أتحفظ على الفهم ولا أتهم النوايا

د. حامد بن أحمد الرفاعي

قال لي أخ ممن يتمتعون بشهرة بين الدعاة:يا أبو فيصل إنني أتابع رسائلك باهتمام..حقاً إنك تؤدي مهمة جليلة في تأصيل المفاهيم وترشيدها..فالأجيال بحاجة لمثل هذا التركيز والتوضيح الموضوعي الراشد..وبالطبع فكلٌ منّا يُؤخذُ منه ويُردُ..ولكن ألا ترى معي أنك في بعض رسائلك تجنح وتغمز بالدعاة وأصحاب الحركات الإسلامية المشهود لها بالصلاح والجهاد..؟ قلت:لا..لا أرى ذلك..لأنني لم أغمز قط بأحدٍ باسمه (شخصاً كان أم حركةً) فهذا ليس من خلقي..وللبيان فقد سئلت مرة في مجلس كريم عن رأيي في أحد المشهورين في منابر الدعوة..وقد انكشف عوار فكره وتوجهاته لدى الكثير..فقلت للسائل ليس من خلقي أن أجهز على جريح..رغم أن هذا الشخص كان قد كفّرني صراحة مع ثلة من أعلام الأمة بأسمائنا..ولا ذنب لنا إلا أننا نمارس الحوار مع غير المسلمين..قال:بل حصل منك هذا..قلت:هات ما عندك..قال:ألم تقل في رسالتك(الفهم الغريب المعتل):"يصر الغلاة والمتحزبون من المسلمين أن عبارة طائفة في قوله  :"لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ"قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ،وَأَيْنَ هُمْ؟قَالَ:"بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ"إنما تخص الدعاة من الأفراد والجماعات فحسب..ولا تشمل الساسة والدول..ثم وصفت فهمهم هذا بقولك:"الفهم العقيم السقيم"قلت:بكل تأكيد قد قلت ذلك..وأكرر ذلك اليوم وغداً حتى يتبيّن لي غير ذلك..وهل ذمُ الغلو والتحزب واحتكار الفهم بشكل عام  يؤذي أو ينتقص من أحدٍ أوجهةً ما بعينها..؟وهل أنت من أنصار الغلو والتحزب واحتكار الفهم والاجتهاد ..؟ قال:لا..قلت:إذاً نحن سواء في موقفنا من هذه الحالات أليس كذلك..؟قال:أكيد..قلت:ما هي علة اعتراضك إذاً ..؟ قال:الناس أولوا كلامك أنه هجوم على الجماعات والأحزاب الإسلامية..قلت:دعني أريحك وأريحهم من عناء التأويل والظن..وأعلن وأؤكد:أنني حربٌ على الغلو والحزبية والتحزب والاحتكار والتعصب أين كان مصدر ذلك..مع التأكيد:أنني لا أتهم النوايا فهذا أمر موكول إلى الله تعالى..ولكنني أتهم وأتحفظ على الفهوم والسلوكيات التي تفرِّخُ الغلو والتحزب واحتكار المفاهيم..والرسول صلى الله عليه وسلم علّمنا أن نقول:"ما بالُ أقوام"ونبتعد عن التسمية والتخصيص..وعلّمنا عليه الصلاة والسلام أن نتبرأ من الأعمال ولا نتبرأ من الأشخاص لقوله صلى الله عليه وسلم :"اللَّهم إني أبرأ إليكَ مما صنعَ خالدٌ"وبعد..فهل مع ما تقدم من بيان يبقى هناك غمزٌ ولمزٌ بأحدٍ من عباد الله ..؟

وسوم: العدد 627