ريهام الشهيدة وخطبة الجمعة

طرحت سؤال تفاعلي على صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" يوم الجمعة، وبعد انتهاء الصلاة التي لم يتطرق فيها الإمام إطلاقا لموضوع استشهاد ريهام دوابشة، الفلسطينية التي حرقت على يد قطعان المستوطنين والتي دفنت بذات الأسبوع .

أكذب إن قلت أني لم أتوقع الاجابة، أو أني فجعت من رد فعل المتابعين والمعلقين على الموضوع، لا بل على العكس ما توقعته حدث تماما، وهو أن أحدا لم يتطرق لذكر ريهام والمحرقة والفعل الاسرائيلي لا من قريب أو من بعيد، فالجميع أجمع أن الخطيب لم يتحدث عن الشأن الفلسطيني ولم يذكر الحادثه أو يمر عليها مرورا .

وأجمعت الردود على أن الأوقاف لم تذكر الأمر في الخطبة الموزعة على الأئمة في المساجد، وأن الإمام يذكر ما يكتب له، وأن المشكلة تكمن في الأوقاف التي توزع الخطب، وأن الإمام أو الخطيب مجبور أن يذكر ما يكتب له من خطب .

ما أريد قوله عبر مقالي هذا أن المشكلة يا ساده لا تكمن في الأوقاف التي تتحمل مسؤولية ومسؤولية كبيرة، ويقع على عاتقها دور كبير، بل هي أكبر من ذلك وتشمل أطراف عدة من بينها الأوقاف التي باتت تحمل وفق سياسة النظام الحاكم في البلد .

على الأوقاف جزء من المسؤولية، ولكن الجزء الأكبر يقع على عاتق فئتين، الأولى الأئمة والخطباء الذين قبلوا لأنفسهم أن يكونوا مرددين لما يكتب لهم من باب أنهم بحاجة للقمة الرزق، وأن رواتبهم قد تكون مهددة، مقدمين بذلك المال على قول الحق وهذا الذي لم يتعلموه بالجامعات ولم يعلموه للناس في مواعظهم، وهنا أنا لا أعمم بل أقصد هذه الفئة ولا بد أن هناك من لا يخشى لومة لائم ويصدح بالحق في المنابر وغيرها .

الإمام قدوة يا ناس والمساجد هي التي من خلالها يتحدث الشعب بهمومه ومشاكله، وفي خطبة الجمعة يجتمع الناس ليتحدثوا عن مشاكل الوطن وعن الآفات الاجتماعية، وهناك شيئ اسمه فقه الواقع، فلا يعقل أن يكون لدينا مجزرة يتحدث عنها العالم ونحن نتحدث عن شؤون اجتماعية ومشاكل قد يكون لها وقتها .

قد يقول قائل أو يرد إمام أن ما تعرضنا له في السنوات السابقة من اعتقالات وتهديدات ومنع من الخطابة ونقل وإجراءات تعسفية بعد الانقسام، هو ما أوصلنا لهذه الحاله، متناسيا ما تعرض له من سبقه على مر العصور من تنكيل وفتن صبروا خلالها وكانوا منارات نتحدث عن بطولاتهم من عقود طويله مضت ليوم الدين .

الناس على دين ملوكهم فهل الأئمة على دين النظام السياسي المتبع في البلد؟؟ هذه كارثة هذه الفئة بالتحديد، يجب أن تكون فوق كل شيء فهي التي تعلمنا، وهي التي خلفها نقتدي يوميا ولها نرجع بالفتوى وكل صغيرة وكبيرة، فلا يقبل منها أن تكون بعيدة عن حال وهموم المواطن والشعب والوطن .

الفئة الثانية التي تتحمل المسؤولية عن هذه الحاله هو النظام السياسي في البلد الذي بات يغرد في سرب غير سرب هموم الوطن والمواطن والبلد والعباد، فلا يعقل إطلاقا أن نهدد في الجنازات ونتوعد في المسيرات ونزمجر عبر الفضائيات، ومن ثم نجلس في البيوت ننتظر طبخة المقلوبه يوم الجمعة بالقرب من المكيف .

مبكي حالنا في هذه البلاد التي تثور وقتا يقدم خلاله الشعب خيرة بنيه، وما يلبث أن يهدأ ويتحول لحمامة سلام ينتقد الحال وينتظر المقابل ويلعن الماضي ويقتل الحاضر.

لا بد من مراجعات حقيقية يقوم بها الجميع لحين الوصول لعقد اجتماعي حقيقي متفق عليه ومتوافق عليه، نصوغ من خلاله النظام السياسي للمرحلة الحالية والقادمه وفق استراتيجات متوافق عليها، وإلا سيـأتي زمان نلعن فيه جبننا وحالنا .

وإلى أن يأتي ذلك الوقت الذي تعود فيه المنابر منارات ومواطن عزة، يتحدث فيها الخطيب عن كل ما يخص الوطن من القائد للمواطن من المسؤول للغفير، لكم من الوطن وريهام الشهيدة وعائلتها المغدورة ألف سلام وسلام .

وسوم: العدد 633