نسخة ثانية مخطوطة من كتاب طبقات القراء السبعة

د. محمد مطيع الحافظ

نسخة ثانية مخطوطة من كتاب طبقات القراء السبعة

وذكر مناقبهم وقراءاتهم لابن السلار

(698-782هـ)

د. محمد مطيع الحافظ

كتاب طبقات القراء السبعة ... للإمام عبد الوهاب بن يوسف ابن السلّار، شيخ قراء دمشق في عصره.

ولد بدمشق سنة 698هـ، وأخذ القراءة بالسبع إفراداً وجمعاً سنة 718هـ على الشيخ مجير الدين محمد بن عبد العزيز الدمشقي، وعلى الإمام يحيى الخلاطي سنة 720هـ، ثم رحل إلى مصر فتلا بالسبع أيضاً على تقي الدين ابن الصائغ سنة 724هـ. ثم رجع إلى دمشق فتلا بالسبع أيضاً على شهاب الدين أحمد بن محمد الحراني فوصل إلى سورة المؤمنون وتوفي الشهاب، وقرأ على ابن بصخان بتربة أم الصالح.

سمع الحديث الشريف من الحجار، والحافظ المزي، وخلق بالشام ومصر وبغداد والبصرة وغيرها.

أخذ عنه القراءة كثيرون منهم الإمام الحافظ محمد بن محمد ابن الجزري وقال هو أول شيخ انتفعت به ولازمته، وصححت عليه الشاطبية درساً وعرضاً.

وأخذ عنه أيضاً نصر الدين الجوخي، ومحمد بن مسلم الخراط وأحمد ابن البانياسي.

كان إماماً خيّراً جامعاً لفنون من العلم كالنحو والفقه والتفسير إضافة إلى أنه تولى رئاسة الإقراء بدمشق لتوليه المشيخة الكبرى بتربة أم الصالح، لأنه لا يتولاها إلا أعلم دمشق بالقراءات. تولاها بعد الإمام محمد بن أحمد ابن اللبان المتوفى سنة 776هـ.

كان ثقة صحيح النقل، له نظم وألف محررات محررة. من مؤلفاته طبقات القراء السبعة وذكر مناقبهم وقراءاتهم.

توفي ليلة الأربعاء 18 شعبان سنة 782هـ، ودفن عند قبر الإمام ابن تيمية، وكان يعد في أصحابه، وهو متزوج بعض أقاربه.

وكتابه طبقات القراء بدأه بمقدمة في فضائل القرآن وقراءته. ثم ذكر أن الشيخ أبا
عبد الله بن أحمد الجزري الحموي قرأ عليه القرآن العظيم من أوله إلى آخره في ختمة واحدة جامعة جمع فيها بين الأئمة السبعة ... وبما اشتمل عليه كتاب التيسير للاني، وقصيدته الشاطبية ... فتعين عليه إجازته فيها. ثم ذكر ما تلقاه عن شيوخه، وأسانيد الشيوخ المتقدمين.

ثم بدأ بالقراء السبعة وأسانيدهم ذاكراً طرفاً من سيرة كل واحد منهم. فبدأ بالإمام
عبد الله بن كثير المكي، ثم الإمام نافع، ثم الإمام عبد الله بن عامر، ثم الإمام أبي عمرو بن العلاء، ثم الإمام عاصم، ثم الإمام حمزة الزيات، ثم الإمام الكسائي. ثم ذكر أسانيدهم.

وختم كتابه بذكر أسانيد شيخيه: ابن بصخان، وشهاب الدين الحراني.

وخلال دراستي وإعدادي البحث الذي قدمته لنيل شهادة الدكتوراه وهو بعنوان (القراءات وكبار القراء بدمشق) رجعت إلى كثير من المصادر المخطوطة والمطبوعة. من هذه المخطوطات مخطوطة بدار الكتب الظاهرية بعنوان (إجازات القراء) هكذا وضع المسجل للمخطوطات هذا العنوان في الصفحة الأولى بخط جديد. وبعد تصويره ودراسته وجدته ناقص الأول وأن مؤلفه هو أمين الدين عبد الوهاب ابن السلار شيخ القراء بدمشق.

وبعد دراسة ترجمة المؤلف لم أجد له مؤلفاً بهذا العنوان. وتبين لي أن الكتاب إجازة من المؤلف لأحد تلاميذه.

بعدها توقفت عن المتابعة، حتى وصلتني نسخة مطبوعة بالمكتبة العصرية بلبنان بعنوان طبقات القراء ... لابن السلار، تكرّم الأستاذ يحيى بن محمد الفيفي فأهداها لي فشكرته ودعوت له.

وبعد قراءتي للمقدمة ولكثير من أبحاثه، عدت بذاكرتي إلى كتاب (إجازات القراء) وبعد المقارنة، تبين لي أنها نسخة من كتاب طبقات القراء. وبما أن محقق الكتاب الأستاذ الفاضل أحمد بن محمد عزوز قد نشره اعتماداً على نسخة واحدة – لم يذكر مصدرها ولا وصفها – وإن كانت نسخة قيمة لأنها نسخة تلميذ المؤلف كما ذكر المحقق. إلا أن العثور على نسخة ثانية مما يفيد الباحث لإزالة الشبهات التي قد تعترض المحقق.

أما نسخة الظاهرية فهي نسخة قيمة مخرومة من أولها، وخطها من خطوط القرن التاسع الهجري، كتبت بخط معتاد غير معجم، وعلى الورقة الأولى وقف العلامة المؤرخ شمس الدين ابن طولون الدمشقي على المدرسة العمرية.

والنسخة بحالة جيدة عموماً في 95 ورقة، 5و18 × 5و13سم في كل صفحة 17 سطراً. رقمها العام 292.

أولها: (حكيم حميد معجز التأليف والنظام، بائن عن جميع الكلام، خارج عن تحسين المخلوقين ...).

وآخرها: (فصل: مولد الشيخ أمين الدين رحمه الله في السابع والعشرين من ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وست مئة، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين).

وبذلك يظهر أن النقص ورقة واحدة.

وبعد المقارنة بين النسختين وجدت كثيراً من الفروق، أورد بعضاً منها:

نص نسخة إجازات القراء    نص النسخة المطبوعة

- (بتغيير) الصفحة (1) السطر 4  (بتغاير) الصفحة 17 السطر 18

- (فهو) الصفحة 2 (السطر 8)    (منهم) الصفحة 18 السطر 2

- (إن الكتاب الأول أنزل من باب واحد     (كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد

ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف)      وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من...)

الصفحة 3 (السطر 1)      الصفحة 18 (السطر الأخير)

- (حرف واحد فقال) صفحة 3 السطر 7    (حرف فقال) صفحة 19 السطر 3

- (ومحي عنه) صفحة 8 السطر 6 (ومحو عشر) صفحة 29 السطر 7

(قال الشيخ الإمام الزاهد العابد، الصدر      (قال زين الدين عمران)

تابع الأفاضل جامع الفضائل شرف الدين    الصفحة 33 سطر 5

شعيب ابن الشيخ الأجل شرف الدين عيسى بن

شعيب المصري نسباً الحنبلي مذهباً (الصفحة 11 سطر 8)

وتجدر الملاحظة أنه لا بد من المقارنة ما بين الصفحة 33 من المطبوع والصفحة 44 فالمؤلف يذكر أن تلميذه الذي قرأ عليه هو شرف الدين أبو عبد الله بن أحمد الجزري الحموي الشافعي.

مما مر قدّمت نماذج قليلة تبين الاختلاف بين النسختين.

أسأل الله أن ينفع ما قدمت إرشاداً للباحثين والمهتمين بعلوم القرآن. والحمد لله رب العالمين([1]).

صورة الصفحة الأولى من مخطوط الظاهرية بعد الخرم

 

صورة الصفحة الثانية من مخطوط الظاهري

صورة الصفحة الأخيرة من مخطوط الظاهرية

               

([1]) فهرس مخطوطات الظاهرية (علوم القرآن) 1/293، القراءات وكبار القراء بدمشق من القرن الأول حتى العصر الحاضر لمحمد مطيع الحافظ – دمشق دار الفكر 1422/2003.