الاستقواء بصاحب السيف على صاحب القلم

القلم وللسيف أداتان وجدتا لخدمة البشر .. ربما تتفقان حينا وربما تتعاكسان أحيانا أخر

 

صاحب السيف يرى نفسه صاحب القوة يستطيع شطب حياة صاحب القلم بأي لحظة..

وصاحب القلم يرى نفسه صاحب البيان وملك الحقيقة، يستطيع تثوير الناس ضد صاحب السيف وخلعه متى وجد من يسمع له..

وأحيانا ينصاع صاحب السيف الواعي لصاحب القلم البارع إذا آتاه الله قليلا من الرشد فتواضع للحق

وأحيانا أخرى ينصاع صاحب القلم المسكين لصاحب السيف الجبار إذا آثر السلامة وتحسس رقبته ودمعت عيناه على أطفاله..

وتاريخ البشر يكاد يكون كله صراع بين أصحاب هاتين الأداتين، فالأحداث والحروب والثورات تبدأ بفكرة يروجها صاحب بيان، وينضم إليها الناس، وربما انضم إليها صاحب السيف نفسه ليعطي لنفسه مسحة إصلاح وأنه جاء كمنقذ ومجدد كان على موعد مع التاريخ. وما أن يستب الأمر له حتى يسكت ببارق سيفه من أوقدوا له جذوة الثورة في عقول الناس وقلوبهم.

وهنالك من أصحاب السيف من لا يؤمنون بغير العنف منهجا وأسلوبا، يحصدون الناس بسيوفهم، ويقيمون دولهم على أساس البطش والقوة، ثم يأمرون أصحاب الأقلام بالترويج لكل ما يقولونه ويفعلونه، حتى يصير قتل الرضيع مكرمة، وظلم الناس بطولة وملحمة.

كل هذا مفهوم وموجود في حركة التاريخ مع مئات الأمثلة..

ولكن ما ليس مفهوما ولا مقبولا أن يستعين صاحب قلم على صاحب قلم آخر اختلف معه بصاحب السيف

فمتى كان السيف حجة للفصل بين ثمرات العقول والأفهام

ياللغباء عند كثير ممن يسمون أنفسهم بالنخبة والعلماء..

مآس في تاريخ البشر لا تكاد تنتهي

وشرها أن يموت مثل أبي حنيفة وابن تيمية في السجن

أو أن يسجن مثل أحمد بن حنبل لاختلافه مع المعتزلة في قضية خلق القرآن

كم أنت سفيه ياصاحب القلم إذا استعنت بشفرة السيف لتحكم بينك وبين أخيك في فكرة اختلفتما فيها

وهل يصلح السيف العنيف أن يكون مزروعا في مقلمة الأقلام

وهل من حزن على أهل العقول أكبر من أن يحكموا بينهم من هو أدنى في العقل والعرفان..

الفكرة لا ينقضها إلا فكرة مثلها

والسيف لم يكن يوما برهانا لصحة الأفكار

فالانتصار به على الأفكار خراب وبوار

مهما كان حامله نزيها أو مغوارا

وسوم: العدد 1073