قراءة في التقرير الإستراتيجي "أمتي في العالم" 2

قراءة في التقرير الإستراتيجي "أمتي في العالم"

(2 من 2)

بدر محمد بدر

[email protected]

تناولت في المقال الماضي جانبا من أبحاث التقرير الإستراتيجي السنوي "أمتي في العالم"، الذي صدر مؤخرا عن مركز الحضارة للدراسات السياسية بالقاهرة، وبه مجموعة من أفضل البحوث والدراسات السياسية، شارك فيها أكثر من خمسين باحثا وأكاديميا وخبيرا، وأستعرض في هذا المقال جانبا آخر من التقرير.

حيث أشار بحث إلى أن الأيام الأولى من حكم الرئيس الجديد أظهرت تحولا نوعيا في سياسة مصر الخارجية، بالتوجه نحو الصين وأفريقيا عموما، ودول حوض النيل بوجه خاص، وانفتاحا جزئيا على القضية الفلسطينية بشكل متوازن، وربما أكثر ميلا نحو حركة "حماس"، وبدا أن التغير على الصعيد الداخلي أكثر صعوبة من الصعيد الخارجي، إذ جاء تشكيل الحكومة الجديدة دون الطموحات التي علقها ملايين من الناخبين على الرئيس الجديد في إجراء تغييرات جذرية في بنية الدولة.

ويشير بحث عن "الإعلام والثورة.. الاتجاهات والخطاب" إلى افتقار الإعلام المصري بكل أنواعه؛ مقروءا ومسموعا ومرئيا إلى الاستقلال وإن بدرجات مختلفة، فهو عرضه للانتهاك والتدخل في مضمونه، وبعبارة أكثر وضوحًا: لا توجد سياسات تحريرية مكتوبة ومعلنة للجميع وملزمة لهم، ما يجعل المضمون الإعلامي أبعد ما يكون عن الاستقلال عن الأهواء والميول والاتجاهات ذات الصلة، بالدولة أو بالأحزاب السياسية أو برجال الأعمال أو بالمحررين أنفسهم.

ويتناول البحث كذلك ظهور عدد كبير ومفاجئ من القنوات الفضائية، دون أن يتسلح القائمون عليها بالحد الأدني من مهارات العمل الإعلامي، وهو ما جعل الأداء يفتقر إلى المهنية، ناهيك عن ارتباط هؤلاء جميعًا بقوى سياسية، بعضها قديم يدافع عن مصالحه في دعم الثورة المضادة، بعد أن هربوا من مواقعهم في "ماسبيرو" تحت ضغط الثوار أو قوى جديدة تبحث لها عن موطئ قدم في صراع السلطة الجديدة وبعضها الثالث يدعم القوى الإسلامية على اختلاف وتعدد تياراتها.

وفي بحث عن "القوى الغربية والثورة المصرية: محورية الفاعل الأمريكي" يقول الباحث إنه على الرغم من حالة الارتباك الأميركي تجاه الثورات العربية, إلا أن الأزمة كشفت عن تغيرات في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة العربية، لصالح إستراتيجية جديدة تقوم على دعم عملية تحول ديمقراطي، تسعى من خلالها الولايات المتحدة إلى حفظ الترتيبات الأمنية الإقليمية القائمة، أساسا لا يمكن الخروج عنه، مع ترك الشئون الداخلية للتفاعل، والسعي لضبط مساراته المتعددة.

وينتهي بحث عن "إسرائيل والثورة المصرية" إلى أن الكيان الصهيوني وضع ثلاثة سيناريوهات للتعامل مع الأوضاع في مصر، في أعقاب فوز الإسلاميين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، الأول: يتمثل في محاولة إجهاض عملية التحول الثوري، من خلال التحالف مع قوى الثورة المضادة، والحرص على عدم استفزاز الحكم الانتقالي في مصر، توطئة للدفع بخيار الاستقرار، وتمكنه من تأسيس نظام مصري ديمقراطي، لكنه أيضا نظام غير ثوري وغير عدائي ل "الكيان الغاصب".

والثاني: الاستعداد للمواجهة العسكرية مع مصر، من خلال التركيز على الجبهة الداخلية في إسرائيل، ورفع موازنة الجيش بهدف تطوير قدراته، وإبقائه على أهبة الاستعداد في حالة انهيار اتفاقية السلام مع إسرائيل، أما السيناريو الثالث: فيتمثل في فتح حوار أو قناة اتصال بين إسرائيل والأحزاب الإسلامية، وهو ما يتردد كثيرًا أن الولايات المتحدة تعمل في اتجاهه وتؤكده.

وفي النهاية لابد من تقديم الشكر لكل من أسهم في إعداد الأبحاث التي حواها تقرير "أمتي في العالم"، ولا شك أن الجهد العلمي المبذول في 840 صفحة، يحتاج إلى آلية لتنفيذ ما تم التوصل إليه من نتائج عملية.