رسائل من أحمد الجدع (50)

أحمد الجدع

الكاتب المسرحي الإيرلندي : جورج برنارد شو

أحب أن أعرف بك حتى يعلم قراء هذه الرسالة من أنت .

إنك أشهر كتاب المسرحيات في العالم ، هكذا يقدمك معظم النقاد ، يقدمونك حتى على وليم شكسبير .

ولدت في مدينة دبلن بإيرلندا عام 1856م ، وفي العشرين من عمرك انتقلت إلى لندن .

كانت نشأتك في أحضان الفقر والعوز ، ولهذا كنت تعتبر كل مآسي الشعوب راجعة إلى الفقر ، وقد كانت مسرحياتك في كثير من فصولها تندد بالفقر ، وقد جعلت محاربة الفقر هدفاً رئيسياً لكل ما تكتب .

وفي أمل أن تنتصر على الفقر أيدت الاشتراكية ، وانتسبت إلى ما يدعونه بالاشتراكية الفابية ، وهي جماعة كانت تتخذ النضال السلمي لمحاربة الفقر بنشر الاشتراكية .

حال الفقر دون أن تتم دراستك ، فتركت المدرسة في الخامسة عشرة من عمرك ، وأتممت تعليمك في اجتهادك في القراءة الحرة .

وكان لك رأي في المدارس ، وقد كنت تقول إن المدارس ليست سوى سجون ومعتقلات .

وأنا أوافقك على رأيك هذا ، وقد أخذنا اليوم نجني ثمار المدارس في العالم كله قتلاً وسرقةً ومخدرات ، ومن تتبع أخبار المدارس في الغرب يرى ذلك جلياً .

كان هدفك في مسرحياتك أن تصل إلى السوبرمان أي الرجل المثالي ، وأنى لك أن تصل إليه وأنت تعيش في ظل مبادئ تنشر القهر والظلم وتمارسه بأبشع صوره ، وقد أدركت بعد دراسة متعمقة أن هذا الرجل المثالي يتمثل في شخصية رسولنا الكريم ، فقلت عنه وعن الدين الذي جاء به وحياً من عند الله :

" إني أكن كل تقدير لدين محمد لحيويته العجيبة ، فهو الدين الوحيد الذي يبدو لي أن له طاقة هائلة لملاءمة أوجه الحياة المتغيرة وصالحاً لكل العصور ، لقد درست حياة هذا الرجل العجيب ، وفي رأيي أنه يجب أن يسمى منقذ البشرية دون أن يكون في ذلك عداء للمسيح ، وإني لأعتقد أنه لو أتيح لرجل مثله أن يتولى منفرداً حكم هذا العالم الحديث لحالفه التوفيق في حل جميع مشاكله بأسلوب يؤدي إلى السلام والسعادة التي يفتقر العالم إليهما كثيراً وإني أستطيع أن أتنبأ بأن العقيدة التي جاء بها محمد ستلقى قبولاً حسناً في أوروبا في الغد ، وقد بدأت تجد آذاناً صاغية في أوروبا اليوم " ([1])

يا أيها الأديب الكبير : كنت نباتياً ، حرمت على نفسك أكل اللحوم بأنواعها ، ويرجع الأطباء طول عمرك إلى هذا المسلك الغذائي ، فقد غادرت هذه الحياة عام 1950م بعد أن شارفت على المئة من عمرك .

نلت جائزة نوبل في الآداب عام 1925م وترددت في قبولها ، وكنت تقول عن هذه الجائزة : إنها جائزة تمنح لمن لا يستحقها .

لقد اهتديت إلى عظمة الرسول والرسالة بجهدك في المطالعة ، وكثير من الفلاسفة والعلماء في الغرب اهتدوا أيضاً كما اهتديت ، بجهدهم الشخصي وبتأملاتهم ومطالعاتهم.

وكنت ترشح أوروبا للدخول في الإسلام .

أقول : لو بذل المسلمون جهداً ولو يسيراً لدخلت أوروبا الإسلام منذ زمن بعيد ولكن يا أيها الأديب الكبير ، ماذا نصنع ومقدرات المسلمين لا زالت في ايدي التحوت والروابض من أبنائهم .

                

([1]) لماذا أسلمنا ؟ - الطبعة الأولى 1389هـ 1969م ، وزارة معارف قطر ، مقدمة الأستاذ خورشيد أحمد صفحة 26 .