ضرورة احتراز الوزارة الوصية على الشأن التربوي من التأثير العلماني المهدد لهوية الناشئة المتعلمة

ضرورة احتراز الوزارة الوصية على الشأن التربوي من التأثير العلماني المهدد لهوية الناشئة المتعلمة عن طريق إخضاع المقررات للمراقبة الجادة والصارمة

ستكون انطلاقة هذا المقال، من الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش ، والذي أولى فيه جلالة الملك أهمية خاصة للشباب ، مركزا على ضرورة تحليه  بالجدية . و من أهم ما تجب فيه الجدية المغربية الأصيلة كما وصفها جلالته ، هو التمسك بالقيم الدينية والوطنية ،كما جاء في خطابه السامي .

والتمسك بالقيم الدينية والوطنية، يعني صيانة الهوية الإسلامية التي أصبحت مهددة بسبب ما يعرفه العالم من اهتزاز في منظومة القيم والمرجعيات كما أشار إلى ذلك جلالته . ومن ضمن هذا الاهتزاز المد العلماني الجارف الذي تسرب إلى وطننا عن طريق  فئة عاقة "هوياتيا "، والتي استغلت ما يوفره وطننا من مجال واسع  لحرية التعبير كي تقصف هويتنا، ومرجعيتنا، على غرار ما يفعله أعداء هذه الهوية وهذه المرجعيات .

ويعجبني أن أقتبس من المفكر الموريتاني الدكتور محمد المختار الشنقيطي، تسمية شبابنا بقاعدتنا الخلفية التي أصبحت مستهدفة من طرف التيار العلماني الغربي الذي يخوض ضدنا حربا ثقافية ، وقد أوكل بها من يخوضها نيابة عنه من بني جلدتنا . ومعلوم أن استهداف  كل قاعدة خلفية  بشرية في أي مجتمع من المجتمعات ، يقوضها حتما ، لهذا لا بد في خوض طليعتنا من فلاسفة ، وعلماء ، ومفكرين ، ودعاة ، ومربين ... من الأخذ في الاعتبار ضرورة حماية قاعدتنا الخلفية التي قوامها ناشئتنا، و التي  سيصير مصيرنا المستقبلي بيدها ، لهذا إذا ما تم اختراقها من طرف التيار العلماني اليوم ، فستكون خسارتنا فادحة  في هذه الحرب الثقافية الضارية  ، وسيباغتنا  التيار العلماني من قاعدتنا الخلفية ، وبكون ذلك بمثابة طعنة في الظهر.

ومن أجل تنزيل مضمون الخطاب الملكي السامي ، يتعين على الوزارة الوصية على الشأن التربوي أن تنتبه إلى أساليب الحرب الثافية التي تشنها علينا العلمانية  ، لأن وزارتنا  هي التي أوكلت إليها صيانة قاعدتنا الخلفية . والمفروض عليها أن تخضع المقررات الدراسية إلى فحص في منتهى الجدية والصرامة، لتنقيتها من كل شوائب العلمانية، حفاظا على سلامة هويتنا التي تستنبت في ناشئتنا لتشب وتتربى عليها . وأول ما يجب أن يفحص هو الكتب المدرسية الوافدة من الغرب العلماني، والتي تتداول تحديدا وعادة في بعض  مؤسسات التعليم الخصوصي تحت ذريعة النهوض بامتلاك، وتمكن ناشئتنا المتعلمة من إتقان  اللغات الأجنبية دونما احتراز من حمولتها الثقافية، التي من شأنها أن تهددنا في هويتنا الدينية والوطنية وفي مرجعياتنا . وإذا كنا جميعا نحرص على تمكن ناشئتنا من تلك اللغات ، ومن الاستفادة من القيم السوية فيهات، والتي يقرها ديننا الحنيف ، فإننا في نفس الوقت، نحرص شديد الحرص على ألا تفوت إلى ناشئتنا قيم تمس بهويتها من قبيل تمري الانحلال الخلقي، تحت شعار حرية الجسد، من رضائية، ومثلية ، وإجهاض ، وتهتك ... وقد كثر لغط المطالبين بها في مجتمعنا بكل وقاحة .

ومعلوم أن فلول العلمانية عندنا، وبإيعاز ممن يستأجرهم  في الخارج، يستغلون براءة ناشئتنا ، ويقدحون فيها زناد غريزة الجنس المتفجرة، من أجل تفويت ما يريدون تفوته من إباحية وشذوذ جنسي، يزين لها تزيينا .

ولا يجب أن تستثنى الكتب المدرسية الوطنية من الفحص الجاد والصارم، لمنع كل انحراف قد يمسها، سواء كان ذلك عن غفلة أوعن قصد وعمد وسبق إصرار،  بحيث يدس فيها ما يكون فيه تهديد صريح أو مبطن لهويتنا ولمرجعياتنا .

كما يجب على الوزارة الوصية أيضا أن تكون جادة وصارمة،  في مراقبة ما يدور وراء جدران الفصول الدراسية، لمنع كل تصرف في المقررات أوالكتب المدرسة من شأنه أن ينحرف  بها عن غاياتها ومقاصدها وأهدافها . وإننا وإن كنا نثق  كل الثقة  في أطرنا التربوية، وفي إخلاصها ، وهي تؤدي واجبها المقدس، الذي ستسأل عنه  بين يدي الله عز وجل يوم القيامة،  قبل أن تسأل عنه في الحياة الدنيا ، فإننا نخشى على ناشئتنا المتعلمة التي استأمنا عليها الوزارة الوصية، من بعض من قد يغيّبون ضمائرهم المهنية ، و يخلّون بواجبهم التربوي المقدس ، فينحرفون بها عن جادة هويتها ومرجعياتها . وعلى عاتق هيئة المراقبة التربوية، تقع مسؤولية حراسة ثغور هويتنا ،ومرجعيات في مختلف المواد والمقررات والكتب الدراسية .

وأخيرا نأمل من الجميع: وزارة ،و مربون ، ومراقبون ، وإداريون تربويون ، وأولياء أمور أن يكونوا عند حسن ظن جلالة الملك ، وأن يستجيبوا بجدية لما دعاهم إليه من جدية، كل من موقعه ومسؤوليته ، و كفى بالله رقيبا .

وسوم: العدد 1043