شيء عن الحالة الكردية ....

عقاب يحيى

عديد القومييين العرب " تطوروا فعلاً في نظرتهم لجوهر العروبة، والقومية. وقام كثير منهم بنقد صارم وشجاع لجوهر المقولات التي اتسمت بالمغالاة، والعنصرية، وبعضهم أصيب برد فعل نقله إلى خنادق العدمية، أو الانتهازية.. بينما تجري محاولات ـ وإن متقطعة ـ لبناء مفهوم جديد للعروبة بمعناها الحضاري، وبجوهرها كهوية عامة وانتماء لمجموع السكان الذين يقطنون الوطن العربي، على قاعدة المساواة التامة في الحقوق والواجبات، وتجسيد حقوق الإثنيات في اللغة والثقافة والهوية في إطار الوحدة الوطنية .

ـ وثائق القاهرة للمعارضة السورية ـ في وثيقة العهد الوطني ـ تقدّمت كثيراً في الاعتراف بالقومية الكردية، وبقية القوميات، وحقوقها اللغوية والثقافية وغيرها، بما فيها الالتزام بالمواثيق الدولية حول تقرير المصير، وفي النصّ على مقترحات مندوب المجلس الوطني الكردي في اللجنة التحضيرية كما جاءت في مواثيقهم تماماً.. وحين التطرق إلى موضوع" قرارات الخمسينات" التي تناولت نقل وتهجير سكان بعض القرى الكردية غلى مناطق أخرى تحت عنوان : غمر الفرات ودجلة.. والذي يعتبره الخوة الأكراد عملاً مقصداً من التطهير لإسكان مجموعات عربية مكانهم .. حرى النقاش طويلاً حول الحلول المقترحة، ووافقت اللجنة التحضيرية على جميع المقترحات المقدمة، بما فيها إلغاء جميع القوانين والقرارات التعسفية الصادرة بحق الأكراد، وتعويضهم تعويضاً عادلا..إلا أن مندوب المجلس الوطني الكردي أصرّ على تضمين الفقرة تعبيراً محدداً ينصّ على " إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه" وبما يعني تهجير أولئك السكان والمجيء بعائلات كردية بعد أزيد من خمسة عقود.. في حين أن إعادة الأوضاع مستحيلة، وتفتح ثغرة أين منها قصة كركوك في العراق.. ومع ذلك.. سجّل الأخ كامران حاجو تحفظه.. لأن الوثيقة لم تتضمن حرفيا ما يريدون..

ـ في المؤتمر العام.. حدث جدال كبير حول مفهوم : الشعب الكردي، ام القومية الكردية، وحصل هرج ومرج وانفعال.. أدى بمندوبي الأكراد إلى الانسحاب.. لن الإصرار على مفهوم شعب كردي يعني حكماً تحويل بلدنا إلى مجموعة شعوب...

                                   ********

نقول رغم التقدّم الكبير في نظرة ومواقف معظم قوى المعارضة السورية، ومنهم القوميين، من المسألة الكردية، وبقية الإثنيات وفقاً لثابت هو خط أحمر : الحفاظ على وحدة بلادنا الجغرافية والسياسية والمجتمعية.. فإن عديد الأكراد المتطرفين يستغلون الأوضاع الراهنة لمزيد من الابتزاز والدفع نحو الانشقاق والتقسيم.. والشيء الملفت أنه لو تكلم قومي عربي بجملة واحدة حول حقوق العرب، أو بنفس عروبي لاتهم على الفور بأنه قومجي، وعنصري.. بينما يمارس هؤلاء فعلاً عنصرياً متعدد الأشكال، ويمارس بعضهم الانقسام بشكل منظم، وبتواطؤ مشبوه مع جهات كثيرة ..

                                      ****

لقد اعترفت جميع هيئات المعارضة السورية بحقوق الأكراد والتركمان والآثوريين وغيرهم في اللغة والثقافة والحقوق الواضحة.. ولكن في إطار الدولة السورية الموحدة. اما الانفصال. وأما استغلال وضع البلد والثورة للمضي قدماً في مشروعات تقسيمية.. فهو أمر تمزيقي سيقابله شعبنا بالرفض، بما فيهم الحركات الكردية الفاعلة التي ترفض هذه النزوعات ومرتسماتها على الأرض ..