جبهة بشار نصر اللـه لتحرير الجولان!!

جبهة بشار نصر اللـه لتحرير الجولان!!

ياسر الزعاترة

سيسجل التاريخ للثورة السورية أنها دفعت بشار الأسد، وحليفه حسن نصر الله إلى الإعلان عن مشروع لتحرير الجولان من أيدي الغاصبين الصهاينة!!

نصر الله في إطلالته الثانية خلال أسبوع، قدم لنا الجزء الثاني المكمل من البشارة، فيما تكرم علينا بشار الأسد بالجزء الأول منها عبر حديث لزوار نقلت لنا صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله بعض تفاصيله كما دأبت على العمل طوال العامين الماضيين، ويبدو أن ما يقوله بشار للزوار لا يتسرب عمليا إلا للصحيفة المذكورة، ربما بمحض الصدفة لا أكثر!!

يأتي ذلك كله (إعلان نصر الله، وقرار بشار الأسد) بعد الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مخازن أسلحة لم يعد من باب التكهن القول إنها كانت لحزب الله أو في طريقها إليه، الأمر الذي أكده خطاب الأول، وربما حديث الثاني أيضا.

للتذكير فقط، ومن باب التأكيد على المقاومة والممانعة، فإننا لم ننكر يوما أنه كان هناك محور يحمل الاسم المذكور، ويأخذ هويته من وجود محور بائس اسمه محور الاعتدال، وأن النظام السوري كان جزءا من الأول، لكننا لم ننس أيضا أن جبهة الجولان ظلت هادئة طوال 40 عاما، كما لم ننس مثلا أن النظام كان يعترف مثل غيره من أنظمة العرب بالقرارات الدولية، وهو وافق على مبادرة قمة بيروت 2002 التي شطبت عمليا حق العودة بحديثها عن حل متفق عليه، وهو ذاته الذي علمنا أنه كان على وشك التوصل إلى اتفاق مع نتنياهو عبر وسيط أمريكي لولا اندلاع الثورة السورية. وقبل ذلك وبعده، لم ننس سيرته البائسة مع الفلسطينيين طوال عقود، حيث قتل منهم الكثير، وطاردهم طويلا، وصولا إلى طردهم من لبنان، وتلزيم المقاومة لحزب الله وحده دون غيره، باتفاق مع مرجعيته (إيران) الطامحة إلى تحقيق وجود ودور في المنطقة.

لنعد إلى بشارات نصر الله وبشار الأسد، فقد حدثنا الأول عن أن رد النظام السوري على الغارات الإسرائيلية سيكون من شقين؛ الأول عبر مد حزب الله بالسلاح النوعي، بما في ذلك الذي يكسر الميزان الإستراتيجي، وهو ما يطرح سؤالا حول ما إذا كان نظام بشار يملك أسلحة أكثر من تلك التي تملكها إيران، مع علمنا بأن الأسلحة التي استُهدفت في سوريا هي أسلحة إيرانية، ثم لماذا أصلا ينقل بشار الأسلحة لحزب الله وهو في حاجتها إذا لم يكن في مزاج يأس من البقاء، وعينه على الخطة “ب” ممثلة في الدويلة العلوية في الساحل، والتي ستستمد قوتها من العلاقة مع حزب الله وإيران.

الشق الثاني، ويتمثل في إطلاق مقاومة شعبية عبر الجولان لتحريره من الاحتلال، وهو أمر تشكر عليه الثورة السورية التي ذكّرت نظام بشار بأن الجولان محتل ولا بد من استعادته، وهنا يعلن حزب الله أنه سيعمل مع كل القوى (بما فيها الفلسطينية طبعا.. أية قوى؟!)على النضال من أجل تحرير الجولان، من دون أن يقول لنا لماذا لا يحرر مزارع شبعا، ولماذا لا يرد على خروقات طيران الاحتلال للأجواء اللبنانية، ولن نسأله عن تحرير فلسطين عبر المقاومة أيضا، لأن نظام بشار على علاقة طيبة هذه الأيام مع محمود عباس الذي لا يحب كلمة مقاومة كثيرا، لاسيما المسلحة منها.

بشار بدوره لم يعتبر أن إطلاق صاروخ أو بضعة صواريخ يمثل ردا على الغارت الإسرائيلية، لأننا “بذلك نكون قد انتقمنا تكتيكيا”، حسب قوله، فيما يريد هو “انتقاما إستراتيجيا”، و”الانتقام الإستراتيجي” سيكون “عبر فتح باب المقاومة، وتحويل سوريا كلها إلى بلد مقاوم”.

الخطابان إذاً يكمّل بعضهما بعضا، فسوريا ستفتح جبهة الجولان للمقاومة، وسيكون حزب الله مشاركا فيها، وهذا هو الرد الإستراتيجي. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أي عاقل سيأخذ هذا الكلام على محمل الجد، فهذا النظام الذي يستميت من أجل البقاء، ويستجدي حلا مع الغرب وأمريكا، لن يكون في وارد الدخول في مواجهة مع العدو.

كما أن حزب الله الذي ألغى المقاومة من قاموسه منذ الاتفاق الذي أنهى حرب تموز 2006، وحوّل سلاحه إلى أداة استقواء في الداخل اللبناني، وأحاله اليوم سلاحا طائفيا على نحو أكثر وضوحا في سياق الدفاع عن بشار الأسد كحليف إستراتيجي للولي الفقيه في طهران، هذا الحزب ليس في وارد الدخول في مواجهة مع العدو في الجولان، بفرض أن صاحبه (بشار) سيفتح تلك المواجهة، لاسيما أن الصهاينة لا يحاسبون على الفعل في جبهة معينة، بل في أية جبهة، ما يفرض حسابا دقيقا لردة الفعل (ألم يعلن نصر الله أثناء حرب 2006 أنه لم يكن ليختطف الجنديين لو علم بأن الإسرائيليين سيردون على ذلك النحو؟!).

إنها دعاية بائسة ليس إلا من أجل تثبيت نظرية المؤامرة الكونية على المقاومة الممانعة، وهي نظرية لم يعد يقبضها أحد سوى قلة هامشية في الأمة. الأمة التي خسرها نصر الله، بل أصبح في وعيها عدوا يدافع عن نظام يقتل شعبه. وهي كذلك دعاية سخيفة قد يقبلها بعض زوار الأسد من أصحاب العقد الأيديولوجية والحزبية والطائفية والمذهبية، أو ممن اشتراهم المال الايراني، لكن الغالبية الساحقة من الأمة لن تقبلها بحال.