رسالة إلى كل من اختال ونسي أنه من طين وماء!!

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

نسي الطين ساعة أنه طين

حقير فصال تيها وعربد

عام يولدُ وعام يموت، والإنسان كما هو، لا يغير ولا يبدل، يزداد إثما على إثم، ووهما على وهْم، يركض وراء دنيا أغرته، وأسقته حليب الغواية حتى نسي أنه أضعف مخلوقات الله وأهونها عليه إن طغى وبغى وتجبر!!

فماذا على الإنسان لو استمتع بما وهبه إياه خالقه من نعمة لمصلحة الآخرين ومصلحته؟ لماذا لا يحيا إلا على شقاء أخيه وتعاسته؟ لماذا يترنم طربا وهو يرى سفك الدماء تسيل من مباضع صنع يده؟ لماذا يختال زهوا، وهو يرى الفقراء يطاردهم الريح عرايا وجوعى ومشردين؟

ألهذا الحد يهون عليك أخوك؟ ألهذا الحد لا ترى في عيني بؤسه بؤسك؟ ألهذه الوحشية تنام شبعان دفآن ريان تعاني من تخمة في مأكلك ومشربك، وهو ينتظر أن يرى عطفك ينزّ ببعض ما أتلفته أيادي خدمك وحشمك وأزلامك؟

ماذا عليك أيها المخلوق التائه أن تهتدي، فتصغي لنداء الله السابح في الكون يقول لك، وينفخ في روعك:

"إنني أعطيتك وبذلت لك ووهبتك ما لا تحصيه من نِعَمٍ، فاحرص على ألا تكفر النعمة بالنكران، فلا تَزْهُ فتختلَّ إنسانيتُك، واعلم بأنني أعطيتك محبة لك ولأمتحنك، فلا تحول النعمة إلى نقمة تجرّ عليك مصائب أشد مما قد يخطر على بالك! إياك أن تنسى ضعفك واحتياجك، ألم يخبرْك العلم أن أضعفَ أضعف جيوشي تستطيع هزيمتك، لتسلبك راحتك وأمانك وهدوء بالك؟"

ماذا عليك أيها السائر في مد المسافات الطويلة أن تلتفت قليلا إلى السماء لترى أن هناك مخلوقات أعلى منك مكانا ومكانة، فلا تضيع أمانة الله، ولتحفظ لعمرك وزمنك قداسته وطهر الفرصة الممنوحة إليك.

أيها التائه البائس اليائس لا تسقِ نفسك خمر شرورها، ولا تطعمها نبات علقم الجنون، واعلم أن الموت زاحف إليك عاجلا أم آجلا لتستوليَ عليك الحفرة الموعودة، ولِيَلْتَهِمَ جسدَك الدودُ المتربص بحسنك وأناقتك وجمال طلعتك.

يا ليتك تدرك كم أن الله يحبك، فأحبه عندما تحب أخاك، واقتل شبح أنانيتك، ولتكن طيبا فما زال فيك الخير، فلا تصرعه بآفات المجون، واستعِدْ توازنك، ليظل الله قربك، فتنظر بعينه، وترى بسمعه، ويخفق قلبك رأفة على بني جنسك والكون بأجمعه، فالحياة فرصتنا لنصنع الأمل، فلا تضيّعها بغباء لا حد له!!