رسالة اعتذار للأستاذ لخضر مازوز

ياسين سليماني

[email protected]

صديقي الأستاذ لخضر مازوز الأستاذ الجامعي والعضو في اتحاد الكتاب الجزائريين فرع ولاية أم البواقي.

صباحك حبّ لا ينتهي...

كنت قبل نحو ثلاث سنوات قد اختلفت معك في قضية أدبية، وكان اختلافا فكريا أو إيديولوجيا، تطوّر فكان تناقضا بين موقفين، وتعارضا بين إرادتين، وقد أخذتني الحميّة وقتها فكتبت مقالا ذكرتك فيه بسوء...أجل أيها الصديق...لقد ذكرت شخصك، وأسأت إليك، ووصفتك بأوصاف ونعوت ما كان يحقّ لي أن أصفك بها. إنّ الغضب يأخذ بالمرء أحيانا مآخذ شتى، ويرديه مهاوي السوء فيرتدّ ملوما محسوراً. فيا للخيبة، لقد تعلمنا في أبجديات التعامل الإنساني أنّ المرء لا يصح له أن يقاطع أخاه ثلاثة أيام، فكيف استمرّت المقاطعة طوال هذه السنوات؟!

لن أكون اليوم مكابرا، وسأقول لك أخي الفاضل: إني أعتذر باسمي الشخصي أنا ياسين سليماني، أعتذر لك أخي الأخضر مازوز عن كلّ ما سبَّبَتْهُ لك كلماتي من استياء وحرج وأذى. عذرا أيها العزيز، فقد أخطأت في حقك. كان يجب أن أتروى...كان يجب أن أحاورك، أن أتحدث معك بهدوء. فلعن الله العجلة التي تأخذ الواحد منا إلى ما لا تقرّه لا الأخلاق ولا العرف المحمود.

لكنّ غضبي يومها كان شديدا، إنك لم تقل شيئا يسوؤني، ولكن من كان معك قال ما يسوء. وبدل أن أنتقدهم وجهت لك كل اللوم. غير أنّ المدة الماضية كانت كافية لأن أخفّف الكثير من نزقي ومن فوران أعصابي وأنظر إلى الأمر بعقلانية وحيادية أيضا.

الأستاذ الصديق لخضر مازوز

أدرك أنك ستقبل اعتذاري منك اليوم ، لا لشيء، إلاّ لأنّ قلبك كبير، وهذا ما يجعلني أخاطبك، بل وأدعوك دعوة صديق فأقول لك: تعالّ بنا نتفق أن نكون يدا واحدة نتعاون معا لإعلاء كلمة الثقافة والأدب والإبداع في منطقتنا، لقد جالستك على هامش اليوم الأدبي الذي عقده الفرع الولائي لاتحاد الكتاب الجزائريين بأم البواقي، واقتربت من عالمك وتعرّفت أكثر على شخصيتك المرحة الجميلة الودودة، وكنت طوال الوقت أقول لنفسي: ليس هذا هو الرجل الذي أسأتُ إليه قبل اليوم. كانت صورتك في ذهني مغايرة تماما، ولم يكن من حقي أن أصدر الأحكام بغير علم.

إنني أجلد ذاتي أليس كذلك؟ أشعر بالخزي...ولعلّ القراء الذي تعودوا الاطلاع على مقالاتي يصدرون الآن أحكاما شتى، ولكن لا بأس. إنني أخطأت، ولا بدّ أن أتراجع عن الخطأ بطلب الصفح. وراحة الضمير تستدعي أن أقول ما أقول الآن...

الأستاذ لخضر مازوز

لقد التقينا، واتفقنا على فتح صفحة جديدة، فلتبقَ كبيرا...إنّ ندوة اليوم الثلاثاء التاسع عشر من فبراير الحالي كانت لحظة فارقة بيني وبينك، فقد ألقيتُ محاضرة حول المسرح والثورة الجزائرية، فتكلّمتَ أنت وناقشتَ وسألتَ وسمعتَ ردودي، بقلب كبير وعقل مفتوح، وقد استمعت إليك في كل ما قلته فلم أجد إلاّ رجلا نبيلا له آراؤه الهامة وأفكاره القيّمة ثم جالستك في أكثر من مكان، وتناولنا الغداء معا، وشربنا الشاي معا أيضا، وفي كل مكان كنا نتناقش مناقشة هادئة راقية هادفة، استمتعت بها كثيرا.

إني أشكرك أيها العزيز، وإن أنت قلت بأن خلافاتنا السابقة قد تجاوزها كلانا، فإنّ عليّ في هذا المقام أن أبرئ ذمتي فأكتب هذا الاعتذار كما كتبت من قبل ما سبق وأن ساءك.

أعتقد أنني أوصلت لك ما أردت، ونشرته أمام القارئ المهتم وأنا أشكر لك جميل صنعك اليوم ورحابة صدرك.

أرجو لك عمرا طافحا بالسعادة والنجاح ودوام الصحة والعافية لك ولك أفراد عائلتك الكريمة.