ورحل شلال العطاء والحنان أستاذي الكاتب الصحفي محمد عمر الشطبي

إبراهيم خليل إبراهيم

ورحل شلال العطاء والحنان

أستاذي الكاتب الصحفي محمد عمر الشطبي

إبراهيم خليل إبراهيم

[email protected]

أعلنت عقارب الساعة يوم الثلاثاء 5 مارس 2013 رحيل الكاتب الصحفي والروائي القدير محمد عمر الشطبي إلى الدار الآخرة بعد رحلة كفاح وعطاء في مجال الصحافة والأدب والكلمة الصادقة،لقد آل على نفسه منذ قدومه للحياة العمل لخدمة أسرته ومجتمعه ووطنه ولذا قام بتأسيس دار الحياة للنشر والإعلام وجريدة الحياة المصرية وقاد مجلس إدارتها كما قام بتأسيس حزب الحياة وجمعية الأرامل والمطلقات ومجلة الفن ومجلة أضواء الإسلام .

الكاتب الصحفي والروائي القدير محمد عمر الشطبي عضو نقابة الصحفيين واتحاد كتاب مصر والعرب ونادى القصة وجمعية الأدباء والعديد من الجمعيات والهئيات الأدبية والثقافية وقدم للمكتبة العربية مجموعة من كتبه القيمة في مجالات الأدب والفن والسياسة والنقد منها :

نفوس معذبة .

كلمتي .

الرجل الذئب .

نهاية الحروب .

المرأة العربية .

وآهات حزينة .

شباب ضائع .

امرأة ولكن .

الكاتب الصحفي المبدع محمد عمر الشطبي يمكن ان نطلق عليه أنه من أصحاب الأدب الشمولى وقد تعرفت عليه عن قرب حيث ينتمى إلى المنطقة التي أعيش فيها وكان بالقرب من مسكننا شقيقه حمدي (رحمه الله) الذي كان يعد عضده وسنده وأيضا شقيقه عصام ( رحمه الله) وكنا نتزوار بصفة دائمة وخاصة أن (عصام) متزوج من بنت الشاعر القدير والأخ الأكبر صلاح فتح الباب .

أيضا عندما عرضت كتاباتي على الكاتب الصحفي المبدع محمد عمر الشطبي أثناء دراستى وجدت أهتمامه بها وشجعنى على الاستمرار في الكتابة وقام بنشر الكثير من كتاباتي في جريدة الحياة والإصدارات التى تصدر عن دار الحياة للنشر والإعلام كما قام بتشجيعي الصحفي والشاعر خيرات عبد المنعم المسئول عن الصفحة الأدبية بجريدة الحياة وقتئذ ومن هنا لم أشعر بالغربة أو الرهبة بل وجدت الحنان والحب من الاستاذ والوالد محمد عمر الشطبي ولذا فهو يعد علامة بارزة من علامات طريق كفاحي في دنيا الصحافة والأدب وبفضل الله تعالى قدمت حتى كتابة هذه السطور 35 كتابا للمكتبة العربية وأوالي كتاباتي ونشر أعمالي الصحفية في مجلة اتصالات المستقبل وجريدة زهرة التحرير وجريدة هتاف الجماهير بالإضافة إلى العديد من الدوريات المصرية والعربية.

عن الكاتب الصحفي المبدع محمد عمر الشطبي قال أ.د.بكر إسماعيل:(الكاتب الكبير محمد عمر الشطبي من أعلام الثقافة على المستويين المحلي ويمثل ظاهرة أدبية جديرة بالاهتمام والدراسة إذ أنه يعيش دائما نبض مجتمعه و يؤمن بقضاياه ولديه القدرة على التقاط المواقف الاجتماعية وبحسه الأدبي يشكلها في صيغ أدبية خاصة يقدمها للقارئ من خلال منظور واقعي

وقد ساعد العمل الصحفي الذي يشغله الأديب والكاتب و الروائي محمد عمر الشطبي على التعرف على الكثير من القضايا الاجتماعية التي تتعرض لها نماذج حقيقية تعيش في المجتمع، فارتبط بها واستخدم حروفه و كتاباته من نسيج تكوينها الإنساني وهو يكتب في شتى فروع الأدب والفن في القصة القصيرة والرواية والشعر والمسرحوالنقد الاجتماعي ونحو ذلك).

وفي عموده بجريدة الأهرام قال الكاتب الصحفي فتحي سلامة في عدد يوم الأحد 8 أبريل 2001 : (يجب الاعتراف في البداية اننا نتحدث عن صديق‏ وأتمني الايعايرنا رفاق القلم بالوفاء للاصدقاء‏ فهكذا تربينا وتعلمنا‏ ومهما كانت تبعات الوفاء مؤلمة تمنع عنا مايظنه البعض منفعة‏ فاننا سنظل أوفياء‏ لهذا آثرنا أن نكتب عن الأديب الزميل محمد عمر الشطبي هذه الأيام‏ ‏لندرة الوفاء‏ وأيضا لندرة الحببين رفاق الدرب الواحد‏ ولأن عالم الأدب ـ بعد ان انحسرت عنه الاضواء ـ صار وحشيا أنانيا لايعرف الا تبادل الاتهامات والمكايد‏, وتحول ميدان الكتابة الي تجارة وشطارة‏‏ وخداع وحيل من أصحاب دكاكين النشر الخاصة الي مقالات الأدباء‏.‏. ومحمد عمر الشطبي‏, نموذج للكفاح والنضال‏‏ قلما وجد في عالمنا المعاصر‏ فقد عاش في بداية حياته مع صدمة موت الوالد‏ وأصبح وهو في سنه الصغيرة المسئول عن رعاية أسرة كبيرة العدد محدودة الدخل‏‏ واضطر ازاء هذه الظروف أن يخرج الي عمل وهو يعاني من آلام في قلبه اضطرته لاجراء جراحة زادته ضعفا وأثقلت أسرته بالديون‏..‏ سافر الي لبنان يجري وراء لقمة عيش له ولأخوته وأمه‏‏،يأخذها عنوة من بين أنياب أصحاب الصحف الصغيرة‏ وما أكثرها في ذلك الوقت‏ والتي كانت تعمل في نطاق ضيق‏ وكان أصحابها لايهدفون الا للحصول علي أموال الاعانات الحكومية‏‏ ولم يستطع الاستمرار فسافر الي العراق وكل أمله أن يصبح صحفيا يناصر القضية القومية‏ وبعد أن كاد يصل الي مبتغاه ويدخر بعض المال لأسرته داهمه نصاب شرس سلبه كل شيء وعاد إلي بلده مقهورا مفلسا‏ ولم يتوقف عند هذه الكبوة‏‏ انما ازداد اصرارا‏، كان حلمه الأدبي يداعبه باصرار‏ ويحرمه النوم‏ وراح يكتب‏‏ ولكن مثل الكثيرين منا لم يجد الناشر‏‏ ولم ييأس‏‏،حاول اقتحام العمل الصحفي من جديد ونجح الي حد ما في مجال الصحافة الفنية‏‏ ونجح أيضا في نشر بعض كتبه‏‏ وأحس كأنه وصل الي هدفه بفضل دعاء أمه فأخذها لاداء مناسك الحج‏‏ وعندما عاد كان عليه أن ينجح أيضا في تزويج أخواته البنات ورعاية إخوته من الذكور‏‏ ولم يتنكر لأسرته‏،راح يعمل ليل نهار لكي يحقق الاستقرار لاخوته وأخوته بعد أن تزوج وانجب‏ وصار يحمل فوق ظهره تبعات أسرته هو وأسر أخوته‏ وقدم من خلال تجارب حياته مجموعات قصصه ورواياته‏ التي اتسمت جميعها‏ (‏بالواقعية الحزبية‏)‏ انه يكتب عن أناس عايشهم سواء في سفره بالاقطار العربية‏ أو من خلال عمله الصحفي‏‏ لهذا فان كتابات محمد عمر الشطبي تبدو كأنها مقتبسات من الواقع المعاش في الأحياء الفقيرة‏ وعن اناس يكابدون الآلام‏،صور الشطبي‏ فرحة الاطفال بجلباب جديد‏ ونظرات الفتيات المحرومات الي عوالم البهجة والطعام والعز‏،سبل إنكسار الشباب أمام المخدر‏،صاح محذرا‏،‏حاول أن يدفع بالصورة التي رآها في الواقع الي اضواء الاعلام‏،انشأ جمعية للأرامل بعد أن عايش تجربة أسرته‏،انشأ جمعية للتبرع بالاعضاء بعد أن عايش تجربة المرض‏‏،حاول ان يعطي من نفسه ومن ذاته حتي يمنع عن غيره مايعايشه هو‏ ولكن لأنه لايتكلم ولايوجد في ندوات ومقاهي الثرثرة‏‏ وليست له شلة تناصره‏‏ فانه عاش في صمت‏,‏لايكاد يشعر به أحد‏ وان أحسوا به هاجموه واتهموه بالنجاح بدونهم‏‏،حقا اننا امام اديب يستحق الاحترام لكفاحه ولعبقرية كتاباته الأدبية).

في الساعة العاشرة والنصف مساء يوم الثلاثاء الخامس من شهر مارس 2013 دق جرس المنزل ، فتحت إبنتي يارا الباب وإذ بصوت الشاعر القدير وأخي الأكبر صلاح فتخ الباب : بابا هنا يا يارا ؟ قالت : نعم .. خرجت على الفور .. صافحته .. قال : البقاء لله ... أخي وصديق عمري وحبيبك محمد عمر الشطبي توفى ودفن اليوم ... وحبس دموعه ... دمعة دقات قلبي قبل دمعات العين ... وقلت :

                          الله يرحمه ... البقاء لله تعالى ..

                             وإنا لله وإنا إليه راجعون .