القصة الإسلامية ودورها في تربية الأطفال

المدخل:

   لقد احتلت القصة منزلة رفيعة في الأدب الإسلامي قديما وحديثا ممثلا بالكتاب، والسنة، وسيرة السلف وكتب التاريخ.

  فجاء في القرآن سورة القصص وحكى الكتاب الكريم قصص الأنبياء تثبيتا لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ، وتحدث النبي لأصحابه عدداً من القصص التربوية عن الأقرع والأبرص والأعمى . 

   كما حدث أصحابه عن أصحاب الغار الذين أغلقت عليهم الصخرة سبيل الخروج إلى الحياة حتى نفد الزاد ويئسوا ثم فزعوا إلى الدعاء، وتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم.

وكذلك جرى مع السلف الصالح قصص وحكايات فيها الحكمة والدروس والعبر.

   ولكن تلك القصص لم تنضج من الناحية الفنية إلا في العصر الحديث على أيدي نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، وعلي أحمد باكثير، ود. نجيب الكيلاني..وغيرهم.

  ثم كثرت القصص الإسلامية الهادفة الفترة المتأخرة، فبرز فيها كتابات محمد الحسناوي، وإبراهيم عاصي، وعماد الدين خليل، ونبيل عمر خليل، وعبد الله الطنطاوي، وحميدة قطب ..وغيرهم في القصة والرواية الإسلامية والتاريخية والواقعية الهادفة الملتزمة بالقيم الإسلامية والإنسانية والفنية.

 وكتب أحمد شوقي ٥٠ قصة شعرية للأطفال استمدها من كليلة ودمنة لابن المقفع ومن قصص لافونتين الفرنسي، وأرجو الله أن ييسر لي كتابتها قصصا نثرية فنية للأطفال.

     وتأتي القصة في المقام الأول من أدب الأطفال، وأدب الأطفال هو نوع من الفن الأدبي يشمل أساليب مختلفة من النثر والشعر المؤلفة بشكل خاص للأطفال والأولاد دون عمر المراهقة. 

   عندما أدركت المجتمعات أهمية القصة في تكوين شخصية الأطفال ودورها في الجوانب المختلفة للنمو، فبدؤوا بالاهتمام بها، وعكفوا على تطويرها لتتناسب مع المراحل العمرية التي يمر بها الطفل. 

  وللقصة أثر بالغ في تنمية الجوانب النفسية عند الأطفال في هذه المرحلة لما فيها من الحوار والتأمل في النفس والقدوة الحسنة. 

   تساهم القصة في ترقيق العواطف والوجدان وتنمية المشاعر والإحساس وتخفيف التوترات الانفعالية، وتخليص النفس من الانفعالات الضارة وتكوين الميول والاتجاهات ..، ولقد استخدمت القصة في التربية على مر العصور الإنسانية، واستقر رأي رجال التربية وعلماء النفس على أن الأسلوب القصصي هو أفضل وسيلة نقدم عن طريقها ما نريد تقديمه للأطفال سواء كان قيمًا دينية أم أخلاقية أم توجيهات سلوكية أو اجتماعية.

القصة:

   القصة لغة مشتقة من قص يقص قصا من باب نصر معناها اتباع اثر وآثار.[1] 

   وأما في الاصطلاح فهي حكاية نثرية طويلة أو قصيرة تستمد وقائعها وأحداثها من الخيال أو الواقع. فالقصة عبارة عن سرد الحكاية أو مجموعة من الأحداث.

    إن أساس القصة هو التعبير عن تجربة إنسانية في شكل حكاية بليغة تصويرية مؤثرة.[2] وهي قديمة قدم الإنسان في العالم.

    هي جنس أدبي تسرد فيه واقعة أو جملة وقائع تستمد موضوعاتها من الواقع أو الخيال أو منهما معا، وتبنى على قواعد معينة.

   ولها مقومات اساسية تتمثل في الأحداث والشخصيات والبيئة والبناء الفني والأسلوب. 

  القصة من أشد ألوان الأدب تأثيرا في النفوس وخاصة في الأطفال لأنها تتضمن تلك المثيرات الباعثة على تشكيل سلوكهم وتكوين شخصيتهم. فالقصة أحد الأساليب الفعالة في التثقيف والتنشئة الاجتماعية في مرحلة الطفولة. هذه المرحلة التكوينية المهمة من مراحل نمو الشخصية الإنسانية. وكان من وظيفتها أنها تساعد الإنسان في حفظ الحوادث والوقائع تعتمد عليها لتربية الأولاد وتعريفهم بمفاخر الأسرة والأمجاد الأكابر. كان الأجداد والجدات تحكي لأطفالهم قصص الأساطير والغيلان تسلية لأنفسهم ومتعة لأذهانهم. القصة نوع من الأدب له جمال وقيمة ومتعة، يشغف به الصغار والكبار، تؤثر القصة تأثيرا بالغا وتساعد على توصيل الأفكار.

أهمية القصة:

  عرف الإنسان أهمية القصة في حياته منذ القدم، لما لها من سحر يؤثر على النفوس حيث اعتبرت وسيلة من وسائل العلمية التعليمية. واتخذت القصة لغرس بعض القيم الدينية والخلقية والاجتماعية في نفوس الأطفال. للقصة دور في التأثير والإقناع والتربية والتعليم. للقصة أهمية كبرى في حياة الطفل لما تحمله من قدرة على شد انتباه الطفل وجذبه، وتقود إلى إثارة العواطف والانفعالات لدى الطفل، إضافةً إلى إثــارته للعمل. ومن هنا يتضح أن أهمية القصة ليست ثقافية فحسب بل تشتمل كل حياة الطفل بجميع جوانبها. تنبع أهمية القصة للطفل من أهداف القصة ومهمتها التربوية، وتعد قراءة القصة للطفل في سن مبكرة من العوامل المساعدة في النمو اللغوي للطفل، وفي تكوين شخصيته والوصول بها إلى درجة من النمو والنضج، وتسمح للطفل أن يعيش حياته مستمتعاً بها ومتفاعلاً مع البيئة التي يعيش فيها بمدخلاتها المتعددة.[3] للقصة أهمية قصوى بالنسبة للأطفال، إذ إنها تغرس في نفوسهم القيم والمبادئ، وتنمي جوانب شخصيتهم الحسية والعقلية والروحية، فالطفل يعايش القصة ويتخيل نفسه بطلاً فيها خاصة إذا كانت أحداثها واقعية، فهي تحرره من واقعه وحدوده التي يعيش فيها إلى عالم واسع فسيح.

وتكمن أهمية القصة في:

1- تعطي الطفل فرصة لتحويل الكلام المنقول إلى صور ذهنية خيالية، أي أنها تنمي خيال الطفل.

2- أنها خبرة مباشرة يتعلم الطفل من خلالها ما في الحياة من خير وشر وتمييز بين الصواب والخطأ.

3- تساعد في تقريب المفاهيم المجردة إلى ذهن الطفل من خلال الصور.

4- مصدر عام لتعلم القيم والعادات السليمة.

5- تنمي عند الطفل التذوق الفني وحب القراءة لديه وتزيد من الثروة اللغوية.

6- تساعد الطفل على النمو الاجتماعي.

7- لها دور ثقافي كبير في حياة الطفل.

8- تساعد في بناء شخصية الطفل.

9- تقدم الحلول للعديد من المشكلات التي تواجه الطفل في حياته اليومية.

10- الطفل يتفاعل مع القصة ويتوحد مع شخصياتها فمن خلال تفاعله يكتسب العديد من الخبرات والقيم والاتجاهات وتنمي الجوانب المختلفة لديه:

أهداف القصة:

إن القصة لها أهداف محددة تقصدها وأفكار معينة تريدها وهي تخاطب اللاشعور في الإنسان وتحاكي وجدانه من حيث شعر بذلك أم لم يشعر؛ فإنها تخزن في عقله الأفكار. والطفل الصغير الذي لم يميز بعد كيف يميز بين الحق والباطل أو بين الصواب والخطأ. وقد تأثر ذهنه بالقصص التي يسمعها أو يحفظها والتي أثرت فيه تكون هي راسمة له في المستقبل لحياته. وتتعدد الأساليب التربوية التي تتحقق بها التربية الإسلامية الشاملة للطفل.[4] ومن تلك الأساليب: أسلوب التربية بالقدوة، وأسلوب التربية بالعادة، وأسلوب التربية بضرب المثل، إلا أن من أنجح تلك الأساليب، ومن أقواها أثراً تربوياً في الطفل أسلوب التربية بالقصة نظراً للميزات التي امتازت بها، والسمات التي انفردت بها دون غيرها من الأساليب، ونظراً لطبيعة البشر التي ترفض التوجيه المباشر وتنفر منه، ولطبيعة التعلم الأولي التي يتعلم بها الطفل.[5] وتُعد القصة من أقوى عوامل استثارة الطفل، والتأثير فيه تأثيراً لا ينحصر على وقت سماعه أو قراءته، وإنما يتجاوز إلى تقليد ما يجري فيها من أحداث، وما تنطوي عليه من شخصيات ووقائع وسلوك وأخلاق في حياته اليومية الواقعية.[6]

عناصر القصة:

   إن العناصر هي المكونات الرئيسية للعمل أما الخصائص فهي المحدد الأساسي للعمل بمعنى أدق إن افتقاد العمل لأحد عناصره لا يؤثر في تحديد هوية العمل. تتضمن قصة الأطفال العناصر الأساسية الآتية:

  1. الموضوع: وهي الرسالة التي تعمل القصة على رسمها من بدايتها حتى نهايتها التي تعبّر في مجملها عن فكرة الكاتب أو رأيه. قد تكون موضوعة واحدة، وقد تكون أكثر من ذلك. ويشكّل القاص الموضوعة من خلال نسج الحبكة القصصية.
  1. الفكرة: وهي الرسالة التي تعمل القصة على رسمها من بدايتها حتى نهايتها، التيّ تعبّر في مجملها عن فكرة الكاتب أو رأيه. قد تكون موضوعة واحدة، وقد تكون أكثر من ذلك. ويشكّل القاص الموضوعة من خلال نسج الحبكة القصصية. وهي الأساس الذي يقوم عليه بناء القصة، والهدف المراد بلوغه من وراء تفاعل الأحداث، وتحرك الشخصيات.[7] ومن سمات الفكرة التي ينبغي مراعاتها في قصة الطفل أن تراعي خصائص نموه وطبيعة مرحلته.[8] وأن تكون بناءة تدعو للفضائل، وتنفره من الرذائل، وتمده بالمعارف والمعلومات التي تسهم في بنائه ونموه، وتشير إلى القدوات المنشودة من السلف الصالح، أو النماذج المعاصرة المثلى.[9]
  1. الأحداث: وهي مجموعة الوقائع التي تقوم بها شخصيات القصة، والتي تدور حول الفكرة العامة لها، من بدايتها إلى نهايتها، في نسيج متكامل.[10] ثم ما تلبث أن تتسارع تدريجياً وينمو بينها الصراع مع نمو حركة القصة حتى تصل إلى العقدة وهي قمة الأحداث التي تتكشف وتنحل مع الوصول إلى الخاتمة والنهاية بطريقة منطقية مقنعة.[11]
  1. الشخصيات: قد تكون الشخصيات في القصة بشرا أو حيوانات أو جمادات أو كل ذلك. وقد تكون شخصيات خيالية لا وجود لها في أرض الواقع، أو هي مزيج ما بين أجزاء واقعية وأخرى متخيّلة. الشخصيات في القصة لها سماتها وملامحها التي يرسمها القاص، ويغير فيها عبر مسار القص. ومن الشخصيات من هو رئيسي، ومنها من هو ثانوي. والثانوي قد لا يقل عن الرئيسي أهمية في رسم ملامح القصة، وتحديد بعض محطاتها.
  1. البيئة: البيئة لها أهمية كبيرة في القصة. في البيئة تجري أحداث القصة. قد تكون مؤثرة في مسار الأحداث. فهناك قصص يمكن أن تجري في أي مكان وزمان، فلا يؤثّر ذلك على مسار القصّ، وهناك قصص أخرى يبدو فيها الزمان والمكان ظاهرين ومؤثّرين وفاعلين في ما يجري من أحداث.
  1. الصراع: هو تلك المواجهة التي نراها في القصة. قد تكون نزاعا بين أناس على أمر ما، أو قتالا، أو سوء فهم، أو التباسا، أو صراعا بين شخص والطبيعة .. وقد يتجلى هذا الصراع على هيئة مواجهة ما بين الأفكار والقيم داخل شخصية واحدة أو شخصيات. يستمر الصراع في العادة إلى أن يُحلّ أو يتخذ مسارا آخر.
  1. الحبكة: تمثّل الحبكة ما يرسمه القاص من أحداث في علاقاتها المتشابكة، وحيث أن حدثا يُفضي إلى آخر، ويكون سببا فيه، فإن الحبكة تمثل علاقة بين سبب ومسبّب، قد يُظهرها القاص أو يترك استنتاجها للقارئ. فالحبكة ليست أحداثا مسرودة فحسب، بل هي الأحداث في علاقات بعضها بعضا.
  1. الحوار: الحوار هو ما يدور من حديث بين الشخصيات في قصة، وهو يشکل جزءاً فنياً هاماً من عناصر القصة، لأنه يوضح طبيعة الشخصية التي تفکر بها ومدی وعيها بالقضية أو المأساة التي تشکل حياتها المختلفة.[12] تعتبر الحوار من أهم عناصر التأليف المسرحي، فهو الذي يوضح الفکرة الأساسية ويقيم برهانها، و يجلو الشخصيات ويفصح عنا، ويحمل عبء الصراع الصاعد حتی النهاية، هذه المهمة يجب أن يضطلع بها الحوار وحده ولا يعتمد في شاء من ذلك علی الشروح والتعليمات، التي يضعها الکاتب بين الأقواس فهذه أنما توضيح لمساعدة المخرج علی فهم ما يريد الکاتب مما هو مستکن داخل الحوار لا مما هو خارجه.

[13] للحوار وظيفة فنية في سبر أغوار النفسية الإنسانية، وإضفاء الحيوية علی السرد القصصي الذي قد يکون مملا إذا کان وصفاً باهتاً، فضلاً عن أن الحوار مجال لإبراز عناصر الصراع الخارجي والداخلي بين الشخصيات.[14]

  1. الأسلوب: الأسلوب هو طريقة الكاتب في صياغة الجمل، واختيار الكلمات المعبرة عن فكرة قصته.[15] والأسلوب الجيد هو الأسلوب المناسب لموضوع القصة وأحداثها وشخصياتها؛ والذي يخلق جو القصة، ويظهر الأحاسيس فيها، ويلاءم الفئة العمرية التي سيُقدم له".

[16] يتمّ من خلاله تصوير الحدث الذي تدور حوله القصة، ويتألف من ثلاثة عناصر، الأول هو السرد وهو عبارة عن تصوير أو وصف، وعدم احتواء القصة عليه تخرج من نطاق هذه التسمّية، والحوار وهو المحادثة أو الكلام الذي يدور بين الشخصيات، ومن خلاله يتعرف الكاتب على مضمون القصة، كما يتمّ من خلاله تقديم الشخصيات المختلفة والأحداث، جميعها تتعاون لتكوّن عملاً أدبياً بصورة مثالية فاعلة.

القصة وأنواعها:

  تتضمن القصة الكثير من الأمثلة والحكمة والمواعظ والعبر. لها أنواع كثيرة حسب الموضوع أو الغاية كالدينية والخوارق والانتقاد الاجتماعي وقصص الحيوانات والقصص الفكاهية خاصة بالأطفال. ومن أهمها كما تلي:

القصص الخيالية: إن العقل معالج فعال للقصص الحقيقية والخيالية. وتعتبر هذه القصص التي تشتمل على الصور أدوات تعليمية ممتازة. قصص تقوم على افتراض أبطال وشخصيات وأفعال خارقة للعادة لا وجود لها في الواقع، وقصص الخيال تعزز عند الأطفال المعرفة بالكون والكائنات الطبيعية كما تجعل الطفل أكثر وعيا بالحقائق التي تحيط به. ومن الثابت أن قصص الخيال تنمي عند الأطفال المعرفة بالكون والكائنات الطبيعية ومفرداتها، ومن ثم يتحول الأطفال بالتدريج إلى الاقتراب من الحقيقة، من خلال الانغماس بين صراع الخير والشر، كما أنها تجعل الأطفال أكثر وعياً بالعالم.[17]

القصص التاريخية: هذه القصص ترتكز بالأساس على الأحداث التاريخية المتنوعة، وتجعل الطفل يعمل على ترقية شعوره بالانتماء إلى الوطن و العروبـــة وتنمي فيه روح المسؤولية والبطولة والإقدام. تعتبر القصة التاريخية مهمة للطفل لأنها تعمل على تنمية الشعور بالانتماء والكرامة الوطنية وأيضاً تنمي روح البطولة والفخر عن طريق ما يقرؤونه من سير الأبطال العظام.

القصص الاجتماعية: إن القدرة على توقع أفعال الىخرين وفهم مشاعرهم تسهم إلى حد كبير في تيسير النفاعل المجتمعي والتواصل، وتبادل الأفكار مع الآخرين. تعد القصص الاجتماعية طريقة لتعليم المهارات الاجتماعية للأطفال المصابين بالتوحد وذوي الإعاقات ذات العلاقة بالتوحد. إذ تقدم معلومات دقيقة عن المواقف الاجتماعية التي يجدها صعبة. وهي تركيز على النقاط الأساسية كالعمليات الاجتماعية المهمة والأحداث وردود الأفعال المتوقع حدوثها تجاه الأحداث في مواقف مشابهة. تهدف القصص الاجتماعية إبراز الموقف الاجتماعي من خلال قصة قصيرة مبسطة مكتوبة من منظور الطفل تقدم له معلومات معينة تفيده في حياته اليومية. وهي مهمة للأطفال حيث أنهم يعيشون في مجتمع ما ويتعاملون ويتفاعلون مع هذا المجتمع، ومن الضروري أن يتعرفوا على هذا المجتمع وخصائصه ومظاهر الحياة فيه وأنواع الحرف والمهن وعاداته وتقاليده، فهي تتناول الأسرة والروابط الأسرية، والمناسبات المختلفة ومظاهر الحياة في البيئات المختلفة.

القصص الواقعية: هذا النوع من القصص يناسب الأطفال في نهاية مرحلة الطفولة، لأن الأطفال يبدؤون في التحرر من خيالهم نتيجةً لزيادة وكثرة اتصالهم بالمجتمع، فيميلون إلى معرفة حقيقة الحياة المحيطة بهم والطبيعة والحيوانات والرحلات والعلوم المختلفة. ويجب أن تقدم هذه القصص بشيءٍ بسيطٍ من الخيال لتتناسب مع قدرتهم على التفكير والاستيعاب في هذه المرحلة العمرية. في نهاية مرحلة الطفولة تصبح هذه القصص الواقعية تناسب مستواهم الفكـــــري والعقلي ويبدأون في التحرر من الخيال نتيجة وعيهم واحتكاكهم بفئات المجتمــع، ويصبح التلميذ في هذه المرحلـة عن طريق القصة التمييز بين الحقيقـة والخيال.

القصص العلمية: هي القصص التي تدور أحداثها حول مواقف وأحداث علمية أو تتناول في محتوياتها ابتكارات واختراعات علمية وتكنولوجية، وهذه القصص تنمي خيال التلميذ وتوسع قدراتهم الفكرية والعقلية. ومن خلال القصص العلمية ،يستطيع الطفل أن يتعلم ما في الحياة من خير وشر وتمييز بين الصواب والخطأ، والقدرة على التفكير في اتخاذ القرار بما يساعد على تكوين شخصيته، وتوجيه سلوكه، وذلك عن طريق التحكم في نوع الخبرات المقدمة له بطريقة القصة.

القصص الفكاهية: القصص الفكاهية من الآداب الشيّقة والممتعة، فهي نزهة النفس وربيع القلب، ومرتع السمع ومجلب الراحة، ومعدن السرور، ولا يمكن أن نتصور العالم من دون فكاهة، أو نتصور الحياة عابسة مقضبة الجبين مقفهرة المظهر، إن الحياة بغير ضحك عبء ثقيل لا يحتمل. والفكاهة لا تهدف فقط إلى إضحاك المستمع بل إن لها في حالات كثيرة، رسالة نقدية إصلاحية، تصريحًا أو تلميحًا أو تربويا. وهي قصة تتركز حول موقف يبعث غلى الفكاهة وهي تعكس صورة للمجتمع عادات الناس. القصة الفكاهية من أحب وأمتع القصص إلى نفوس التلاميذ لما لها من مواقف بهلوانية وصور معبرة تدخل السرور والمرح في نفوس التلاميذ، وهذا النوع من القصص يشوق التلاميذ ويحببهم إليها.

القصص الدينية: القصة الدينية وهي القصة التي تهدف نحو هدف تربوي ينسجم مع غاية الإسلام الربانية في تحقيق العبودية لله، وتحقيق مهمة الخلافة في الأرض، ومصدرها القرآن الكريم أو السيرة النبوية أو سير الأنبياء والمرسلين أو حياة الصحابة والصالحين، وتاريخ الإسلام. هي أهم أنواع قصص الأطفال وأكثرها انتشارا وتأثيرا في وجدان الطفل وإذا أحسن كتابتها. فمن الممكن أن تساهم في التنشئة الدينيــــة للتلميذ وإكسابه المفاهيم الدينية الصحيحة والسليمة، وهي تتناول مواضيع دينيــة كالعبادات والعقائد وسير الأنبياء وقصص القرآن الكريــم. فهي تعطيهم المثل الأعلى والقيم الروحية والقدوة الصالحة التي يقتدون بها في حياتهم العامة. تحتل القصة الدينية في تربية الأطفال بحيث يتم انتقاءه قصصاً تربوياً إسلامياً يحقق أهداف التربية الإسلامية للطفل.

القصة وتأثيرها على نفوس الأطفال:

تمثل القصص خبرات وتجارب ومشاعر وأحداث الإنسان التي مرّ بها في حياته. تساهم القصة في مساندة الطفل في التعلم واكتساب القيم الاخلاقية. تحتل القصة مكانة متميزة عند الاطفال وتفوق أنواع الأدبية الأخرى بما تتملكه من قوة تأثير ومتعة لا يملكها غيرها من الأجناس الأدبية الأخرى. إن القصة تلك الحكاية التي تتضمن غرضا تربويا أو فنيا أو اخلاقيا أو علميا أو لغويا أو ترويحيا والتي تعد وسيلة من وسائل الثقافات والمعارف والعلوم. القصة من أشد ألوان الأدب تأثيرا في نفوس الأطفال إذا تتضمن تلك المثيرات الباعثة على تشكيل سلوكهم وتكوين شخصياتهم. وتؤثر القصة نفوس الأطفال من كل ناحية من نواحي الحياة وتترك أثرا واضحا على الجانب العقلي والجانب الاجتماعي والجانب النفسي: .

  1. الجانب العقلي: تعمل القصة على إكساب الطفل الكثير من المعلومات وتساعده في غرس القيم والمبادئ الخلقية السليمة التي تساهم في تربيته وتوجيهه لأن النمو العقلي يخضع لمظاهر تطور العمليات العقلية المختلفة التي تبدأ بالمستوى الحسي الحركي وتنتهي بالذكاء والانتباه والتخيل والتفكير. توسع القصة الخيال والتخيل، وتخاطب العواطف والوجدان من خلال الصور الإبداعية الخلقية.
  1. الجانب الاجتماعي: تحتوي القصة على اتجاهات اجتماعية، فهي تعمل على غرس القيم النبيلة عند الطفل وترسيخ القيم الفاضلة وحب الخير، فالقصة من خلال كلماتها ومضمونها تحتوي على أهداف اجتماعية تبرز للطفل القيم الحميدة وتشعره بالانتماء لمجتمعه، كما أنها تنمي العادات الاجتماعية السليمة من كرم وتعاون وحب وإيثار وتضحية وصدق ووفاء، وتكسبه مهارات التواصل مع الآخرين.
  1. الجانب النفسي: للقصة دور فعال وإيجابي في النمو الانفعالي للطفل، فمن خلالها ينفس الطفل عن مشاعره المكبوتة وانفعالاته الضارة، ويخفف من حدة القلق والتوتر، وبها يدخل السرور والبهجة على نفسه ويتعلم المشاركة الوجدانية كما أنها تنمي مشاعر العطف والحنان عند الطفل من خلال التعاطف مع الضعفاء في أحداث القصة والإحساس بمعاناتهم. تساعد القصة في العلاج الطبي والنفسي للأطفال كما تستخدم القصة كأداة مهمة في علاج الاكتئاب والاضطراب والمخاوف المرضية.

القصة ودورها في التعليم والتربية:

لا شك أن القصة من الفنون القديمة التي استخدمت على مر العصور لأغراض كثيرة وكان لها وقعها الكبير على المستمع بحيث صارت تشكل جزءاً مهماً من الثقافة لكل مجتمع وكل أمة، وذلك لأنها تحكي عن واقع أو عن طريقة تفكير حتى في مسألة الخيال والتخيل فإنها تعكس نوعاً من الثقافة التي يعيشها أي مجتمع. وإذا كان هذا حال القصة فإنها تكون وسيلة كبيرة في تثقيف أي مجتمع أو أي شخص بالأفكار. تؤثر القصة بطريقة مباشرة وغير مباشرة في عقل الطفل ووجدانه. واذا كان أسلوب القصة له أثر كبير على طريقة تفكير عقل الطفل كان لازماً على المربين الاهتمام بهذا الجانب لا سيما أنه أول مدرسة يتعلم فيها الطفل. إن القصة وسيلة من الوسائل التربوية لإعداد النشء، بل تعد من أقدم هذه الوسائل ولقد استخدمت القصة في التربية على مر العصور الإنسانية، واستقر رأي رجال التربية وعلماء النفس على أن الأسلوب القصصي هو أفضل وسيلة نقدم عن طريقها ما نريد تقديمه للأطفال سواء كان قيمًا دينية أم أخلاقية أم توجيهات سلوكية أو اجتماعية، وتحتل القصة المرتبة الأولى في أدب الأطفال. إن الأطفال يميلون بفطرتهم إلى القصة، فمن الطفولة بالكرة، منذ أن يقدر الطفل على فهم لغة القصة يحبها ويحرص على سماعها ويستغرق فيها إذا حكيت له، مشغوفا يتتبع حوادثها وتخيل شخصياتها وتوقع ما يحدث من هذه الشخصيات. كل هذه العوامل تجعل من القصة خبرة تعليمة فنية قوية التاثير، عميقة الأثر. ولا تزال القصة هي فارس الميدان الأول في وسائل التربية والتوجيه، وهي الأقوى تأثيراً والأكثر جذباً للأطفال. لأن القصة هي من المركبات الأساسية في حياة الطفل،إذ تعمل القصة على تصور جوانب الحياة وتعبر عن العواطف الإنسانية وتصف الطبيعة وتشرح الحياة الاجتماعية.

القصة ودورها في إصلاح العقيدة والسلوك:

لا ريب في أن للعقيدة التي يحملها الإنسان أثرًا في توجيه سلوكه وتصرفاته، وأن أي انحراف في هذه العقيدة، يبدو واضحًا في حياة الإنسان العملية والخلقية، ومن ثم يؤثر ذلك بشكل ملموس في حياة المجتمع. ولا يخفى أثر القصة على نفسية المستمع سواء كان صغيرا أو كبيرا. تأتي أهمية القصة الدينية في ترسيخ العقيدة الإسلامية في نفس الطفل وربطه بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وبالتاريخ الإسلامي المجيد وتبصير الطفل بالقيم الخُلقية الفاضلة. العقيدة هي الأساس تبدأ به تربية النفس الانسانية، لذا فان أول واجب على الوالدين القيام به هو غرس عقيدة التوحيد في نفس الطفل دون كلل ولا ملل. فالعقيدة لابد أن تنعكس على الانسان وسلوكه. قد اعتمد المربون في استخدامها كوسيلة في بث الفكر في إصلاح العقائد والسلوك. وذلك لأن الهدف التربوي يقوم على أساسين :

الأول: البناء وهو ما يراد منه تزويد المستمع بالفكر الحي الذي يجب أن يتخذه منوالاً في حياته ، كما ينمي فيه الفطرة السليمة.

الثاني: حماية هذه الفطرة من الانحراف وذلك من خلال تصوير مشاهد مخيفة للمستمع أو عواقب للأمر ونهايته المحزنة بحيث يتعظ منه ويبتعد عن فعله.

تكمن أهمية هذا النوع من الأهداف في أنه يجعل العقيدة الإسلامية تصل إلى الأطفال عن طريق الربط بينها وبين جميع حواسهم وملاحظاتهم ومداركهم. ومن تلك الأهداف العقدية محبة رسول الله صلى اله عليه وسلم والأنبياء والرسل، وذلك عن طريق السيرة النبوية وقصص الأنبياء المستمدة من القرآن الكريم والسنة. فما أروع تلك القصص عندما تكون تفسيراً مبسطاً لقصص الأنبياء والمرسلين التي وردت في القرآن، فيزداد ارتباطه بالقرآن، ويعلم علم اليقين أنه المصدر السابق لتلك القصص وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. تساعد القصة في ترسيخ العقيدة في نفوس الاطفال وتؤثرهم في التفكير والسلوك كما تساعد القصة في تنمية ملكة الخيال عندهم في تكوين أفكار جديدة من خلال التحليل والربط والاستنتاج وتقود هم إلى اكتساب قيم واتجهات. تزود القصة الطفل بمختلف الخبرات الثقافية والوجدانية ولنفسية والسلوكية.

القصة ودورها في بناء المستقبل:

المستقبل هو ذلك الزمان الذي سيقع بعد، وما يتخلله من أحداث واقعة فيه وفي حيزه والنظرة المستقبلية أو القراءة للمستقبل تكون من خلال التأملات لما يحدث فيما بعد وذلك بقراءة الحاضر. وقراءته تكون بملاحظة التكوين العقلي للأمة وللأفراد. وتأتي أهمية هذه القصص للأطفال لأنها تنمي خيالاتهم وقدراتهم العقلية، فإثارة الخيال وتنميته تؤدي إلى تنمية التفكير لدى الأطفال. إن أنواع القصص المقدمة للأطفال من حيث كونها دينية أم اجتماعية أم تاريخية أو غيرها تؤثر على لغة الطفل واكتسابه للمفردات حيث أن لكل نوع مفرداته الخاصة به وبذلك يصبح تنوع في المفردات التي يكتسبها الطفل. ولقد أثبتت معظم الدراسات أن القصة هي الأكثر انتشارا بين الأطفال وأن لها القدرة على جذب انتباههم، فهم يقرؤونها أو يستمعون إليها بشغف، ويتابعون أحداثها بمتعه وتركيز وانفعال وينخرطون مع أبطالها، ويتعاطفون معهم ويبقى أثرها في نفوسهم لفترة طويلة. ومن المعروف أن القصة لا يقتصر دورها على تنمية اللغة عند الطفل، بل تتعدى ذلك إلى أن يصبح عند الطفل طلاقة لغوية من خلال شغفه بالقراءة وإقباله عليها، فالقصة بألفاظها السهلة وكلماتها البسيطة ومضامينها الرائعة ومخاطبتها لعقل الطفل تجعله يقبل عليها بكل شغف ويعتقد أن كل ما يقع بين يديه يشبه القصة فيقرؤه بحماس، فتنمو لغته وتتطور لديه مهارات الكتابة لأنه يريد أن يوظف هذه العبارات والكلمات التي اكتسبها فيصبح كاتباً بارعاً في المستقبل.

القصة ودورها في تنمية الإحساس الإبداعي عند الطفل:

يعد التفكير الإبداعي من أهم المهارات التي تعتمد عليها التكنولوجيا المبتكرة والتقنيات الحدثة. والخيال في الفن يعد من أهم مكونات العملية الإبداعية، فهو يشكل نشاطا عقليا يوجهه الفكر الإبداعي. فالخيال بشكل عام له دور مهم في تطوير تنمية الإحساس الإبداعي عند الأطفال. ومن الملاحظ عندما تتلى أي قصة على أي طفل فان ذهنه يحلق بعيداً في عالم القصة، ويقوم عقله برسم صور للأبطال وللأشخاص الموجودين في القصة وإلى الأماكن التي ذكرت والملابسات التي تحيطهم، فكلما سمع شيئاً رسم له صورة في ذهنه. وهذه الطريقة تنمي عند الطفل حس الإبداع والخيال وتطوير ملكة الحس الإبداعي من خلال تركيب الصورة والمشاهد، ولذلك يلاحظ على الطفل عندما يسمع القصة أنه يسأل عن أشياء وعن تفاصيل لم يلتفت إليها القاص وهذا يثبت ما ذهبنا إليه، بل إن الحس الإبداعي عند الطفل قد ينشأ من نفس تركيبته فإن الطفل الصغير تراه ينشئ حوارات مع ألعابه، وتراه يصور لنفسه قصة ويصدقها ويعيش مع أحداثها. ومن هنا قد يلاحظ بعض المربين أن الطفل الصغير يكذب أحياناً عندما يفعل خطأ؛ فقد يقول:" إن العصفورة هي التي كسرت الكأس مثلاً، وهذا ليس كذباً منه بل هو تخيل أن العصفورة جاءت وكسرت الكأس ثم ذهبت وصدق هو ذلك فيقول حسب تصوراته. نعم ، عندما يدرس الأسلوب القصصي يلاحظ أن الطفل الصغير يحب القصص الخيالية، والطفل الذي تجاوز عمره العاشرة يحب القصص المغامراتيه والمراهق يحب القصص العاطفية، والكبير يحب القصص الواقعية والتاريخية وهكذا. وهذا يدل أيضاً على تركيبة العقل عند الطفل وكيف هي في بدايتها انها تعتمد على الحس الإبداعي والخيالي الذي يرسم صورة للعالم الخارجي وللمستقبل. تثير القصة في نفوس الأطفال إحساسات جمالية وانفعالات عاطفية وتجعله أكثر تعاطفا مع الآخرين. إن خيال الطفل في مختلف مراحل نموه خصب يساعده على التصور والتخيل، لذا يسهل على الطفل أن يحيا في جو الصور الخيالية التي توحي بها القصة. تلعب القصة من بين فنون أدب الأطفال دوراً هاماً في حياتهم، إذ هي الفن الذي يتفق وميولهم وهى الفن الذي يتصلون به منذ أن يتفتح على العالم إدراكهم، وهى الفن الذي يبنى خيالهم، ويثبت مشاعر الخير والنبل في نفوسهم، ويربى قوة الخلق والإبداع عندهم، وهى تعد من اكثر صور الأدب شيوعاً في عصرنا، فضلاً عن أنها من أقدر فنون اللغة على خدمة مختلف أنشطتها في مرحلة رياض الأطفال.

القصص القرآنية ودورها في بناء شخصية الأطفال:

  ليس القرآن كتاب قصص وحكايات، وإنما هو كتاب تربية وتوجيه وهداية، ولكن الدقة في الأداء، والبراعة في الأسلوب، وجعل استخدام القصص للتربية على إطلاقها جزءاً من منهج التربية الإسلامية. واستخدام القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلم القصة في التربية، وفي ترقيق القلوب، وتنوير العقول، وأخذ العظة والعبرة من قصص الأقوام السابقة، ومن ثم استخدمتها الأمهات في التربية أيضاً، وفي تزويد أطفالهن بنماذج وقدوات لم يعاصروها، بدءاً بالرسول صلى الله عليه وسلم وحتى يومنا الحاضر.

  تمثل القصة القرآنية ربع القرآن الكريم. والقصة لها تأثير فعال. لأنها تستوي في أذهان الناس وتفضل سماعهم وتترك أثرا واضحا في نفوسهم. فقد استخدم القرآن الكريم القصة كوسيلة لغرس قيمه وأفكاره واتجاهاته.

   في القرآن الكريم ثروة ضخمة من القصص والحكايات.

   وقد سلك أساليب متنوعة لتحقيق أهدافه. 

  واتخذ وسائل مختلفة للوصل إلى غايته. 

  نجد في قصص القرآن الكريم مادة ثرية للأطفال يمكن تروي لهم بصورة مبسطة، وكذلك في السيرة النبوية ومواقف الصحابة والخلفاء والرحالة المسلمين. ولو نظرنا نظرة متفحصة لقصص القرآن الكريم، لوجدنا ما يحقق اهداف التربية الإسلامية بجوانبها الروحية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية والعلمية. تميز القصة القرآنية بثبوت الوقائع المسرودة كما تميز في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يكفي الغايات التربوية المنشودة لتربية الطفل المسلم. إذا كانت التربية تهدف إلى إكساب الطفل قيمة العفو والتسامح، فإن في موقف الرسول من أهل مكة يوم الفتح مادة ثرية تصلح لغرس هذه القيمة في نفوس الأطفال. فإذا كانت التربية تهدف إلى تربية الطفل على حب العمل، فإن قصة سفينة نوح عليه السلام مادة تصلح قيمة العمل في نفوس الأطفال. وإذا كانت القصة إلى تربية الطفل على التفكير العلمي، فإن قصة إبراهيم عليه السلام ما يكسب الطفل هذه السمة البارزة. لقد استخدم القرآن القصة استخداما واسعا جداً في تثبيت القيم الإيمانية وترسيخها في النفوس، لذا عند ذكرها للطفل يراعى تبسيطها ليتمكن من استيعابها وينشأ محبا للحق والعدل والخير ويحيا على التسامح والإحسان.[18] أما دورها في تطوير القيم والسلوك فهو واضح من استخدام القرآن الكريم للقصص في سوره والذي سرد المواعظ والمثل العليا في التعامل الانساني من خلال قصص الأنبياء. ولقد تطور أسلوب تعلم القيم حديثاً وأصبح ينادى بتطبيقه من خلال المناهج المدرسة وأن يصبح من صلبها.[19]

استنتاج البحث:

 إن للقصة دوراً ملموسا في تربية الطفل من الناحية الاجتماعية والثقافية، إذ تزوده بالحقائق المختلفة والمعلومات العامة عن المجتمع الذي يعيش فيه، وعن العالم من حوله، وإعداده ليعيش إيجابياً متكيفاً مع المجتمع، مندمجاً فيه، وملتزماً بأنماط سلوكية إسلامية تقوم على الحب والعدل والمساواة والخير للإنسانية كلها. وذلك بتفاعله مع أحداث القصة وتقمصه لشخصيات أبطالها وتعرفه إلى أنماط مختلفة من السلوك الاجتماعي المتضمن في القصة التي يستمع إليها أو يقرأها. فالقصة مصدر مهم من مصادر ثقافة الأطفال ووسيلة من وسائل إشباع حاجاتهم، لأنها ترتبط بالطفل منذ سن مبكرة من حياته، وتودي دورا بارزا في بناء شخصيته بما تحمله من أفكار ومعلومات ومغزي وخيال وأسلوب.

    إن القصة هي من المركبات الأساسية في حياة الطفل إذ تعمل القصة على تصور جوانب الحياة وتعبر عن العواطف الإنسانية وتصف الطبيعة وتشرح الحياة الاجتماعية وتساعد على الوصول إلى المثل العليا بما فيها من تأثيرات في أعماق النفوس، وكما تساعد على تكوين اتجاهات واضحة وقيم متعددة.

الهوامش:

[1] ابن منظور: لسان العرب : (7\74

[2] محمد حسن عبد الله: قصص الأطفال: أصولها الفنية وروادها، دار ابن حزم، بيروت، عام 1996م، ص، 09

[3] أبو معال، عبد الفتاح، أدب الأطفال وأساليب تربيتهم وتعليمهم وتثقيفهم، عمان، دار الشروق، 2005، (ط1)، ص33.

[4] الجقندي، عبد السلام عبدالله، التربية المتكاملة للطفل المسلم في البيت والمدرسة، لبنان، دار قتيبه،2003، ص18–22

[5] محمد، نجلاء السيد عبد الحكيم،أثر شخصيات القصة في تنمية بعض القيم الأخلاقية لدى طفل الروضة من خلال برنامج قصصي مقترح، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة القاهرة، كلية التربية، قسم رياض الأطفال، 2001.

[6] علي، أماني عبد الفتاح، والخريبي، هالة فاروق، المدخل إلى رياض الأطفال، الزقازيق، مكتب الطيب، 2004، ص10.

[7] بريغش، محمد حسن، أدب الأطفال: أهدافه وسماته، بيروت، مؤسسة الرسالة عام 1996، ص212

[8] حلاوة، محمد السيد، الأدب القصصي للطفل، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث،عام 2003، ص40

[9] سين، كمال الدين: فنية رواية القصة وقراءتها للأطفال،الدار المصرية اللبنانية، لبنان، عام 2004م ص246

[10] الربيع، محمد عبد الرحيم، وزلط، أحمد علي، أدب الطفل وثقافته وبحوثه، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، د.م، مطابع الجامعة،عام 1988م ، ص153

[11] الشيخ، محمد عبد الرؤوف، أدب الأطفال وبناء الشخصية "منظور تربوي إسلامي" دبي، دار العلم، عام 1997م ، ص 116

[12] وادی،طه،دراسات فی النقد الروایه،ص39

[13] باکثیر،علی أحمد، فن المسرحیه من خلال تجاربی الشخصیة،ص69

[14] عبود شراد،شلتاغ،المدخل إلی النقد الادبی الحدیث، ص179

[15] الكيلاني، نجيب، أدب الأطفال في ضوء الإسلام، بيروت، مؤسسة الرسالة، (ط3)، ص70

[16] سعيد، محمود شاكر، أساسيات في أدب الأطفال، الرياض، دار المعارج، 1993، (ط1)، ص 95

[17] أحمد، سمير عبد الوهاب، قصص وحكايات الأطفال وتطبيقاتها العملية، عمان، دار المسيرة، 2004، (ط1)، ص 68.

[18] ، عثمان قدري، أساليب التربية في القرآن الكريم، بيروت، دار ابن حزم، 2002، (ط1)، ص362

[19] الظهار، نجاح أحمد عبد الكريم، أدب الطفل من منظور إسلامي، جدة، دار المحمدي، 2003، (ط1)، ص55

(20) مجلة الكلمة © 2023.

وسوم: العدد 1046