هل من علاقة بين التصعيد الروسي ولقاء بوتين وأردوغان؟

تشهد مناطق ريف إدلب والأرياف المتصلة بها في الأيام الأخيرة تصعيداً متزايداً من جانب سلاح الجو الروسي ومدفعية وصواريخ عصابة نظام بشار الأسد المجرم، ويسقط بفعل هذا الإجرام الوحشي الروسي والأسدي العشرات بين قتيل وجريح من المدنيين العزل في معظمهم من الأطفال والنساء.

وفي تطور وُصف بـ"الخطير" استهدفت طائرات روسية السبت الماضي أطراف مدينة إدلب الغربية، موقعةً قتلى وجرحى، كما استهدفت الأحد قوات النظام المجرم قرى ريف إدلب، بقذائف المدفعية والصاروخية مما خلف إصابات وأضرارا بالغة بين المدنيين وبيوت سكنهم.

ويربط محللون سياسيون وعسكريون بين التصعيد الروسي في الشمال السوري الخاضع لسيطرة القوى الوطنية المدعومة تركيّاٍ وبين اللقاء المرتقب بين فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخاصة أن المرحلة السابقة شهدت خلافات بين أنقرة وموسكو في أكثر من ملف، منها شحن الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود وعلاقة تركيا بأوكرانيا.

وكان أردوغان قد أعلن عن اتفاقه مع نظيره بوتين على زيارة الأخير لتركيا، بهدف تعزيز التعاون وتقوية العلاقات بين البلدين، وذلك خلال اتصال هاتفي بينهما، في حين لم يحدد الرئيس التركي موعد الزيارة بدقة إذ اكتفى بالقول: "أعتقد أن الزيارة ستتم خلال آب/ أغسطس الحالي".

الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو يقول معلقاً على ما تقوم به روسيا من اعتداء على المدنيين في المناطق المحررة: لقد "عودتنا روسيا على التصعيد قبل أي حدث دولي، وذلك بهدف تذكير الطرف المقابل بأنها ما زالت متفوقة عسكرياً، وأنها قادرة على حسم الأمور لصالحها في حال حدوث أي مواجهة". وأضاف قائلاً: إنه "ربما من هذا الباب تريد روسيا تذكير تركيا بقوة حضورها العسكري في سورية، وقدرتها على خلط وتغيير الوضع الميداني في سورية".

وقد تكون التطورات الخطيرة الجارية في أوكرانيا وروسيا في الفترة الأخيرة، حيث تكررت الهجمات بـ"المسيرات" في العمق الروسي، وقد يكون التصعيد في سورية من جانب روسيا يهدف إلى توجيه الأنظار إلى الملف السوري.

من جانب آخر، فإن الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تسود مناطق سيطرة النظام المجرم قد يكون التصعيد يهدف إلى تصدير الأزمة للخارج، وتخويف السوريين من خطر الإرهاب.

من جهته، يرى المحلل والخبير العسكري العميد أحمد رحال، أن "روسيا تريد القول لكل الأطراف الموجودة في سورية، أي الولايات المتحدة وتركيا وإيران والنظام السوري، أنها ليست ضعيفة وأن خوضها الحرب في أوكرانيا لن يشغلها عن مهامها في سورية".

ويوضح أن روسيا أجرت مناورات في حماة، وصعّدت في إدلب، وعززت من انتشارها بالتنسيق مع إيران في شرق سورية بمواجهة التحركات والتعزيزات العسكرية الأمريكية هناك، ويقول: "تريد موسكو القول إن صوتها الأقوى في كل سورية".

وأشار رحال إلى تعرض قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري ومناطق قريبة إلى هجمات بالمسيرات، وقال: "تزعم روسيا أن قصف إدلب يأتي ضمن حق الرد".

وكان نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سورية، اللواء فاديم كوليت، زعم السبت أن "ما لا يقل عن 200 مسلح من الحزب الإسلامي التركستاني يجرون تدريباتهم في منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب شمال غرب سورية".

وأضاف كوليت قائلاً: إن "في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وبحسب المعلومات الواردة من أجهزة الاستخبارات، تقوم قيادة جماعة جبهة النصرة الإرهابية بتدريب ما لا يقل عن 200 مسلح من الحزب الإسلامي التركستاني".

لقد دأبت روسيا على التصعيد قبل أي اجتماع بموجب مسار أستانا، وقبل كل لقاء سياسي مع تركيا، للقبول بما ستطرحه، وخاصة أن روسيا تتهم تركيا بعدم الوفاء بتعهداتها في الشمال السوري، وتختلق الذرائع بشكل دائم.

وما يعتقده جميع المحللين السياسيين والعسكريين إن الهجمات المستمرة لقوات النظام وروسيا تأتي ضمن منهجية هذين الحليفين في الإجرام لأجل قتل الحياة في شمال غرب سورية، وحرمان المدنيين من الاستقرار وفرض حالة من الرعب والذعر بينهم، وفرض المزيد من التضييق بمحاربة كل سبل الحياة ومصادر العيش للسوريين.

المصدر

*عربي21 -19/6/2023

وسوم: العدد 1044