رسالة إلى صديقي الشاعر

عبد العزيز أمزيان

عبد العزيز أمزيان

شكرا صديقي الغالي شاهر خضرة أنك بعثت لي عبر الأثير أنفاس الشعر وعطره الفواح. سعدت أنك فوق أرض الشعر الحقيقية .لك الآن الحق أن تحلق في سماء الغيوم ما استطعت بأجنحة من الضوء ، ومن الروح ، ومن جمر الاحتراق الذي أيقظ في دواخلك نواريسك النائمة في ذاكرة الوطن ، واشعل في طفولتك الأنهار الراكضة في جسد الخرائط التائهة في تلافيف العمر ..لك الحق أن تطير بدون توقف ،وأن تترك الأنساغ تجد طريقها نحو الأعشاش المتدلية على ظلال المساءات .أنت الآن لك كل هذا المدى ،لك ريش السحاب ، لك بياض اليمامات ،وبياض الموج المتدفق على سماء كرسيف كمياه لا تعرف أسماء فرسانها الجامحة .لك أن تدخل الريح وتلبس زرقته وتسافر نحو الجهات . لك كل الأصابع التي في الفصول .لك أن تسافر مع الأطياف التي تحب، ومع كل الزفرات التي طلعت منك يوم تركت خندقك هناك ،وجئت مع سربك وحلمك وأشجارك مع عليل الجذع والجدر. لك كل هذا وتأتيك المعاطف كما تشتهي أخي الجميل شاهر. لك أن تنحت في الهواء الطلق رنينك المجلجل وتصبغ السماء بلون الفراشات المختبئة في قمصانك، علها تميل نحو أصداف الحروف ،فتلمعها كما ضوء الشمس على صفحة نهر وقت الظهيرة .لك يا شاعر الماء أن تنام قليلا وتحلم بزهر الربيع حين يتفتق برعما ويحنو على غابة تكبر في جفون الحالمين -مثلك-بما سيكون عليه الآتي من الوقت ..لعلك الآن في غفوة تدور فيها عقاربك للحلم الأول،،للخفقة الدافئة،،للرحيل المشتعل،،للموت المنتهى،،للمسة الناعمة،،التي طالت في سراديب العزلة الموحشة والصمت الصارخ في دقات العشق الممنوع .أنت هكذا يا صاحبي ليس لحلمك حد ،،وليس لأبحارك مجاذيف توصل ﺇلى بر ، ليس لك بداية سوى تلك التي رسمتها في أراجيح الريح مثل صنم لا يبرح مكانه في منتهى الطريق العالي ،ليتك تعرف أن لك هذا الامتداد هناك ،وليس من سبيل أن تغسل الفجر الذي جئته ذات طفولة ،وتسبح في الملكوت كما علمتك ملائكتك وذابت في الطين..عبد العزيز أمزيان

يتبع