذا  كل تلك الحساسية المفرطة منه تجاه ما اكتسبه الأمازيغ من الثقافة العربية  تقاسما، وعن رضى، لا جبرا ولا قهرا أوقسرا؟؟؟

ـ 6 تهافت قول عصيد بأن من سماهم التقليديين يعتبرون اللغة هي ما يكتب فقط ، والحقيقة أن هذا غير صحيح ، لأن اللغة  في الثقافة العربية ، وفي كل الثقافات مكتوبها ومنطوقها توأمان لا ينفصلان ، أو وجهان لورقة مالية  واحدة كما يقال ، وقد كان هذا قبل سوسير ، وقبل جاكبسون ، وكل من شاء عصيد من اللسانيين ، ولن يستطيع أن ينكر سبق اللغويين العرب لهم في ذلك ، ويكفي أن نشير إلى أخذ شومسكي عن سيبويه نظريته العاملية . والغريب عند عصيد، وعند من على شاكلته توجها ، واعتقادا، أنه ينكر التراث الشفهي الفكري واللغوي عندما يتعلق الأمر بنصوص الإسلام  خصوصا الأحاديث النبوية  الشريفة ، ويشككون في صحتها ، وفي المقابل يجزمون بصحة الموروث الثقافي الشفهي الأمازيغي ، فالإمام البخاري  على سبيل المثال عندهم ، وعند ذلك المتطاول عليه يكذب ، ويلفق ، ومن نقلوا عنه مشافهة يكذبون أيضا ، بينما من ينقلون أساطير وخرفات وأهازيج أمازيغية يصدقون ، ولا يكذبون ، ولا يلفقون ، ولا يخترعون ، فانظر إليه وإلى أمثاله كيف يحكمون ؟؟؟

8و9و10و11و12ـ تهافت فكرة تزوير التاريخ الأمازيغي عند عصيد، والتي مفادها أن الرواية الرسمية لتاريخ المغرب، والتي تدرس في المؤسسات التربوية ، وتسوق في وسائل الإعلام على حد تعبيره ، هي رواية مغلوطة بخصوص أصل سكان المغرب ، ذلك أنها متأثرة بما سماه الإيديولوجية العربية الإسلامية التي تتغذي من الغزوات التي تسمى فتوحات ، على حد قوله ، وهو ينكر الأصل اليمني أو الكنعاني لسكان المغرب ، ويعتبر ذلك  كذبا، ورواية لا أساس علمي لها . وفي المقابل يجزم قطعا بأنه يملك الرواية الصحيحة والحقيقية ، وهي أن التركيبة السكانية ـ ويقصد  بها التركيبة الأمازيغية ـ كانت دائما كثيفة ، كما كانت أغلبية قادرة على استيعاب كل الهجرات من الشرق ، ومن الشمال ، ومن العمق الإفريقي . ونظرا لتهافت فكرته هذه، لم يذكر لنا  من أين جاءت تلك التركيبة الكثيفة والغالبة ، فهل نبتت في شمال إفريقيا كما يخرج النبات ؟ وإذا ما أخذنا بالحقيقة القرآنية التي  لا تضاهيها حقيقة أخرى ،لأنها وحي من الله عز وجل ، والتي تقول بأن بني آدم أصلهم رجل واحد هو آدم،  وامرأة واحدة هي حواء ، وعنهما انتشروا في الأرض ، وصاروا شعوبا وقبائل ، فلا يمكن أن تصح فكرة عصيد الزاعمة  بأن الأمازيغ كانت كثافتهم  السكانية على الدوام في شمال إفريقيا ، وكانت مستوعبة لكل الهجرات من جميع الاتجاهات شرقا، وشمالا ، وجنوبا  إلا إذا كان آدم وحواء  قد نزلا من الجنة  في شمال إفريقيا  ، وليس عند بيت الله الحرام أو في منطقة كشمير أو في جهات أخرى حسب اختلاف الروايات . وعلى افتراض أن نزوله كان في غير شمال إفريقيا ، فلا يمكن للعرق الأمازيغي إلا أن يكون كغيره من الأعراق في المعمور مهاجرا  من يمن أو من كنعان أو من غيرهما. ولاعبرة بسبق هجرة عرق على هجرة عرق آخر ، ولا يمكن لهذا السبق أن يكون حجة ودليلا على ادعاء امتلاك الأقطار التي تتناوبت عليها مختلف الأعراق ، وتلك سنة الله عز وجل في الخلق ، وهو يورث الأرض من يشاء  لمن يشاء  من عباده . ولقد انتشرت الأعراق في مختلف ربوع المعمور بسبب الهجرات إما طوعا أو كرها . ولا يمكن أن يجزم عرق من الأعراق بأنه بدعا من غيره، لم يكن في بداية أمره مهاجرا قبل أن يستقر في حيز معلوم.

ويزعم عصيد أن رواية من سماه الباحث الاستعماري الذي اعتبر أصل الأمازيغ من الشمال الأوروبي ، لا تقل خطورة عن الرواية التي تعتبرهم من أصل عربي ،مع أنه لم ينكر الهجرات إلى الشمال الإفريقي من الشرق ، ومن الشمال ، ومن العمق الإفريقي ، وهو لا يعتبرها أصولا مع الأصل الأمازيغي، الذي لم يذكر لنا كيف نبت أو كيف هاجر، واستوطن هو الآخر .    

 13و14و15 ـ تهافت كلام عصيد ، وهو يحاول دفع تهمة تعصبه العرقي ، ويتعلق الأمربمن سماهم النخبة الأمازيغية، التي يزعم أن خطابها المؤسس أكاديميا، وفكريا لا ينطلق من  فكرة التعصب للعرق ،وهذا أمر مثير للسخرية لأن الرجل ونخبته إذا ما شطبت  لفظة عرق من قاموسهم ، فسينهار خطابهم الأمازيغي من أساسه ، وانكشفت أكذوبة تأسيس خطابها أكاديميا ، وفكريا . ومع ذلك فإن عصيد  ينفي وجود ولو وثيقة واحدة من وثائق الحركة الأمازيغية تتحدث عن سند عرقي مع العلم أن مقالاته ، وفيدوهاته، لا يعدم من يطالعها أو يشاهدها وجود هذا السند العرقي بشكل فاضح .

وعلى عادته  فاخر عصيد بذكائه ، وذكاء نخبته الأمازيغية، لأنها استطاعت حسب زعمه أن تتخطى عقدة العرقية ، وذلك بجعلها الأمازيغية شأن جميع المغاربة ، وليس شأن نوع أو فئة معينة ، وحاول أن يدعم زعمه هذا بأن شعارات نخبته، هي نفس ما يتكرر في الخطابات الملكية منذ خطاب أجدير سنة 2001 ، علما بأنه لا مجال لمقارنة الخطابات الملكية  بشعارات نخبته الأمازيغية مع وجود الفارق الواسع .

وبهذا ننهي التعقيب على ما ورد في المقال الذي حكى تهافت أطروحات عصيد التي ظل يكررها لعقود حتى صارت ممجوجة ، وهي تجعله عرضة لسخرية الساخرين .

وسوم: العدد 1040