إرهابي ..!حتى أرجع إلى بيتي ويعود لي بيتي !

  وقد تكررت بعض تلك المناظر الجميلة لبيتنا ولعين كارم .. مرة أخرى – بعد ذلك بشهور .. على فضائية ( رؤيا ) الأردنية الخاصة في مرافقة نفس الشخص صاحب البيت السيد عبدالخالق خليل شبيب .

.. هذا بيتنا الذي نشأنا فيه صغارا ..واضطررنا للخروج منه هربا من الإرهاب اليهودي وعصاباته المجرمة ..التي تحولت الآن إلى دولة تدعي محاربة الإرهاب!

..خصوصا وأنا كنا أول من رأى بعض مظاهر ارهاب اليهود الإجرامي ....فقد كان من نصيب بلدتنا ( عين كارم) أن لجأ إليها [ بقايا] أهالي ( دير ياسين) بعد المذبحة المشهورة التي لا يجهلها أحد! – فقد كانت أول وأشهر – وربما أبشع- عشرات المذابح التي ارتكبتها العصابات اليهودية الإرهابية ضد أهل البلاد الفلسطينيين العزل الآمنين ! .. الذين لم يسيئوا لليهود ولا للإنجليز ولا لغيرهم .. وقد نالهم من الطرفين المجرمَين إجرام كثير ..وقتلوا منهم الآلاف ..وشردوهم في أربعة أركان الأرض فتشتتوا[تحت كل كوكب - كما كان يُنعت اليهود من قبل !]

  ولقد افتخر [المجرم مناحيم بيغن – رئيس عصابة الأراجون زفاي ليومي] – التي نفذت مذبحة دير ياسين بحقد ووحشية بالغة!..وقال قولته المشهورة [ لولا مذبحة دير ياسين ما قامت دولة إسرائيل!!] .. لأن أحداثها الدامية دبت الرعب في قلوب المناطق المجاورة فهاجر أهلها واستولى اليهود على عشرات القرى بسهولة .. وتأمنت لهم طريق يافا [ تل أبيب] - القدس ..وكذلك بسبب ضعف السلاح والتنظيم – مع أننا دفعنا من أقواتنا ثمنا لسلاح موعود!– بالرغم من قلة ذات اليد عند معظم الناس ..دفعنا ثمنا لسلاح .. قالوا إنهم سيجلبونه .. فكانت     [ صفقة الأسلحة الفاسدة ] المشهورة بإشراف [ملك مصر الملك فاروق وشركائه]..حتى أذكر أننا –مع أننا كنا أيتاما – كنت في حوالي الثانية عشرة حينها .. ساهمنا في أثمان السلاح الموعود الذي لم يأت ..وأتى منه سلاح فاسد ينفجر أغلبه في وجه صاحبه ..وهذا من بعض التدابير التي لم تغب عنها الصهيونية !-

 ويبدو أن اليهود – وأذرعهم الأخطبوطية العالمية – وأكثرها خفية- كانت قد أحكمت تدبير الأمور –على جميع الجبهات ..- وكانت بريطانيا المستعمرة لهم أكبر معوان ..لأن أهم أهداف انتدابها على فلسطين ..التمهيد لتكون وطنا لليهود ..وتسلم لهم!

..ومعروف أن [المجرم الإرهابي مناحيم بيجن ] أصبح رئيسا لوزراء الدولة اليهودية - فيما بعد – وعقد معه السادات معاهدة [كامب ديفد] !

   .. هذا مع أننا لسنا المسؤولين عن [ الهولوكوست المزعوم] وليس لنا به علاقة .. فلماذا ندفع نحن ثمنه؟..ولماذا لا يوطن اليهود في ألمانيا – مثلا- أو أي مكان في أوروبا الواسعة..التي أساءت كلها لهم واضطهدتهم وحقرتهم وأقامت لهم المذابح ! حقدا على استغلالهم لشعوبها بالربا ..وقتل البعض خلسة لخلط فطيرهم بدمه – كما تقضي بعض شرائع التلمود! بخلط فطير العيد بدم [الجوييم]!..ثم تخلصت أوروبا من معظمهم وألقت بنفاياتها إلينا .. وجعلوا من فلسطين [ شبه مزبلة لهم ومكبّاً] يقذفون إليها النجس اليهودي !.. – حسب نظرتهم الأصلية لهم وتعاملهم معهم – طيلة تاريخهم.. – بينما كانوا –أي اليهود- معززين مكرمين في بلاد المسلمين – حيث حلوا- ولطالما أكرمناهم وحميناهم ممن يؤذونهم!.. كما يعرفون ويعترفون هم أنفسهم .. بـأنهم لم يلاقوا الأمان الحقيقي في تاريخهم إلا في ظل الدولة الإسلامية ..! من الأندلس ..إلى الدولة العثمانية ..إلخ

 فجزونا جزاء سنمار!!!

وقد لجأ إلينا – في عين كارم- أهالي دير ياسين – أومن بقي منهم حيا واستطاع الهرب- بجلده ! ..جاؤونا [ شبه مذهولين] من هول الصدمة ومن هول الإجرام اليهودي!..حيث أن بلدتنا غرب دير ياسين ..وهي منفذها الوحيد .. لأن ما بينها وبين القدس شرقا ..وجنوبا كذلك مستعمرات يهودية ومن الشمال طريق يافا – تل أيب –القدس( الاستراتيجي) .. ومناطق تحت السيطرة اليهودية – حينذاك- ! .. وقد جاءنا أهالي دير ياسين .. فارعين دارعين كما يقال .. بعضهم بلباس النوم ..وبعضهم ربما كان حافيا!..

..ومن بلدتنا ( عين كارم) مر المجاهدون إلى بلدة (القسطل ) الحصينة..وعلى رأسهم ( الشهيد عبدالقادر الحسيني )  .. حيث حررها من اليهود .. واستشهد فيها ..!

   كما أتذكر تماما مئات المجاهدين الذين مروا من عندنا ذهابا وإيابا – إلى القسطل-..وكنا صغارا ..ونساعدهم في حمل بعض أسلحتهم ومتاعهم عنهم  وأحيانا في تقديم بعض الطعام لهم !

..هذا لنعلم طرفا من مكابدات الشعب الفلسطيني ومآسيه ومعاناته ..وتمسكه الشديد بوطنه ..وبالإصرار على العودة لدياره .. فمهما فعلوا ومهما ساومونا أو[سامونا]!.. فلن نقبل عن وطننا وبيوتنا بديلا ..ايا كان..وأينما كان !!

.. أيضا سنة 1998- في الذكرى ال50 لنكبة فلسطين اجرت صحيفة فرنسية مقابلة مع أخي عبدالخالق خليل شبيب الذي ذكرناه آنفا .. فكان مما قاله للمراسل الفرنسي الذي نشر قولته في صحيفته ..قال : ( لو أعطوني قصر كلينتون مقابل بيتي البسيط في عين كارم ..فلن أقبل)!..وكان بيل كلينتون رئيسا للولايات المتحدة آنذاك !!

.. فلا يتعبوا أنفسهم.. فلا [ صفقة القرن- أو صفعة القرن] .. ستجدي ..ولو كان قرن ثور هائج أمريكي أحمر!!

.. فوطننا لا يباع ..ولا يتنازل عنه..ولن نقبل عنه بديلا ..وسنظل نقاوم ونحاول ونقاتل .. ونستعمل كل وسيلة .. حتى يرجع إلينا .. سواء سمونا إرهابيين ..او ما يحلو لهم من كيد باطن او ظاهر .. فهذا حقنا .. والحق أحق ان يتبع..!

ولن يضيع حق وراءه مُطالب

..وخير لليهود أن يعودوا من حيث أتوا ويتركوا لنا كل شيء ..ولن يكون – ما يتركون- إلا جزءا يسيرا من التعويض عن معاناتنا وشهدائنا ودمانا.. وليتكفل أنصارهم من أركان المؤامرة – وأنصارها ودولها ..وأعوانهم ..باستكمال تعويض الشعب الفلسطيني عن مأساته وطول معاناته.!!

  بلادنا لنا ..فلسطين لأهلها وأصحابها ..! لن نتنازل عن ذرة منها – بأي ثمن.. ومهما طال الزمن!..وسظل نقاوم ونطالب ونجاهد ..ما دام فينا عرق ينبض حتى نعود إليها وتعود إلينا.. فتلك جنة الله في أرضه – كما رأيتم وترون!

..وأخيرا أختم بكلمات من خواتيم قصيدة لي منذ نحو 70 عاما بعنوان( لاجيء في الغربة) .. نشرتها في ديواني ( بوارق الأمل – ص: 37-42)الذي نشرته دار البلاغ سنة 2006   :

    ( لا تطلب مني أن أشدو..!

فالطير المكسور جناحه..

 لا يحسن في الغربة شدوا..!

وأنا طائر

 قد دُقَّ جناحي مذ زمنِ !

وهجرت – على رغمي- فنني ..!

وسيبقى تغريدي  شجواً ..!

يذكي شجني..!

حتى أرتد إلى وطني..)

وسوم: العدد 756