علماء تعلو بهم الهمم

الشيخ حسن عبد الحميد

clip_image002_545ac.jpg

رجال الدين وشيوخ الدين ما أكثرهم  ، لكن القليل منهم مايصل لقلوب وعقول الناس ، وهناك من يفوق تأثيرهم أكثر من ذلك ، لدرجة تعمل لهم حكومات ودول ألف حساب 

العلماء منهم ربانيون هم كالعافية للبدن والشمس للحياة  ، ومنهم تافهون سخفاء عملهم مسح الجوخ للسادة ، هم القواعد على موائد الأغنياء ، وهم يعلمون أن الابتسامة في وجه الظالمين معصية. 

والناس معادن منهم من لا يساوي بعرة ، ومنهم كحجر الألماس نادر الوجود وغالي الثمن ، ألا يوجد في السوق قماش الخوخ وقماش البالة ؟

في العلماء عظماء كالعز بن عبد السلام بائع الأمراء  ، وبعض شيوخ الأزهر كالخضر حسين ، وفي المفاتي مرتزقة وفيهم أمثال محمد حسنين مخلوف رحمه الله .

 نصف أعمارهم قضوها في السجون لجرأتهم وعظمتهم وتضحيتهم.

 لاتستغربوا فالله سبحانه قال : ( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) 

مريد الدنيا ينافق ويتزلف ، ويفتي بغير ماأنزل الله ليربح معاشه ، يسخط الله ليرضي العبد ، وفي الدنيا يسخط الله عليه العبد ، وفي الآخرة يأتي أسود الوجه ، منكس الرآس ، خافض البصر يقول : ( ياليتنا " اي في الدنيا" نرد ولا نكذب بآيات ربنا ) الأنعام   

في اسطنبول عقد مؤتمر لعلماء المسلمين ، هم علماء قضوا حياتهم جهادا وتربية ، دخلوا السجون من أجل هذا الدين ، جلدوا ، عذبوا ، واخرجوا من ديارهم لأنهم قالوا ربنا الله  .

اذكر منهم نماذج يقتدى بهم ، بل ويستسقى الغمام بوجوهم ووجودهم ، وياحسرة على العلماء .

العلامة يوسف القرضاوي الذي أثرى المكتبة الإسلامية بأكثر من مائة كتاب ، منها على سبيل المثال كتاب الحلال والحرام ، ومنها كتب العبادة ، وأعظمها كتاب فقه الزكاة مجلدان ضخمان كانا أساسا للبنوك الإسلامية  .

حياه الله أينما حل وأينما ارتحل ، يحضر مؤتمرا وقد تجاوز التسعين ، لكن علو الهمة من الإيمان. 

والثاني جاء على العربة من بلاد بعيدة ، وقد أثرى المكتبة الإسلامية بكتبه ، اختصر التفاسير الضخمة للطبري وابن كثير وقدمها للناس زادا ايمانيا ميسرا ، وكان حفظه الله يوزع كتبه مجانا لا يبغي إلا نشر هذا الدين وخدمته ، رآيته مرة في الحرم المكي وخلفه الآلاف يستفوتنه وهو الأزهري ، لو غاب  عن المؤتمر فمعذور لأن الله سبحانه قال ليس على المريض حرج ، ولكن أبت همته إلا أن يحضر موتمر علماء المسلمين ولو على العربية ، اليس المولى قال ( الم نجعل له عينين ، ولسانا وشفتين وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة ) وقد اقتحم الشيخ محمد علي الصابوني العقبة ، فجاء من اقصى الارض محمولا من طائرة إلى سيارة إلى عربة ليحضر مؤتمرا لعلماء المسلمين 

زرته مرة  ومعي هدية صغيرة ( سطل لبن ) سألني عن احوالي ؟ قلت سأسافر إلى مكة المكرمة ، قال بعفوية خذ هذه مفاتيح شقتي اسكن فيها ، وهي تبعد عن الحرم ٢٠٠ متر ، قلت معي رفاق ثلاثة ، قال وليكن ، اعطاني مفاتيح شقته دون مشورة العيال ، وياحسرة على العباد البعض يريد تطبيق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن الاذن لم يصدر بعد من أم العيال فخدوده ملساء ، وهو يعلم أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق 

اخيرا نتحدث عن أحد حضور الموتمر :

انه نائب دمشق ، زينة البرلمان يوم كان عندنا برلمان ، وهو الذي زرع في الدستور 

( الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع ) 

لكن هذا لم يعجب المندوب الروسي لافروف ، بل حتى القسم قال فض الله فاه : القسم لا يكون بالله بل بالوطن. 

عصام العطار رجل حنت ظهره السنون ، وصارت يده ترتجف ، اغتيلت زوجته بنان رحمها الله ، تجاوز التسعين قطع الاف الكيلو مترات ليحضر مؤتمرا في اسطنبول ، ليهتف في اجوائه بكلمة الله اكبر ، حياك الله عصام اينما حللت ، وبوركت جهودك وفقك الله ، والله متم نوره ولو كره الكافرون  .

فاذا كان العلماء كالملح للبلد فهولاء الثلاثة كباب الاوطان

والله اكبر والعزة لله ولرسوله وللمومنين  .

وسوم: العدد 738