مشروع التحرير واستنهاض الأمة

مشروع التحرير واستنهاض الأمة

وائل الزرد

إن تحرير المسجد الأقصى ليست حكرًا على سكان الأرض المقدسة "فلسطين" ومن الظلم للقضية ولسكان هذه الارض حصر تحرير بيت المقدس فيهم دون غيرهم، فلا نحن وحدنا بقادرين على التحرير، وليست المدينة المقدسة لنا وحدنا حتى نتحمل وحدنا تبعة التحرير، وإن كان من الشرف لنا بلا شكٍّ أن نتبوأ رأس الحربة في مشروع التحرير الكبير .

 ومن خلال التجوال بين المعتمرين في أرض الحرم المكي تحديدًا، وفتح المجال أمامهم واسعًا للحديث عن القدس والأقصى، ومع أنني كنت ألبس شعارًا يوحي بأنني من فلسطين، مطبوع عليه صورة القدس ومكتوب عليه عبارة لا تحتمل الخطأ "القدس لنا"، ومع هذا غير أن الذين كانوا ينتبهون لهذا قليل من الناس.

مع أننا بمجرد ما نلتقي ببعض أصحاب المصائب من البلدان العربية أو الإسلامية ننشد لهم بشكل كبير جدًّا، بل ونشعرهم بذلك ونحس أن مصابهم هو مصابنا، وقضيتهم قضيتنا، وأن ما أصابهم يصيبنا وما يفرحنا يفرحهم ويسعدنا، فيا ترى ما السبب؟ ولماذا نجد أنفسنا منشدين نحو كل المصابين من أبناء أمتنا بخلاف غيرنا من أبناء صالأمة ؟ ألأننا مشتركون في المصيبة وهي التي تجمعنا ...

فإِن يَكُ الجنسُ يا ابنَ الطَّلْحِ فرّقنا ... فَإِنّ المصائبَ يجمعْنَ المُصابينا

 ولستُ أمدحُ شعبَنا -وإن كان يستحق المدح والإطراء والثناء- ولكني هنا أتكلم عن هَمٍّ جديد يضاف للدعاة والمثقفين من أبناء الأمة بشكل عام، وللدعاة والمثقفين من أبناء الشعب الفلسطيني بشكل خاص، وللدعاة والمثقفين من أبناء الحركة الإسلامية بشكل أخص.

 مشروع التحرير :

 إنَّ مما يجب أن يتفق عيله كلُّ أبناء الأمة –ويجب أن نسعى لتحقيق ذلك- أن تكون القضية الفلسطينية وتحرير فلسطين هي القضية المركزية في حياة الفرد، والأسرة، والمجتمع، والأمة، ولقد بات واضحًا أن مشروع تحرير فلسطين التاريخية من أيدي الصهاينة الظالمين، بحاجة إلا استنفار كل طاقات الأمة عربًا ومسلمين، ذلك لأن فلسطين ليست ملكًا لسكانها فقط، بل هي ملك للمسلمين جميعًا، وعلى مدار التاريخ لم يكن تحرير المسجد الأقصى على يد سكان هذه الأرض وحدهم، وهذا من بداية مشاريع التحرير الأولى، فالفتح الإسلامي الأول كان على يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو من المدينة المنورة، والفتح الثاني كان على يد الناصر صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- وهو كرد قدم من بلاد الترك .

 استنهاض الأمة :

 وهذا يلزمنا جميعًا أن نقوم لله مثنى وفرادى، ثم ننطلق بين أبناء الأمة موضحين أبعاد القضية، موضحين المخاطر المحدقة بالمدينة المقدسة، محملين المسلمين المسؤولية الكاملة أمام الله وأمام الناس، وهذه المسؤولية تقع على كل من ملَّكه الله ملكةَ البيان، وحسنَ الكلام، ومعرفةَ الدخول للناس من حيث يرغبون، فالأمة اليوم مدعوة أكبر من أي وقت مضى لتقوم بالعبء المناط بها، من وجوب العمل على تحرير المسجد الأقصى، قبل أن تقع الكارثة بهدم المسجد الأقصى ولا نملك ساعتها إلا البكاء، مع الفرح بخروج شيء من المسيرات الجماهيرية .

 ولأتكلم بشكلٍ صريحٍ أكثر: إنَّ قيادةَ حركة المقاومة الإسلامية حماس، مدعوةٌ أكثر من أي وقت مضى، أن تبعث رسلَها إلى الأمصار الإسلامية كلها، ليبثوا الوعي بين أبناء الأمة، وليأخذوا بأيديهم نحو الوعي الكامل بالقضية والواجب الكامل تجاه تحرير المدينة المقدسة، ذلك لما حباهم الله من مكانةٍ عظيمة في قلوب الناس عربًا ومسلمين.

 فبلدُ الإسلام العظيم "إندونيسيا" أكبرُ بلدٍ إسلامي يتجاوزُ تعدادَ سكانِهِ 250 مليون، كم يحتاج من الدعاة والمنظرين والمثقفين والمفكرين المجيدين للحديث بطريقة لبقة ممتازة، يستوعب الحاضرين ويأخذ بعقول السامعين، كم واحدٍ من هؤلاء يحتاجه هذا البلد الإسلامي الكبير، هذا دون أن نبخس العاملين لنهضة الأمة شيئًا في هذا البلد أو ذاك، ولكنَّا هنا نعني بكلامنا المتحركين دعويًا من أبناء فلسطين، ومن أبناء العمل الإسلامي خاصةً، فإنهم أصحاب القضية، وأهل الحمية، وهم الذين ورثوا هَمَّ التحرير جيلًا عن جيلٍ .

 والعالم العربي والإسلامي اليوم بات والحمد لله مفتوحًا، وهذا يستدعي أن يُبث دعاةُ فلسطين من أبناء الحركة الإسلامية -لأنهم الأقدر- في الأقطار كلها مستنهضين أبناء الأمة، مجهزينهم للفتح الأكبر، متخذين في ذلك كل السبل المتاحة قانونيًا، بعد التنسيق المباشر والكامل مع أصحاب القرار في هذه الدولة أو تلك، لنسعى جميعًا لحشد كل طاقات الشباب المسلم الغيور، تلبيةً لصرخة سيد المجاهدين/ "رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية" حين دعا الأمة للنفير العام والاشتراك في جيش القدس بإذن الله تعالى ...

......................

والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل، وعسى النصر أن يكون قريبًا بإذن الله