حركة أطوال القصائد العمودية

لولا اتهام كفاية معيار الأبيات اليسير في تقدير طول القصيدة قياسا إلى معيار الأصوات العسير، لقسمت من فوري أبياتَ أوس بن حجر الثمانية والثلاثين والخمسمئة على قصائده الأربع والخمسين -فخرج لي ٩,٩٦- وأبياتَ البهاء زهير الاثنين والثمانمئة وثلاثة الآلاف على قصائده الثماني والخمسين والأربعمئة -فخرج لي ٨,٣٠- وأبياتَ علي محمود طه الاثنين والثمانين وثلاثة الآلاف على قصائده الثلاث والتسعين -فخرج لي ٣٣,١٣- وحكمت بهذه المتوسطات، لقصيدة عليٍّ علَى قصيدتي أوسٍ فالبهاءِ! ولكنني كفكفتُ من ضجري قليلا، واحتلتُ لتطويع المعيار الكامل العسير للمعيار الناقص اليسير، بحصر إحصاء أطوال قصائد كل منهم، في طائفة من أنماطها يجمعها البحرُ والطولُ والتكرارُ؛ فإنه أَوْعَبُ للأصوات، وإن أفلت منه أحيانا ما لا أثر له!

لأوس بن حجر خمسة وثلاثمئة بيت طويليٍّ وافٍ، بأربعين وخمسمئة وثمانية آلاف مقطعٍ صوتيٍّ، في ثمان وعشرين قصيدة -متوسط مقاطع القصيدة الواحدة منها ٣٠٥- وللبهاء زهير أربعة وعشرون وخمسمئة بيت كامليٍّ مجزوءٍ، بثمانين وأربعمئة وعشرة آلاف مقطعٍ صوتيٍّ، في سبع وستين قصيدة -متوسط مقاطع القصيدة الواحدة منها ١٥٦,٤١- ولعلي محمود طه سبعة وتسعون وسبعمئة بيت كامليٍّ غيرِ مجزوءٍ (تامٍّ أو وافٍ)، بعشرة وتسعمئة وثلاثة وعشرين ألف مقطعٍ صوتيٍّ، في اثنتين وعشرين قصيدة، متوسط مقاطع القصيدة الواحدة منها ١٠٨٦,٨١!

إذا راعينا حد الخمسين وأربعمئة المقطع الصوتي، الذي جعلناه أعدل ما يحد متوسط طول القصيدة العربية العمودية على وجه العموم، وأن القصيدة إذا كانت فيه كانت متوسطة، وإذا تجاوزته كانت طويلة، وإذا تخلفت عنه كانت قصيرة، مع ما يجوز أن يُدَرَّج في أثناء ذلك من درجات- حكمنا بأن القصيدة كانت قصيرة في ديوان أوس بن حجر، ثم أضحت قُصْرى في ديوان البهاء زهير، لِتُمسي طُولى في ديوان علي محمود طه، وتطلعنا إلى استنباط ما في ذلك كله من دلالة على حركة أطوال القصيدة العربية العمودية!

وسوم: العدد 917