لنستبين السبيل

عزة مختار

[email protected]

حين أتم الله عز وجل بناء الكعبة علي يد سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما وعلي نبينا الصلاة والسلام ، والتي هي مكان للحج وقبلة للمؤمنين في بقاع الأرض ، تم البناء لكن أين الناس ؟ من سيأتي بهم ؟ من سيبلغهم  ؟ .

قد يجتمع الباطل كله في كفة واحدة ، قد تكون معه كل الأسباب ، قد تتوافر لديه كل الأبواق من فضائيات وصحف ، قد يملكون كل وسائل القمع فيغلقون القنوات ، ويغلقون الصحف ، ويكممون الأفواه ويعتقلون الأحرار ، لكنهم أبدا لا يملكون الإرادة الربانية التي  تتجلي بمجرد كن فيكون ، بمجرد أمر رباني لإبراهيم عليه السلام " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق " .

صدق إبراهيم في النداء فبلغ الله عنه ، أخلص إبراهيم في العمل فجمع الله قلوب عباد الأرض عليه ، بذل إبراهيم ووفي فأسمع نداءه الدنيا بحول الله وقوته .

إنها أيام الله نحياها اليوم في مصر ، تتجلي فيها عجائب قدرته في خلقه ، وآيات رحمته بأمته ، وإعجازه في أقداره بنا ولنا ، لم يتقبلوا رئاسة الدكتور مرسي للبلاد ، فأرادها الله عز وجل ريادة عالمية للفكرة الإسلامية في العالم قاطبة ، ليصير ذلك الجل رمزا للأحرار في العالم ، أبوا أن يساعدوه وأن يتخلوا عن وضاعتهم وكرههم للإسلام ومن يمثله ، فأبي الله إلا أن يتم نوره ويجمع عليه معظم قلوب البعاد إلا عدو للإسلام أو متكسب من حرام أو مفسد فاسد ، أرادوا أن يفشلوه واجمعوا علي ذلك وسخروا كل أجهزتهم الأمنية والاقتصادية في دولة الفساد العميقة ، فأراد الله أن يرسخ لشعبيته فيلتف حوله كل البسطاء ، وكل الأحرار ، وكل الشرفاء ، ليس في مصر وحدها ، وإنما في دول العالم كله .

يا لرحمتك بنا يا الله " لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم " تجتمع تلك الملايين بميادين مصر الحرة ، يجمعهم نداء واحد وهدف واحد ورغبة واحدة ، يحركهم الأذان فيركعون ويسجدون معا ، فيبلغ عنهم الله وهم بمكانهم ، يبذلون الدماء في صمت ورضا ، ويتخذ الله منهم الشهداء ، ويسقط المصابين ، لتتوافد ملايين أخري لا يردعهم الدم ، ولا تخيفهم آلة الطغيان ، صدقوا الله فصدقهم ، عملوا فبلغ عنهم ، نادوا فأسمع الله بهم ، والآن تتوافد وكالات الأنباء العالمية تتهافت لمعرفة أخبار تلك الملايين الربانية التي اجتمعت في اكبر تجمع بشري عرفه العالم علي الإطلاق ، بلا حادثة أخلاقية واحدة ، وبلا مخالفة قانونية واحدة ، مسبحين مهللين صائمين قارئين لكتاب الله قائمين به ليلا  ، اجتمعوا في ميدان ليصير الميدان الواحد كل ميادين الوطن ، ولتتحول بضعة ملايين خرجت لله إلي عدد لا يحصي من البشر خرجوا استجابة لنداء الله في نصرة الحق ونصر الدين ، حتى لو كان الثمن هو الموت .  

إنها أيام الله ....

ورسائل الله .......

رسالة للسيد الرئيس العالم الأستاذ الدكتور المنتخب محمد مرسي ، رغم علمنا جيدا أن آليات العمل لم تكن في يده ، وان المؤامرة ليست وليدة اليوم ، وأن أذناب الطغاة اجتمعوا عليك منذ اليوم الأولي لتوليك مقاليد الأمور ، وأن الآلة الأمنية كلها اجتمعت علي إفشالك متعمدين  ، ورغم انك أنجزت الكثير في تلك الفترة الوجيزة رغم كل تلك المعوقات ، إلا انك سيادة الرئيس يجب تنتبه لشيء هام ، لقد خلق الله عز وجل الجنة والنار ، وجعل الثواب والعقاب ، ثم جاءت القوانين الإنسانية كلها مبنية علي ذلك المبدأ ، الإحسان لمن أحسن ، والعقاب لمن أفسد ، وإلا فسوف تضيع المجتمعات ، وتسود الفوضى ، ولا يمكن أن تبني حضارة ، وذلك ذو القرنين / الملك العادل ، القوي ، العالم ، الغني ، يقول عنه الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الكهف

:(( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا )) .....

رسالة للصف الإسلامي ، لقد وقع الصف في أخطاء عديدة  يجب أن يتداركها ويصححها ، منها الفرقة والشتات ، وقد أراد بكم ربكم خيرا حين حدث ما حدث ، وحين اجتمعت عليكم كل المتضادات ، فقد وجب عليكم اليوم أن تتوحدوا ، وتقفوا صفا واحدا خلف فكرتكم ، وخلف قيادتكم

رسالة إلي المجتمع والأمة كافة ، يقول المفكر الإسلامي سيد قطب:

 قد يبطئ النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماما .فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصارا من المخدوعين فيه ,لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله ;فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة .فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عاريا للناس ,ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية !

هذه معالم بعض هذه الفترة الصعبة من وجهة نظري المتواضعة ، وما زال هناك من حكم الله ما يخفي عنا سوف نعلمها ، لكنها كلها خير وفضل ونعمة منه علي الإسلاميين خاصة والأمة عامة ، لكنه في يقيني سوف يكون نصرا لم تشهده الأمة الإسلامية منذ زمن بعيد ، هذا ظني به سبحانه ويقيني برحمته بنا .....