الكشف عن أشعار مجهولة لعباس العقاد

بدر محمد بدر

[email protected]

تحت عنوان "المجهول والمنسي من شعر العقاد"، صدر في القاهرة مؤخرا كتاب جديد عن الدار المصرية اللبنانية، يكشف الكثير من قصائد وأبيات الشعر غير المعروف للأديب والشاعر عباس محمود العقاد، لم تنشر في دواوينه العشرة المطبوعة.

ومؤلف الكتاب هو الباحث محمد محمود حمدان، الذي وصفه الكتاب بأنه "آًخر تلاميذ العقاد"، وقد استطاع أن يبحث وينقب على مدى 60 عاما من نظم العقاد للشعر، ليكشف عن هذا الكنز المعرفي والأدبي، من بين طيات الصحف والمجلات، وثنايا مذكرات أصدقاء العقاد وتلامذته.

وفي المقدمة المهمة، التي كتبها الشاعر الكبير عبد اللطيف عبد الحليم "أبو همام"، أشار إلى أن العقاد يعد من القلائل في عالم الشعر، الذين لم يكفوا عن النظم طوال حياتهم، إذ المعروف أن غالبية الشعراء تتوقف عن قرض الشعر بعد فترة الشباب والفتوة.

بلاغة الشعر والنثر

أيضا فإن العقاد من القلائل الذين جمعوا بين بلاغة النظم، وبلاغة النثر في آن واحد، مثل: أبي العلاء المعري وعلي الجارم وإبراهيم عبد القادر المازني وغيرهم.

وأثنى "أبوهمام" على جهد المؤلف في جمع هذه القصائد والأبيات، "وهو جهد يضني كثير من الباحثين المدققين، لكنه لا يضني رجلا في إخلاص المؤلف" (الذي توفي قبل عامين) "رحمه الله".

ويقول المؤلف إن "الديوان" الذي جمع شعر محمود عباس العقاد في أجزائه العشرة، والذي تركه الشاعر الكبير إرثا باقيا للأجيال من بعده، لا يشتمل على كل ما نظمه العقاد من الشعر على مدار حياته، وكثير من هذا الشعر منتشر في مظانه من الدوريات والمراجع المختلفة.

ويجيب المؤلف عن سؤال: لماذا لم تنشر كل القصائد في "الديوان"؟ بأن بعض هذه القصائد لم تنشر بسبب "المواءمات السياسية" أي أنها قيلت في ظروف معينة، ثم تغيرت هذه الظروف، حيث كان العقاد من المشتغلين في بعض الفترات بالعمل السياسي المباشر، وانضم إلى الحزب السعدي، بعد أن اختلف مع النحاس باشا زعيم الوفد آنذاك، وكان عضوا في البرلمان.

وهناك قصائد لم تنشر بسبب اندفاع فكري مؤقت، ثم تغير الموقف حسبما ذكر العقاد نفسه، في إشارته لإحدى قصائده في بداية حياته الأدبية.

وبالإضافة إلى ذلك توجد قصائد كثيرة نشرتها الصحف والمجلات، ولكن بقيت مجهولة حتى استخرجها المؤلف وجمعها في هذا الكتاب، وهي ليست قليلة، بل عشرات من القصائد الطويلة، ومئات من الأبيات القصيرة المتناثرة هنا وهناك.

والكتاب يقدم القصائد المجهولة بلا ترتيب معين، لكنه يذكر غالبا الظروف أو المناسبة التي قيلت فيها، سواء كانت مناسبة عامة أو خاصة، سياسية أو اجتماعية أو أدبية، ابتداء من صدور أول كتبه "خلاصة اليومية" في عام 1912، وكان عمره 23 عاما.

وفي هذه الخلاصة كان العقاد يسجل "الخواطر والتعليقات وأبيات الشعر" التي نظمها قبل أن ينساها، وربما تجد فيها بيتا واحدا أو بيتين، وقد تجد قصيدة من 13 بيتا، ورغم بواكير هذه الفترة فقد ضمت شعرا قويا، لغة ومعنى.

مجنون ليلى

ومن بين القصائد الطويلة التي نشرها الكتاب قصيدة "مجنون ليلى"، وهي مكونة من 46 بيتا، ونشرت في عام 1913، وهناك أيضا رواية كتبها العقاد شعرا، بعد صدور رواية "قمبيز" لأمير الشعراء أحمد شوقي، وتتكون من أكثر من مائة بيت، في تتابع روائي جميل.

ويستمر الكتاب في تتبع هذه الأعمال المنسية والمجهولة حتى رحيل الأديب والشاعر الكبير في مارس/ آذار عام 1964، لتظهر بعد نصف قرن من وفاته، وفاء للشعر والأدب، الذي كرس لهما حياته.