الأحذية عبر التاريخ في معرض غريب من نوعه

في غراتس النمساوية

بدل رفو المزوري

[email protected]

النمسا\غراتس

للأحذية حكايات عبر التاريخ، وحكايات الأحذية كانت موضوع معرض غريب من نوعه يقام في الطابق الأول، في متحف القصر والواقع في شارع (ساك ـ الكيس) مدينة غراتس النمساوية من الفترة 12\4\2013 لغاية 12\1\2014، ولهذا المعرض أهمية بالغة من حيث التحف المعروضة ـ الأحذية ـ  وكذلك للقيمة التاريخية للمتحف ـ مكان العرض ـ الواقع في المدينة القديمة الذي يعتبر قبلة مفضلة للزوار لكونه عالمياً ويعرض أنواع الأحذية من مختلف بقاع العالم عبر تاريخها مع توضيحات عن البلدان التي استعملت فيها هذه الأحذية .

تعد مدينة غراتس أهم مدينة مصنعةً للأحذية، ففي عام 1857 أسس (ديفيد هاينريخ بولاك) في غراتس مصنعاً للأحذية وبعد ذاك تم تغيير اسمه إلى (هومانيك) وفي عام 1920 تم تأسيس (هومانيك فيننا غراتس) للجلود، ثم انتقل المقر الرئيسي إلى غراتس عام 1929 وتعد (هومانيك) من العلامات البارزة في غراتس ومازالت معارضه موجودة في المدينة القديمة.

نظراً لأهمية المدينة في تاريخ صناعة الأحذية الجلدية، يقام هذا المعرض العالمي بها. والأحذية المعروضة هي من مجاميع التاريخ الثقافي الفييناوي وكذلك من المتاحف العالمية التي هي نقطة ثقل المعرض. وهذه الأحذية أهم بكثير من كونها مجرد أحذية تمَّ انتعالها. بل هي تحكي تاريخ من استعملوها فالمعرض عرض أحذية للطبقة العليا والنبلاء عبر التاريخ بالإضافة إلى أحذية العامة وبسطاء الناس، وقد لعب الشكل والمادة التي صنعت منها دوراً أساسيا في تميزها.

وفي جولة في المتحف نجد المعرض مقسما إلى صالات عديدة وفي الصالة الكبرى التي استعارت الأحذية من متحف التراث الشعبي في فيينا تعرض أنواع وأشكال الأحذية في العالم عبر التاريخ وقد وضعت في معارض زجاجية وبخلفية كبيرة لصور البلاد التي يعود لها الحذاء ومن هذه الأحذية : حذاء من كندا يعود لعام 1820، صندال جلدي من جنوب إفريقيا صنع عام 1908 من جلد الماعز، صندال جلدي من جلد الماعز أو البقر من الخرطوم\السودان صنع عام 1850، حذاء من الصين صنع في القرن التاسع عشر من القش، قبقاب من أندنوسيا صنع في القرن التاسع عشر من الخشب، حذاء تركي صنع عام 1850 من جلد البقر، حذاء من اليابان من القرن التاسع عشر وهو بسيط جدا ويستخدمه غالبا النساك البوذيين.

في الصالة الكبرى للمعرض يعيش الزوار رحلة عبر الأفكار في مختلف البلدان البعيدة حيث خصصت هذه الصالة للأحذية التقليدية واليدوية المصنوعة من المواد النباتية والحيوانية. وفي صالة أخرى تلعب التقنية دورا متميزاً إذ صنعت الأحذية للحاضر والمستقبل أيضا والنماذج المعروضة فيها تستعمل في مختلف المجالات ومتنوعة في الطلب على التكنولوجيا ومنها : أحذية عمال المجاري والصرف الصحي، أحذية رواد الفضاء وتميز المعرض بوجود حذاء رائد الفضاء العالمي الروسي (اناتولي ياكوفليفيتش سولوفيوف)، بالإضافة إلى أحذية عمال بناء السقوف وأحذية غريبة حديدية مثل حذاء البحث عن الكستناء في الغابات .

وبعد القرن السابع عشر وبسبب وفاة 230 شخصاً نتيجة تساقط الصخور والحجارة، بالإضافة إلى صعوبة التنقل المنحدرات الصخرية وفي الجبال وخلال أعمال عمال المناجم... تم تخصيص قسم كبير أيضا من المعرض للأحذية الرياضية من شتى الأنواع بعد إن صارت الرياضة أكثر شعبية وأهمية في العالم فقد صنع أول حذاء رياضي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وقد وضعت أحذية الرياضيين في معارض زجاجية ومنها : حذاء (توماس موركيرن شتيرن) حامل 13 ميدالية ذهبية، حذاء(سباستيان فيتيل) بطل العالم في الفورمولا 1  ثلاث مرات، حذاء أسطورة كرة القدم في مدينة غراتس (ماريو هاس) لاعب نادي شتورم غراتس النمساوي السابق، وحذاء أول متسلق جبال نمساوي (روبرت شاور) تسلق قمة جبل إيفرست عام 1978.

ولم يخل المعرض من أحذية تمثل عصر النهضة من خلال الأحذية الطويلة والتي تشبه منقار اللقلاق كنموذج استخدم خلال الاحتفاليات للإمبراطور النمساوي ماكسيميليان الأول وكذلك أحذية الأطفال التي كانت شاهدة على الحروب.

الفن والتصميم العالمي كانا لهما بصمات واضحة في المعرض من خلال أعمال الفنانين (هانز ماركارت) الملقي بأمير الرسامين، ومنها أيضا تصميم جميل لحذاءأاصفر من عمل العراقية (زها حديد) وهذا التصميم يختلف عن جميع موضات الأحذية عبر التاريخ.

صالة الأحذية عبر التاريخ تعرض نماذج غريبة لأحذية عالمية عبر التاريخ ومنها القبقاب الفضي من قصر الملك فاروق (1920 ـ 1965) وهو مصنوع من الفضة بحس فني رائع وغريب، وعرضت أحذية صينية مصنوعة من الصوف والجلد، كذلك حذاء الملك فرانس الأول(1494ـ1547) وهو مذهب أما الحذاء القبطي فيرجع إلى القرن الرابع من مصر.

معرضان كبيران في الصالة الأخيرة وهما يواجهان بعضهما البعض، معرض زجاجي للأحذية الرجالية والأخر للنسائية ويعرض الموضة النسائية حسب الترتيب الزمني ويبدأ من عام 1600 والرجالية يبدأ من 1830 وربما يشهد التاريخ بأن الأحذية النسائية أقدم من الرجالية!!!

استعيرت أحذية معرض متحف القصر من شخصيات رياضية حية ومعروفة ومتاحف كثيرة مثل : المتحف التقني في فيننا، متحف المسرح في فيننا، أسلحة ودروع فيننا، متحف الجلودـ أوفين باغ.

الزيارة إلى متحف القصر ومعرض الأحذية عبر التاريخ هما رحلة إلى عوالم صناعة الأحذية عبر التاريخ والمكان والبلاد البعيدة...سياحة الى العوالم البعيدة ولكن من أفاق الحذاء.