همسات القمر 61

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

* حين أرى ملامحهم التي افترسها جوع ظالم

حين ألمح دمعة أم، لهفة أب، أنّة طفل، حسرة شيخ ..

أدرك أن إنسانيتنا في الهاوية ... ولا ضمير

* أمسّد عنق ريح ثائرة جامحة

ألوي كبرياءها بيد مرتجفة .. أدنيها من نبض قلبي علّ رسالة دافئة تحتوي عنفوانها

أنتظر انبعاثها من رماد احتراقها نسيما رهيفا يسكب في روحي ترانيم أهزوجة الفرح ...

وإلى ذلك الحين ... أتلو بصمت لحن الأنين!

* أقبع في جوف ليل صامت غامض.. تتراءى لي علامات استفهام يتدلى قوسها يلوح كطوق نجاة ..أتشبث بها قليلا هاربة من نقطة تعجب أفنت عمرها راضية تحت عمود الانتظار.. 

تتناوش نداءاتها قلبا حائرا بين عواطف وعواصف هذا الليل الأخرق حينا الساكن حينا آخر..

تشرئب بعض نجمات بأعناق فضولها الذي أتجاهله بحثا عن شعاع بدري الذي يختال في علاه 

بشفاه مرتجفة أهمس ببعض بوح يتغلغل في عمق الذاكرة يستفز تهاريفها المتلفعة بأثواب قوس قزح..

أقترب من نافذة الأماني..أغلف بدفء كلمات قلبا يعاني ..

أشرع نافذة روحي المتقوقعة في عالمها المختبئ خلف بوابات الهذيان

تصهل بوجعها الغارق في حمى الذكريات ودلجة الملمات

وعلى وقع تقصف أغصان الحياة تحت سنابك خيول جامحة ... تتراقص كطير صفعه صديق.. وطعن ظهره مارق طريق ...

تدفن ما تبقّى من همهمات.. تلتحف صمت العبرات.. تكتب قصة..تكبت غصة.. تسدل ثوب الكبرياء.. تطرق بثقة ورجاء بوابة السماء ...

يا رب ..

* ما بين نصل الظلم ومصل الأمل

يتجاذب النفسَ ثياب الحداد ووشيّ الحلل!

* خبرت تناقض الذات البشرية في نفسي .. ليس تناقض المبادئ والقيم، إنما تناقض الأحاسيس والمشاعر، تداخل مخرجاتها وتقولبها ضمن إطارات شتى، بعضها أقصى اليمين والآخر أقصى الشمال

توقفت لحظة عندما وجدتني أمارس شقاوة طفولية في ذات الوقت الذي خرجت فيه إلى هواء طلق أزفر آهاتي ووجعي في مداه اللا متناهي، شعرت ببسمة ترتسم على شفتي إثر مشاكستي تزامنا مع حالة  بالكاد أستطيع سحب شهيق يتخلل أوردتي وينقيها من نمنمات الوجع.. ما الذي يحدث، وماذا يجري في داخل عصفت به الآه، في ذات الوقت الذي ترتسم فيه بسمة الشفاه!

دمعة تصافح بسمة، ضحكة تتماوج وتشنجات الحزن، أمل وألم، ... والكثير الكثير

ما دمنا قادرين على حمل تناقضاتنا بهذا الكم الهائل من الاقتدار، لماذا لا نستوعب اختلافاتنا في محيطنا الخارجي ونعيش بمحبة ووئام وانسجام؟

لست أدري إن كنت أتساءل حقيقة عن شيء أدري كنهه وتفسيره، أم أنني كغرّ جاهل بالكاد أتهجى الحياة وسطورها الموجعة!

كل الذي أدريه أنني أستوعب وأعي تناقضات نفسي مهما بلغت انعكاساتها في داخلي سلبا وإيجابا، لكن لست قادرة على فهم عجز البشرية عن استيعاب الاختلافات والفروقات، رغم مظلة كبيرة تجمعها: الإنسانية !

لربما الغياب الحقيقي للإنسانية هو من صنع الفرق

وسوم: العدد 658