أميرة الوجد للشاعر فراس حج محمد

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

رائد الحواري/ نابلس

ناشرون فلسطينيون من فلسطين وحدودها العالم

تتابع أصداء نشر الشاعر فراس حج محمد لديوانه الأول "ديوان أميرة الوجد"، فبعد قراءة الزميلة صونيا عامر، يتحفنا أ. رائد الحواري بهذه القراءة التي خصصها للكشف عن اسم تلك الأميرة وتأثيرات هذا الاسم في بنية القصيدة ومعانيها، دراسة جديرة بالقراءة، تقدمها (نشرون فلسطينيون) لمحبي الشاعر وعشاق شعره، لعلها تساهم بالكشف عن بعض ذلك الغموض الذي اكتنف مسيرة الشاعر في شعر الحب والغرام، وتفك بعضا من تلك الأسئلة الحائرة على شفاه المتابعين لمسيرة الشاعر الأدبية، فمن شهرزاد وطقوس القهوة المرة إلى عزف شعري متناغم لأميرة الوجد.

(ن. ف)

قبل بضعة أيام قدم لنا الشاعر فراس حج محمد ديوانه "أميرة الوجد" وقد كان مسرورا سعيدا بهذا المولود الجديد، فرغم التكلفة الباهظة ـ بالنسبة لموظف متواضع ـ حيث قاربت التكلفة الألفي دولار أميركي، لكن بالنسبة للشاعر الكتاب كالمولود، مستعد لدفع تكاليف الولادة في سبيل سلامة المولود والوالدة.

من يعرف الشاعر دون أن يقرأ الديوان يتيقن بأن هناك نقلة نوعية عند الشاعر، حيث أنه لا يميل إلى مثل هذا النوع من الشعر، ومن هنا نستنتج بأن الشاعر إما أن يكون قد هرب من الواقع غير السوي إلى المرأة، أو أنه كتب ديوانه خالصا لوجه محبوبته (شروق) ونحن نميل إلى الاستنتاج الثاني، حيث نجد العاطفة الجياشة والتي تتحكم في ـ أللاوعي عند الشاعر.

 سنحاول إضاءة بعض الجوانب في هذا الديوان، علما بأنه مكون من جزأين، الأول قصائد مفتوحة قدمها الشاعر دون أن يضع لنفسه ضابطا لعدد الأبيات، والثاني "الخماسيات" وهو من التسمية يخضع الكاتب القصائد لخمسة أبيات من الشعر فقط، وهو في الجزء الثاني قدم لنا قصائد أكثر ـ تهذيبا ـ في الشكل وأخف على المتلقي من الجزء الأول، علما بأن قصائد المرأة في مجملها خفيفة الظل وتنساب كالماء.

اسم المحبوبة يأسر الشاعر ويجعله يتماهى وفعل الشروق، حتى أن مشتقات الفعل تنعكس على أللاوعي عند الكاتب ويبدأ في الحديث عنه بكثافة، ففي قصيدة "صدق الحبيب" نجد الألفاظ التي تتوازى مع فعل الشروق "رفرف علينا واشتعل"، "وارسم لنا الكون المديد" "وأهل علينا رحمة"، "أشرق شروقا باذخا" ص42

من خلال هذه الشواهد تتبين لنا حالة الأسر التي يسيطر على الكاتب، فهنا هو ليس سوى مسير خلف محبوبته والتي تجعله يتحدث عن الأشياء من خلالها، فسرعة الاشتعال تتناسب طرديا مع الشروق، المديد إحدى صفات الشروق الذي يمتد ويصل لكافة الأشياء، (وأهلْ) مع أنها تطلق على القمر، لكن الشاعر هنا جعلها من صفات الشروق ـ وهذا جائز في الأدب ـ إذن هناك حالة من التفاعل ما بين اسم المحبوبة والشاعر، انعكس على الألفاظ التي يستخدمها في قصائده.

يعترف لنا الكاتب بكل صراحة عن هذا التأثير بالمحبوبه فيقول في قصيدة "أغيثوني"/ ص47

"هي الآمل والآمال تشدو

         ففيها الشعر يعذب والشراب

هي الكأس التي فاضت بعذب

          هي النور المشع هي الشهاب"

بعد اعتراف الشاعر بتأثره بالمرأة التي يحب، يعود ليؤكد لنا هذا التأثير فيذكر لنا ثلاثة ألفاظ عن فعل الشروق وهي، النور وهو من خصائص الشروق وناتج طبيعي عنه، المشع، أيضا هو أحد صفات الشروق، والشهاب الذي يمثل وقت نزوله ـ كشيء مميز في السماء.

يقول الشاعر في قصيدة "مات من شوق إليه" ص62:

"أخذت م الشمس وجها في شروقات جلية"

ويقول في قصيدة "معلقة الذكرى والأمل"/ ص71-72

"وهات الناي يشدوني بشجو

           يعيد النور من بعد الظلالِ

أنا فيكم يقيدني وفائي

         وإن شدت بكم سبل ارتحال

فدتكم مهجتي يا شدو ليلى

          وعهدي لن تغيره الليالي

وأعطاني من الآمال دفقا

        وجدد نغمتي بشذى مسال

أسال النور في أعماق قلبي

         فهب نسيمه أشهى وصال

فيسري نبضه وجدا وخمرا

        فـأسكرني المنى شهد المآل

وإن أنتم تناسيتم شقائي

       فهذي حالتي ترثي لحالي"

هنا لم يعد مشتقات فعل الشروق هي المسيطرة على الشاعر وحسب، بل امتدت إلى حرف الشين فقط، فكل بيت من الأبيات السابقة يعطي إما معنى الشروق أو يشكل حرف الشين أحد حروف اللفظ، وهنا يستدل من قصائد الشاعر بأنه وقع أسيرا للأنثى، وهو يذوب بها كما تذوب الشمعة عن اشتعالها.