إيران وأحلام الملالي القاتلة

أحمد الجمّال الحمويّ

أصاب إيران غرور القوّة كما أصاب قوم عاد الذين أخبرنا ربّنا سبحانه وتعالى عنهم بقوله: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةًوَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ).

وهذا المرض ما أصاب قومًا إلا رماهم بالمهالك بما يرتكبون من مفاسد وحماقات تستنزل غضب الله تعالى وعقابه.

إنّ حقد مجوس إيران على الإسلام والمسلمين أعماهم، كما هي طبيعة الحقد الذي يعمي ويصمّ ويصيب الإنسان بشلل فكريّ عقليّ فلا يعود يُبصر.

ولنا أن نسأل إلى أين يسير الوليّ الفقيه وملالي إيران بإيران وشعوبها، بعقليّتهم ونفوسهم المريضة، وذلك الحكم الاستبداديّ الخانق؟

إنّ ما تفعله إيران في شعوبها وفي عالمنا له انعكاسات خطيرة جدًّا عليها أولاً ثمّ على شعوبها وهذه بعضها:

1-   إنّ أمّتنا عرفت أنّ دين إيران الصفويّة دينٌ قوميّ بأطماع وأحقاد فارسيّة مجوسيّة، وليس بينه وبين الإسلام وشيجة قربى ولا خيط رفيع من العلاقة.

ولو أنني اجتهدتُ أن أعرّف أمّتنا بحقيقة دين إيران وبذلت عشرات مليارات الدولارات لما استطعت أن أصل بالأمّة إلى بعض ما وصلَتْ إليه الآن بسبب عدوان إيران وأفعالها الحمقاء، وهذا مكسب ونصرٌ لأمّتنا قبل النصر العسكريّ القادم بإذن الله تعالى.

2-   كانت إيران وذيلها بشار وحسن نصر الله في نظر المخدوعين من المسلمين زعيمة محور المقاومة المزعوم، لكن وبعد أفعال إيران وجرائمها في سورية والعراق واليمن صار يشتمها ويلعنها من كان يفديها بروحه، وهذا مكسب آخر، ولونٌ آخر من ألوان النصر ودليلٌ قويٌّ على حماقة السياسة الإيرانيّة التي وقعت في فخّ الانتفاش والغرور.

3-   لقد أدّى ما ترتكبه إيران من كفرٍ وإجرامٍ في دولنا إلى تقوية عداوة المسلمين لها، ووضعها في أرذل درجات العداوة، وبات من الصعب أن ينسى المسلمون ما تقوم به خلال مئات السنين بعد ثورة الاتصالات التي وثّقت الأحداث توثيقًا عزّ نظيره.

فقد ثبت بشكلٍ قاطعٍ لدى كلّ عاقلٍ حرِّ التفكيرِ أنّ إيران تكذب فيما تدّعيه من محاربتها للإرهاب الذي هي منبعُهُ وأوّل رعاتِهِ، والأدهى أنّ قادة إيران يعلمون أنّهم يكذبون لأنّهم يُفبركون الكذب وينشرونه عن وعيٍ وإصرارٍ لكنّ المشكلة أنّ دينهم يأمرهم بالكذب ويُشجّعهم عليه، فلا غرابة فيما يفترون. زد على هذا أنّه ليس عند أولئك القادة ذرّة حياء، وليس في وجوههم ماء يمنعهم من الكذب، ومن الجيّد أنّ العالم عرف أنّ إيران دولة الكذب، وأنّ قادتها مجموعة من الكذّابين.

4-   إن إجرام إيران وما تمنى به من خسائر متنوّعة سيحدث غليانًا في شعوبها المقهورة المظلومة، ويُمهّد لثورة داخليّة عارمة باعثها الظلم والفقر والحرمان والخسائر البشريّة. إنّ تلك الشعوب ترى كيف يُبدّد الملالي أموال الناس في الاحتلال والعدوان ويحرمون عامّة الشعب من تلك الثروات.

إنّ ما تفعله إيران سوف يستنزفها ماليًّا ويضرّها بشريًّا.

5-   إنّ بعض الناس لا يعرفون أنّ الشيعة الفرس الممسكين بتلابيب إيران، والشيعة بشكلٍ عامٍ لا تزيد على أربعين بالمئة من سكان إيران، ولنقل تجاوزًا إنّهم خمسة وأربعون بالمئة، أمّا بقيّة سكّانها فهم خليطٌ من قوميّات وأديان مختلفة، وهم أكثريّة بمجموعهم.

فإذا فرضنا أنّ الشيعة في إيران فُرسًا وغير فرسٍ ستون بالمئة فيكون عددهم حوالي خمسين مليونًا، وأنّ بقيّة الشيعة في العالم كلّه حوالي تسعين مليونًا وبهذا يكون مجموع الشيعة في العالم كلّه حوالي مائة وأربعين مليونًا بمن فيهم النساء والأطفال والشيوخ!

فهل يكفي ما يمكن أن يجنّد من شيعة العالم كلّهم لاحتلال العالم الإسلاميّ الذي قارب المليارين؟ بل هل تستطيع إيران أن تُجنّد ما يكفي لاحتلال العالم العربيّ الذي زاد على أربعمئة مليون من المغرب إلى المشرق؟

إنّ إيران التي تُعلن أنّها متفوّقة استراتيجيًّا وإن كانت أقلّ عددَا لا تستطيع أن تنشر قوّاتها على هذا الامتداد وتلك المساحات، وتعجز بلا شكّ عن التمسّك ببلادنا إن احتلّتها، وليس لديها القدرة الماليّة على تغطية نفقات هذا الامتداد المتهوّر إن حصل، ولا تستطيع تحمّل أعباء حربٍ طويلة المدى والمقاومة التي سيُبديها المسلمون ليس في العالم العربيّ وحده بل في العالم الإسلاميّ كلّه.

إنّ إيران تنسى أو تتجاهل أنّ الأيّام دول، يُداولها الله تعالى بين الناس، وأنّ العالم العربيّ والإسلاميّ لن يبقى على الحال التي هو عليها الآن، كما أنّ الحلف الصهيونيّ اليهوديّ الصليبيّ لن يستمرّ لأسباب كثيرة منها تضارب الرؤى والمصالح.

لذا ليس من مصلحة إيران أن تسترسل مع أحلامها الشيطانية؛ لأنّها تسير إلى حتفها، وليس من مصلحتها أن تتمادى في عجرفتها ووقاحتها ومن ذلك ما قاله الوليّ الفقيه وبعض أركان نظامه أنّ القوات الإيرانيّة في سوريّة تقاتل الكفار، وهذا يُذكّر بما قاله الشاعر: (وقال السهى للشمس أنت ضئيلــة ... وقال الدجى للصبح لونك حائـــــل

وطاولت الأرضُ السماءَ سفاهــة ... وفاخرت الشهب الحصى والجنادل)

بل لكأنّ إبليس يوزّع ألقاب الإيمان والكفر على الناس.

إنّ الفرس المجوس تاريخيًّا لا يفهمون إلاّ لغة القوّة، وكلّ من يظنّ غير هذا جاهل لم يستفد من دروس التاريخ. فماذا نحن فاعلون؟

أحمد الجمّال الحمويّ.

نائب رئيس جمعية علماء حماة سابقًا.

عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام.

عضو مؤسس في رابطة العلماء السوريين.

عضو الاتحاد العالميّ لعلماء المسلمين.

وسوم: العدد 699