أسلوب تهديد السلطة الرابعة دليل على صحة وصدق ما تنشره

أسلوب تهديد السلطة الرابعة دليل على صحة وصدق ما تنشره واعتراف ضمني من الجهات المهددة  بما توصف أو تدان به

تطالعنا بين الحين والآخر منابر إعلامية  بأخبار أو بيانات عن تعرّض  المشتغلين في الحقل الإعلامي للتهديد بشكل أو بآخر . والمعروف عن مهنة الإعلام أنها مهنة المتاعب  بسبب ما يتهدد أصحابها من مخاطر متنوعة . وتشير الإحصائيات كل سنة إلى أعداد الضحايا  من الإعلاميين قتلا أواعتقالا أوتنكيلا أوتهديدا أومتابعة  ومحاكمة ، ونسبة هؤلاء الضحايا  في تزايد مستمر سنويا . وإذا كانت المخاطر المحدقة بأبناء السلطة الرابعة متوقعة في بؤر التوتر كما هو الشأن في منطقة الشرق الأوسط الساخنة ، فإنه من غير المبرر أن تتهدد ضحايا في غيرها من المناطق خصوصا في المجتمعات الملتزمة بالنهج الديمقراطي وهي المجتمعات التي من المفروض أن يتمتع فيها الناس بهامش من حرية التعبير بالمقارنة مع غيرهم ممن يعيش في مجتمعات تسودها الشمولية والقمع .

ولقد أثار انتباهي البيان الذي نشره الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية على موقع وجدة سيتي ، والمتعلق بإدانة  تهديد الإعلامي السيد علي خروبي  مدير موقع وجدة 24  عن طريق  مكالمة هاتفية من جهة مجهولة .ولا شك أن الجهة التي أقدمت على مثل هذا العمل المنحط أخلاقيا تريد إسكات صوت السلطة الرابعة التي هي سلطة الرأي العام الذي لا تتوفر لديه مصادر استقاء الخبر إلا منها لأن باقي السلط تحيط نفسها بالكتمان والسرية التامة ، ولا تزود السلطة الرابعة إلا بشح ، وذلك تحت ذرائع من قبيل  الحفاظ  على أسرار المهنة وما شابه ذلك . والسلطة الرابعة تنتدب نفسها لموافاة الرأي العام بالأخبار لحظة بلحظة على مدار الساعة ، ولا يوجد لديها ما تخفيه . وتلعب هذه السلطة دور مهم في  صيانة الديمقراطية من خلال صيانة حرية التعبير، وهي حرية على رأس الحريات العامة  التي ينادى بها في المجتمعات الديمقراطية . وباعتبار انتمائنا الإسلامي تقوم السلطة الرابعة  قبل كل شيء بواجب ديني هو فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال التبيلغ عن المنكر ، والترويج للمعروف ، وبهذا تقوم بدورها الديني والأخلاقي كباقي السلط في المجتمع  بما فيها السلط الثلاث المعروفة ، فضلا عن باقي السلط المعنوية ومنها السلطة الدينية .

ومعلوم أن كل جهة تسلط السلطة الرابعة الضوء عليها، وتوصل إلى الرأي العام  ما تريد التستر عليه من أخبار، والتي لا تكون في الغالب إلا مما يتنافي مع القوانين والأعراف والقيم  الدينية والأخلاقية  تتخذ هذه السلطة عدوا ، وتعمل كل ما في وسعها للنيل منها بشتى الطرق والأساليب . ومن الأساليب المنحطة اعتماد المكالمات أو الرسائل الهاتفية المجهولة المصدر أو المقنعة المتضمنة للتهديدات . ومع أن السلطة الرابعة من أخلاقياتها المهنية أنها تضمن حق الرد لكل جهة تم تسليط الضوء عليها ، فإن بعض الجهات التي لا تقوى على دحض ونفي وتفنيد ما ينسب إليها من أخطاء أو تجاوزات أو تقصير ... بقوة الحجة والدليل المقنع تتحاشى  استعمال حق الرد الذي لا يكون لصالحها ، وتعمد إلى أسلوب التهديد كوسيلة لخنق المعلومة والحيلولة دون وصولها إلى الرأي العام متناسية أن مهمة السلطة الرابعة مهمة نبيلة وأخلاقية  تتوخى إحقاق الحق وإزهاق الباطل والدفاع عن  كل ضحايا الباطل .

وما تهديد الأخ علي خروبي  سوى دليل على  شجاعته الإعلامية، ونظافة قلمه ، والتزامه برسالة الإعلام النبيلة والمقدسة ، كما أن هذا التهديد يعتبر وسام شرف يوشح صدره . وأخيرا أقول له  ما قال الشاعر حين ذمه حساده :

ولن تكون الجهة التي هددتك إلا جهة  ناقصة ، مخطئة أو متجاوزة أو ظالمة أو مقصرة ،قد اعترفت ضمنيا من خلال تهديدها لك بنقصها وكمالك . وليكن لسان حالك كما قال الشاعر أيضا :

وقوله أيضا :

وتحية خاصة للأخ علي خروبي  المحترم ، وقد كانت مقالاتي تحظى بشرف النشر على موقعه المحترم .

وسوم: العدد 754