أرُعبٌ أم رهبٌ ...؟

د. حامد بن أحمد الرفاعي

بل رعبٌ..ربما كان في وقت ما كان يصلح أن تُوصف حالة الخلل العالمي بالرهبة والإرهاب..أما اليوم فهي تأبى ذلك..فهي تصرخ من الرعب..ولكن ما لفرق بين الرعب والرهب أوالرهبة..؟الإرهاب مصطلح حكيم يحمل معاني الرحمة والاتقاء لقوله تعالى:"فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ"أي فاتقون..وفيها معنى الإنذار والردع لقوله تعالى:"تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوّ اللَّه وَعَدُوّكُمْ"وفي المسيحية تعني التشدد في العبادات والتبتل والصفاء الروحي لقوله تعالى:"وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ"أما الرعبُ فهو أشد درجات الخوف والذعر والهلع من الدمار والهلاك لقوله تعالى:"وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ"حقاً..فإن ما يجري في العالم اليوم من ممارسات إجرامية بشعة بحق كل أنواع الحياة والعمران والبيئة..لَيفوق معاني الرهبِ والإرهاب..إنها أفعال إجرامية متوحشة بشعة مرعبة لا تبقي ولا تذر..إنه تدمير جماعي للبشر والحجر والشجر والطير والبقر وكل أنواع الحياة..مما تعجز عن وصف شمولية وسعة وحشيته عبارة إرهاب..فالرهب والإرهاب كلمتان مؤدبتان ورحيمتان مقارنة بالرعب والترعيب..وما ينتجان من ذعر وهلع وذهول في نفوس الناس والضحايا منهم..فضلاً عما تلحقانه بالأبرياء من دمار وهلاك..لنتأمل يا قوم ما يحدث عندما تقع براميل متفجرة على مباني مأهولة بالسكان..كيف تعجنهم بالحجارة وبكل ما حولهم..وما يعاني آخرون منهم موتاً بطيئاً تحت الدمار..بفعل آلام الجراح والتمزيق والنزيف والجوع والعطش وفقدان التنفس..!!!أيبقى مكان لعبارة رهب وترهيب وإرهاب مع هذه المشاهد المرعبة..؟؟؟!!!أليس الكيماوي والبيولوجي باتا أرحم من رعب ووحشية البراميل المتجرة وباقي وسائل الدمار الشامل..؟فعلى الأقل هناك فرصة للعلاج والإنقاذ مع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية..مما يجعلها أحب وأرحم إلى نفوس الضحايا من وحشية البراميل المتفجرة وأسلحة الدمار الشامل المرعبة..؟؟؟فالبراميل المتفجرة وما هو بحكمها مما يسمونها الصواريخ الذكية المدمرة..تحدث جرائم مرعبة تفرخ جرائم أكثر وحشية وأشد رعباً..وبعد:أيصح ويستقيم عقلاً وديناً وإنسانية أن تبقى عبارة ما يسمى الإرهاب ..؟؟؟!كافية  وصالحة لتصف وتترجم بشاعة حالات الإجرام ووسائله المرعبة تفتك بكل مقومات الحياة في أكثر من مكان في العالم..؟!وبعد..فعلى المجتمع الدولي أن يسمي الأمور بمسمياتها الدقيقة ويتعامل معها بجدية وحزم..فذاك أصلح وأجدى.

وسوم: العدد 628