اقبلني

مادونا عسكر

اقبلني بخّوراً زاهداً في يديكَ

وارنُ إليه مضطرماً مدى الدّهرِ.

يلفحه دمع مآقيك السّاهيةِ

ويستعر لهيب عودِهِ

كلّما أغدق عليه جود عينيك من طيب النّظراتِ...

وغنِّ،

أتأرجحُ في مجمرتكَ

كطفلة تلامس القمر برعشة خيالِ

تباغت النّجوم بضحكاتٍ بريئة صافيةِ...

واذرف ألحان الوجد المتّقدِ في روحي

ولتتمايل الحبيبات المفتتنة بالذّوبانِ

على هدي جذوات الأنّغامِ المتناثرةِ...

واقرأني،

فصول كتب مقدّسةٍ

تُتلى على مسامع المكرّسين للحبِّ...

كلمات يتوق إليها المتوحّدون في الجبال البعيدةِ

المتنائية عن جهل الكلماتِ

المتباعدة عن انزواء المعاني...

وقرّبني،

 تقدمة على مذابح النّسكِ

واملأني في أكوابك الثّمينةِ...

أطير في سمائكَ

وأرتفع نحوكَ بلهفة العاشق المشتاقِ

فاقتبلني...

سِر بي إلى روابٍ يضوع فيها عطر الغمامِ

يبكي بصمتٍ

سنين آلامه المحييةِ...

وانتظرني...

هناك... عند أطراف الرّبيع القادمِ

وادعُ نيسانَ

أن يورق اسمكَ ويُطيِّب خداد الورد الرّاقدِ

فيصحوَ ويزهوَ

وتترجّح به أرجوحة الزّمانِ...

انتظرني...

ها إنّي واقفة في قلبكَ الصّفيِّ المتبتّلِ

أترقّب مجيئكَ الدّائمِ...

وأنتظركَ،

أرنو إلى مذبحك الممتدّ على أطراف الكونِ

أبحث عن سحابة ليست كالسّحابِ

ينسدل نورها ستائر ياسمين تناجي أرضي

وتسمو بي إلى وطني...

أتطلّع إلى مجد أنت سيّدهُ

وأنتظرُ

وأرقبُ

وأتهيّأُ لسكنى يمينك الدّافئِ...

وأراك آتياً ولم تأتِ

وأسمعك شادياً ولم تغنِّ

وأشمّ عطرك ولم يفُحِ

وألمس وجهكَ ولم ألمسِ

وأعانق بهاءك ولم أعانقِ...

 

اقبلني نَفَساً يضيع في أنفاسكَ

يمتزج بروحكَ

يتهادى كلّما دعتْكَ بسمة الحياةِ

وتنفّسني...

ولا تبخل عليّ بنسمة الصّلاةِ...

تنفّسني...

حتّى الرّمق الأخير تنفّسني

ولتكن روحي آخر ما تتلفّظ بهِ...

واجعلني اللّحظة الأخيرة

والكلمة الأخيرة

والدّعاء الأخيرْ

والنّفَس الأخيرْ...

وعند ساعة الانعتاقِ البهيجِ

أرخِ أجفانك على أجفاني

وضمَّ يديكَ إلى صدري

وانصهر في غفوة الولادة الجديدةِ

واحملني أنّى يشاء السّلام الآتي...