أول وفد رسمي عربي في غزة!

شهدنا، أمس الأحد، نوعا جديدا من الدبلوماسية العربية مع نشر صور لولوة الخاطر، وزيرة الدولة للتعاون الدولي في وزارة الخارجية القطرية، في غرفة متواضعة من منزل يعج، كما أغلب منازل الغزاويين النازحين، بأدوات العيش والمنامة البسيطة، لتلتقي أحد ذوي الإعاقة، محمد الدلو، ولتعزي مراسل قناة «الجزيرة» وائل الدحدوح الذي استشهد عدد من أفراد عائلته، بمن فيهم زوجته وابنه وابنته في قصف إسرائيلي لمنزل نزحوا إليه في مخيم النصيرات، قائلة: «أنتم تضربون أفضل الأمثلة في البسالة والصمود والصبر والإيمان ونحن نتعلم منكم».

رافقت الوزيرة القطرية نظيرتها المصرية نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، ونائب رئيس الهلال الأحمر المصري، وخالد الحردان، نائب رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، وكانت، حسب الأنباء المنشورة، بهدف تنسيق جهود عمليات الإغاثة خلال الهدنة المؤقتة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

تعتبر هذه أول زيارة رفيعة لمسؤول عربي منذ بدء العدوان في 7 تشرين أول/أكتوبر، ولكنّها تمثّل، إلى حد كبير، تلخيصا لوضع غزة وأهاليها الخاضعين منذ 50 يوما لهجوم وحشيّ عليهم مع المنظومتين العربية والإسلامية.

معلوم، طبعا، دور قطر في دعم أهالي غزة منذ عقود، ومن ذلك أن الأمير السابق، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قد زار القطاع مرتين (في عامي 1999 و2012) فيما شكّلت الإمارة، خلال السنوات الماضية، مركز الدعم الأساسي العربي لمواطني القطاع، كما كان لها دور سياسي وإعلامي ودبلوماسي كبير ومؤثر في الموضوع الفلسطيني، وهو ما أهلها لتكون الطرف الرئيسي في إنجاز الهدنة الحالية، وفي العمل على تأمين وتكثيف وصول المساعدات إلى داخل القطاع، وترافقت الزيارة الأخيرة للخاطر مع وصول المساعدات، للمرة الأولى منذ العدوان، إلى شمال القطاع.

يعبّر وجود الوزيرة المصرية وممثل الهلال الأحمر، أيضا، عن الدور الذي آل إلى مصر، الجارة الوحيدة المحاذية جغرافيا لقطاع غزة المحاصر، والتي لا يمكن إيصال أي مساعدات لغزة من دونها، وتمثل الزيارة، في كل الأحوال، بادرة إنسانية معقولة لكن وجودها كرديف، وفي ظل الدبلوماسية القطرية، يجعلها أقل بكثير من المأمول من الدولة العربية الأكبر، التي تربط سكانها بمواطني غزة صلات الاجتماع والتاريخ، إضافة إلى أنها كانت تدير القطاع حتى عام 1967، وكان لها مواقف أكثر فعالية ومواجهة للغطرسة الإسرائيلية خلال فترات العدوان الإسرائيلي السابقة على غزة، مقارنة بالوضع الحالي.

تحوّل هذه الإمارة الصغيرة إلى الفاعل الرئيسي، عربيا وإسلاميا، في شأن القطاع، يثير الإعجاب، لكنّه، من جهة أخرى، يكشف التقصير العربي المتفاوت شأنا، ولكن الكبير، بحق الفلسطينيين، وخذلانهم أمام هذه المقتلة الوحشية المهولة.

لنتخيل لو أن القمة العربية ـ الإسلامية التي عقدت في 11 من الشهر الجاري، التي خرجت بمطالب ومناشدات للعالم، قررت عمل شيء واحد وهو عقد القمة في غزة، فهل كان العدوان الإسرائيلي سيستمر؟

وسوم: العدد 1060