لاهِثٌ زحفُ الضّباب

حين تَقودُنا النُّعوش...

وتَنتابُنا الأضرِحَة

لن تَعودَ نهاياتُنا واضِحَة

كُلٌّ سيمضي ليُغازِلَ كارِثَةَ انطِفائِه

وينتَصبُ الطُّموحُ الخائِنُ بلا جُمجُمَة

والعمرُ لِهاثٌ يتَصاعَد..

يأوي إلى فراغِ..

الأملِ بالعُبورِ في ظِلِّ انطفاءِ الشّمس

كذبةُ النّائِمِ على نَفسِهِ

وخدعَةُ الرّمادِ للرّماد

حينَ تَضِلُّ الهَزيمَةُ طَريقَها..

ولا تَصِلُ إلى فِراشِ المُلوك

ويَتمَسَّكُ القائدُ الفَذُّ بِرَباطَةِ جأشِه..

ولا يتنازَلُ عَن حُلُمِ الخُلود

***

لاهِثٌ زَحفُ الضّبابِ الموغِلِ فينا

وعصافيرُ الشّوارِعِ تلتَقِطُ البَسمَةَ مِن مَهدِ الرّجاء

والزَّمَنُ المُتواري فينا

يُضَيِّق عَلينا مَسارِبَ النّورِ.. ومنافِذَ النّدى

يَترُكُنا نَزحَفُ نحوَ مَراثينا القادِمَة

نُلهِمُها حماسَتَنا... أملًا باستِعادَةِ المَوتى مَواقِعَهم

وقد نَهَضوا في فُسحَةِ الغَيمِ.. بَطريقَةٍ فُضوليَّة.

يقنعونَ أنثى الصّمتِ بالكَفِّ عَن عَرضِها أردِيَةِ الرّبيعِ للمُزايَدَة

***

خاسِرٌ مَن لَم يُجَرِّب عُقدَةَ النّدَم

حينَ تُوافي اللّحظَةَ المُباغِتَة

تلكَ التي تَتَشَقَّقُ فيها الصّدور

لتُنذِرَ القلوبَ العامِرةَ بالرَّعشَةِ بالاحتِراق..

***

أيّها الجَبَلُ المُصابُ بداءِ الشّقيقَة!

كلُّ الذين حاوَلوا النَّيلَ مِن رَأسِكَ..

عادوا يَهدُرونَ الوقت

هاهُم يَتَصَدّقونَ بثِيابِ موتاهُم على قَوافِلِ الفَراغِ العابِرَة

يَستَغشونَ غُبارَ الماضي..

يُعَلّقونَ آمالَهم على مَحاريثِ العَدَم

***

لا يُزعِجُني صَفيرُكِ أيّتُها اللَّعثَمَةُ الزّاحِفَةُ إليّ

ها هُم كِبارُنا

قد أعادوا للحُشودِ وَقتَها المُقتَطَع

وقد اطمَأنوا إلى رَقدَةِ السِّرِّ في غَيابَةِ الجُبِّ..

وناموا...

والأساطيرُ كَم تَنشَطُ في خَيالِ النّائِمين

تَبُثُّ كَسادَ الجَسَدِ..

إكسيرَ التّخَلُّصِ مِن الإهانَة..

ولن يموتَ بَعدَها

إذا أصابَتهُ شَظيَّةٌ في الضّمير

وسوم: العدد 814