الشيخ الداعية محمد عبد الله السمّان

clip_image002_3fc01.jpg

(1335 - 1428هـ) = (1917 - 2007 م)

أحد أعلام الدعوة الإسلامية في القرن العشرين، وأحد أشهر الكتاب الإسلاميين قاطبة.

[نشأته]:

• ولد السمان بمصر في 27 من يوليو عام 1917م بقرية «الحما» مركز «طما» محافظة سوهاج بصعيد مصر، لأسرة متوسطة الحال تشتغل بالزراعة والتجارة المتواضعة.

دراسته، ومراحل تعليمه:

• أتمَّ حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة بكتاب القرية

• وفي بداية حياته حصل على دبلوم المعلمين

• ثم التحق بكلية اللغة العربية وحصل على الليسانس

• وفي سن متأخرة قرر دراسة القانون، وحصل على الليسانس في القانون، ثم دبلوم في الشريعة الإسلامية من جامعة عين شمس بالقاهرة

زواجه، وأسرته:

• تزوج الأستاذ السمان في عام 1961م من سيدة مصرية، وأنجب منها ثلاثة من البنات تخرجن في الجامعة، الأولى تخرجت في دار العلوم، والثانية في كلية الآداب قسم تاريخ، والأخيرة تخرجت في كلية الحقوق.

• زوجته – رحمها الله – عانت الكثير والكثير في غياب زوجها، حيث قضى زوجها الكثير من عمره في المعتقل السياسي والتحقيقات المستمرة، وعندما خرج الأستاذ السمان من المعتقل، واستقر به الحال، مرضت مرضًا شديدًا عانت منه ست سنوات، ثم رحلت السيدة الفاضلة في 1983م، رحمها الله رحمة واسعة، وتركت له بنات الثلاث، علمهن السمان ورباهن على الإسلام، وزوجهن، وجعل من نفسه لهن أباً وأماً.

[مع الإخوان المسلمين]:

• انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في عام 1946م، وأصبح مسؤول الإخوان في قرية "طما" بسوهاج

• وفي أوائل عام 1948م انتقل إلى القاهرة، ورافق (حسن البنا)، فعمل في قسم نشر الدعوة بالمركز العام بالقاهرة، وكان على صلة طيبة ووثيقة بسائر إخوانه، ومنهم: صالح عشماوي، وأحمد حسن الباقوري، ومحمد الغزالي، والسيد سابق، وغيرهم، وكان قريباً من «عبد القادر عودة»، و«سيد قطب» - رحمهم الله تعالى -، وكانوا يجتمعون في منزل السمان تارة، وأخرى في منزل عودة، وثالثة في منزل قطب.

[السمان والصحافة]:

• عمل السمان محرراً بمجلة «الرسالة» لصاحبها «أحمد حسن الزيات» في الفترة من 1950 – 1953م.

• وبعد أن أغلقت الرسالة صدر منها الإصدار الثاني في الستينيات، فعمل في الفترة من (1963 - 1965) كانت مقالاته قوية ومؤثرة ومليئة بالثورة والمجاهرة بالحق.

• كما شارك في تحرير كبرى المجلات الإسلامية (الأزهر - الاعتصام - المجتمع الكويتية).

• أثار كتابه (الإسلام حائر بين أهله) عاصفة فكرية (أيام الملك فاروق) لوضعه أسسا ومفاهيم لعودة الخلافة والحكم الإسلامي، فظل يتردد على المحاكم ثلاث عشرة جلسة إلى أن حكم القاضي بالبراءة!

• ظل السمان لعدة سنوات يكتب حلقات برنامج «أبواب السماء» الذي كان يُبث عبر إذاعة «الشرق الأوسط»

• كان في الآونة الأخيرة يكتب في صحف «اللواء الإسلامي» و«آفاق عربية» - قبل غلقها في العام 2006م - وصحيفة «الخليج البحرينية».

• أتته دعوات كثيرة من فضائيات عديدة للظهور على الشاشات لكنه كان يرفض، ولا يحب الظهور، وإن شارك في برنامج «الجريمة السياسية» على فضائية «الجزيرة»

[اعتقاله]:

• اعتقل - كغيره من الإخوان المسلمين - أيام «جمال عبد الناصر»، فقضى أصعب ست سنوات في حياته (1965 - 1970)، ولم يفرج عنه إلا بعد موت عبد الناصر

[الشيخ كشك]:

• وفى المعتقل وجد السمان صديقه الشيخ عبد الحميد كشك، وتوطدت علاقتهما، ورغم تلك الصداقة إلا أن الشيخ كشك لم يجد حرجاً في مهاجمة السمان من فوق المنبر بشدة، لأنه كتب في مجلة «روز اليوسف» - المعروفة بعدائها الرهيب للإسلام - مقالاً ينتقد فيه الشيخ «عبد الحليم محمود» شيخ الأزهر آنذاك - ذلك أن السمان كان يبغض الصوفية ويحمل على خزعبلاتهم وأفكارهم الواهية - يُراجع كتابه «تأثيم الذمة فى تضليل الأمة: رد على الطريقة البرهامية»

• وكان شيخ الأزهر معروف عنه النزعة الصوفية، لكن السمان اعتبر أن شيخ الأزهر انضم للدراويش! اعترض السمان على الشيخ وكتب محتداً مقاله الشهير «إسلام لا دروشة»، وبعد أن رفضت مجلة «الاعتصام» - كبرى المجلات الإسلامية في العالم العربي آنذاك - نشر المقال، ما كان من السمان إلا نشر المقال في مجلة «روز اليوسف» الشيوعية، وهلل الشيوعيون لانضمام رجل بثقل السمان إلى «روز اليوسف»، واعتبروه نصراً كبيراً وفتحاً مبينا!

• ولكنه انسحب سريعاً، وعاد للاعتصام ليكتب فيها حتى أُغلقت بالضبة والمفتاح في العام 1991م بعد رحيل مؤسسها الحاج «أحمد عيسى عاشور» رحمه الله.

• كتابة السمان في روز اليوسف جعلته محور خطبة للشيخ كشك، حمل فيها الشيخ على السمان وأعرب عن صدمته مما فعله السمان!، ولكن سريعاً ما عادت الأمور لما كانت عليه ولما توفى الشيخ كشك في العام 1996م قام السمان بإعداد كتاب عن الشيخ بعنوان «الشيخ كشك قيثارة الدعوة إلى الله».

[مصطفى محمود]:

• في أواخر السبعينيات شن السمان هجوماً عنيفاً - باسمه المستعار «أبو ذر» الذى كان يكتب به في مجلة الاعتصام - على الدكتور مصطفى محمود، ذلك أن بعض آراء الدكتور محمود كانت تخالف السمان حول مسألة الشريعة الإسلامية والموقف من الثورة الإيرانية، ودعا الدكتور مصطفى الأستاذ السمان للقائه في بيته فرفض! فعرض عليه أن يأتي المجلة ليتناقش معه فرفض! ودعاه أن يرد لا أن يلتقي به.

[التصدي للتنصير]:

كان يشكو رحمه الله من تصاعد حركة التنصير في مصر، وأن الكنيسة تعمل بطريقة مثيرة للريبة. وذكر أنه بصدد الرد على كتاب أرسله له مجهول من 600 صفحة به ألف وخمسمائة افتراء على الإسلام

[مؤلفاته]

وله مؤلفات كثيرة، منها:

• عظة الموت

• مذبحة الهنود الحمر

• الرحمة المهداة

• لماذا أسلمت

• لا يا سيادة المفتي

• حصاد الشر

• قصص الأنبياء

• الإسلام .. الجدار المائل

• الإسلام حائر بين أهله

• الإسلام هو الحل

• الإسلام والعقيدة معًا

• الإسلام والأمن الدولي ـ دار الكتب الحديثة ـ القاهرة ـ الطبعة الثانية 1380هـ ـ 1960م

• أين نحن من الإسلام

• المؤامرة على الإسلام في الجزائر

• المتطاولون الصغار على شريعة الإسلام.

• الأمة المسلمة تحت الصفر

• محنة الأقليات المسلمة

• الذين طغوا في البلاد (هناك طبعة ثانية كان يعكف عليها قبل رحيله رحمه الله وذكر أنه سيضع القذافي في أول فصل من الكتاب لأنه سقط من ذاكرته في الطبعة الأولى التي صدرت في العام 1993 م عن دار الفضيلة)

• صدام حسين .. هولاكو القرن العشرين

• حسن البنا الرجل والفكرة

• أيام مع الإمام الشهيد حسن البنا، دار الفضيلة المصرية 2002

• الشيخ كشك قيثارة الدعوة إلى الله

• الخطب المنبرية لعبد الحميد كشك

• وكان كاتبا للرواية، فكتب ثلاث عشرة رواية ما خرج منها للنور واحدة فقط وهى رائعته «الشهيدة• التي كتبها في المعتقل وأسقط الأحداث كلها على تركيا وأتاتورك بدلا من مصر وعبد الناصر، ونقلتها للنور زوجة الأستاذ السمان - رحمها الله - حينما كانت في زيارة له

• أصدر سلسلة الثقافة الإسلامية من 1958 - 1965م، واستكتب فيها أعلام الفكر الإسلامي

[وفاته]:

• توفى في 2007م عن عمر ناهز التسعين عاماً، رحمه الله تعالى.

أصداء الرحيل:

وإذا الأحباب كل في طريق

الأستاذ محمد عبد الله السمان رحمه الله

وكتب (محمود القاعود) يقول في رثائه:

- السلام عليكم ..

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

- ازيك يا أستاذنا

- أهلا يا محمود .. إيه الغيبة دى ؟

- آسف يا أستاذنا .. غصب عنى ..

كانت تلك هي العبارات المعتادة بيني وبينه كلما هاتفته .. كان يقلق حينما تأخذني الدنيا فلا اتصل به لمدة أسبوع ، بمجرد أن أناديه بأستاذنا يُسرع بالرد : فينك يا محمود .. ده كلام برضه ؟! وأُقدم أسفى لهذا الرجل العظيم وأحول الحوار إلى منحى آخر حتى ينسى !

هل جاء اليوم الذي يذهب فيه أستاذنا إلى حيث لا رد ولا كلام ؟! هل جاء اليوم الذى لن أجد فيه رد حينما أقول: يا أستاذنا ؟! هل ستتوقف يداك أيها العظيم عن الكتابة ؟ هل أعلنت الانسحاب من هذا الزمن الذى يُطير عقل اللبيب ؟ هل ستتركنا وحدنا نواجه اللطمات والصدمات ونتلقى الصفعات من كل جانب وكلها تقصد الإسلام الذى عشت – أنت – لتنصره بأي ثمن ومهما كانت العواقب ؟

أستاذنا: هل تسمعني ؟!

أحبب من شئت فإنك مفارقه .. هكذا أخبرنا الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، ولا نملك إلا أن نُسلّم بقضاء الله وأن نقر بالأمر الواقع ..

محمد عبد الله السمّان، أحد أعلام الدعوة الإسلامية في القرن العشرين، وأحد مرافقي الإمام الشهيد " حسن البنا " وأحد أشهر الكتاب الإسلاميين قاطبة.

ولد السمان بمصر في 27/7/ 1917م بقرية " الحما " مركز " طما " محافظة سوهاج ، عُرف عنه الذكاء الشديد مما أهله ليحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة ، ويُلم بالأحاديث النبوية الشريفة ، التحق بكلية اللغة العربية وحصل على شهادة الليسانس ، كان من الذين رافقوا الإمام الشهيد حسن البنا وأحد المقربين إليه ، فقد كان يعده الإمام الشهيد ، المسئول عن شعبة الإخوان في سوهاج ، ذكر في كتابه " أيام مع الإمام الشهيد حسن البنا " – دار الفضيلة المصرية 2002 - أسرار عديدة وحوارات جرت بينه وبين الإمام الشهيد ويُفصح عن سر لا يعلمه إلا القليل وهو أنه كان سبباً في نجاة الإمام الشهيد من محاولة اغتيال !

عمل السمان محرراً بمجلة " الرسالة " لصاحبها " أحمد حسن الزيات " في الفترة من 1950 – 1953، وبعد أن أغلقت الرسالة صدر منها الإصدار الثاني في الستينيات فعمل في الفترة من ( 1963- 1965 ) كانت مقالاته قوية ومؤثرة ومليئة بالثورة والمجاهرة بالحق . كما شارك في تحرير كبرى المجلات الإسلامية ( الأزهر – الاعتصام – المجتمع الكويتية ) .

أثار كتابه ( الإسلام حائر بين أهله ) عاصفة فكرية ( أيام الملك فاروق ) لوضعه أسس ومفاهيم لعودة الخلافة والحكم الإسلامي، فظل يتردد على المحاكم ثلاث عشرة جلسة إلى أن حكم القاضي بالبراءة !

ظل السمان لعدة سنوات يكتب حلقات برنامج " أبواب السماء " الذى كان يُبث عبر إذاعة " الشرق الأوسط "

كان لابد لمثل السمان أن يتعرض للابتلاء، فاعتقله الطاغية الأثيم " جمال عبدالناصر " ضمن حملته المنكرة على جماعة الإخوان في مصر، فقضى السمان أصعب ست سنوات في حياته ( 1965- 1970 ) .

يحكى لي – عليه رحمات الله – مندداً بالديكتاتور " عبد الناصر " :

استدعدتني إدارة السجن ذات مرة وهناك قال لي أحد الضباط: ابشر الريس مبسوط منكم !

فاستبشرت خيراً ! وبعدها وجدت الضابط يُخرج قلمه، ويكتب على ملفى: محمد عبدالله السمان يُفرج عنه في العام 1990م !!!

ويشرح لي الأستاذ السمان عن شعوره بالإحباط والضيق نتيجة سماعه لهذا الكلام، فقد كانوا يعلمون مدى تأثير السمان في زملائه المعتقلين وأنه بإحباط هذا الرجل سيُحبط الجميع !

ويضحك – رحمه الله – ويُردف:

ولكن الله لا يغفل ولا ينام وما هي إلا أشهر حتى فوجئنا بهلاك الطاغية والإفراج عنا !

ويحكى أنهم عندما علموا بوفاة الطاغية عبد الناصر، ظل الجميع في السجن الحربى يهتفون: الله أكبر ولله الحمد .. الله أكبر ولله الحمد! فقام المستشار مأمون الهضيبي  – رحمه الله، معترضاً: لا شماتة في الموت !

والحق أن من دخل معتقلات عبدالناصر على استعداد أن يفعل أي شيء لا أن يشمت في الموت وحسب !

في المعتقل وجد السمان صديقه الأثير الشيخ عبدالحميد كشك، وتوطدت علاقتهما، ورغم تلك الصداقة إلا أن الشيخ كشك لم يجد حرجاً في مهاجمة السمان من فوق المنبر بشدة ، لأنه كتب في مجلة " روز اليوسف " – المعروفة بعدائها الرهيب للإسلام – مقالاً ينتقد فيه الشيخ " عبد الحليم محمود " شيخ الأزهر آنذاك – ذلك أن السمان كان يبغض الصوفية ويحمل على خزعبلاتهم وأفكارهم الواهية – يُراجع كتابه " تأثيم الزمة في تضليل الأمة : رد على الطريقة البرهامية " - ، وكان شيخ الأزهر معروف عنه النزعة الصوفية ، لكن السمان اعتبر أن شيخ الأزهر انضم للدراويش ! اعترض السمان على الشيخ وكتب محتداً مقاله الشهير " إسلام لا دروشة "، وبعد أن رفضت مجلة " الاعتصام " – كبرى المجلات الإسلامية في العالم العربي آنذاك – نشر المقال، ما كان من السمان إلا نشر المقال في مجلة " روز اليوسف " الشيوعية، وهلل الشيوعيون لانضمام رجل بثقل السمان إلى " روز اليوسف "، واعتبروه نصراً كبيراً وفتحاً مبينا !

ولكن السمان عاشق الإسلام الذى يرفض المتاجرة بدينه أو إعطاء فرصة للخصوم للشماتة، انسحب سريعاً، وعاد للاعتصام ليكتب فيها حتى أُغلقت بالضبة والمفتاح في العام 1991م بعد رحيل مؤسسها الحاج " أحمد عيسى عاشور " رحمه الله .

كتابة السمان في روز اليوسف جعلته محور خطبة للشيخ كشك، حمل فيها الشيخ على السمان وأعرب عن صدمته مما فعله السمان !

ولكن سريعاً ما عادت الأمور لما كانت عليه،  ولما توفى الشيخ كشك في العام 1996م قام السمان بإعداد كتاب عن الشيخ بعنوان " الشيخ كشك قيثارة الدعوة إلى الله " ، وظل السمان بطلاً شامخاً يُغير على أعداء الإسلام ويفضحهم ويُشهر بأخلاقياتهم المتدنية ، ويتناول أمور الإسلام، ويكتب عن محنة الأقليات المسلمة في دول العالم غير الإسلامي .

في أواخر السبعينيات شن السمان هجوماً عنيفاً - باسمه المستعار " أبو ذر " الذى كان يكتب به في مجلة الاعتصام – على الدكتور مصطفى محمود ، ذلك أن بعض آراء الدكتور محمود كانت تخالف السمان حول مسألة الشريعة الإسلامية والموقف من الثورة الإيرانية، ودعا الدكتور مصطفى الأستاذ السمان للقائه في بيته فرفض ! فعرض عليه أن يأتي المجلة ليتناقش معه، فرفض ! ودعاه أن يرد لا أن يلتقى به.

كان قاطعاً كالسيف .. لا يخشى في الله لومة لائم، أسماء كتبه تنضح بالثورة على الظلم والانتصار للإسلام:

1- الإسلام والأمن الدولي.

2- الإسلام حائر بين أهله.

3- أين نحن من الإسلام.

4- الذين طغوا في البلاد ( هناك طبعة ثانية كان يعكف عليها قبل رحيله رحمه الله وأخبرني أنه سيضع القذافي في أول فصل من الكتاب لأنه سقط من ذاكرته في الطبعة الأولى التي صدرت في العام 1993 م عن دار الفضيلة )

5- الأمة المسلمة تحت الصفر.

6- صدام حسين .. هولاكو القرن العشرين.

7- المتطاولون الصغار على شريعة الإسلام.

8- المؤامرة على الإسلام في الجزائر.

9- محنة الأقليات المسلمة.

وغيرها من عشرات الكتب المليئة بالعلم والفكر الراقي .

هناك جانباً لا يعلمه الكثير من الناس عن السمان، وهو أنه كان كاتباً للرواية ! فبرغم فكره وتخصصه في الإسلاميات إلا أنه كان روائياً من الطراز الأول ولو استمر- رحمه الله - في كتابة الرواية لكان هو نجيب محفوظ الإخوان المسلمين !

أخبرني - رحمه الله- أنه كتب ثلاث عشرة رواية ما خرج منها للنور واحدة فقط، وهى رائعته " الشهيدة " التي كتبها في المعتقل واسقط الأحداث كلها على تركيا وأتاتورك بدلاً من مصر وعبدالناصر، وذلك خوفاً من الإعدام إن وجدت كهذه رواية في المعتقل .

تدور فكرة الرواية حول فتاة أحبت شاب وأحبها ، الفتاة من أسرة تعمل بالقلم السياسي " البوليس الحربى " والشاب بسيط، ويُعارض الأهل فكرة الارتباط وتتمسك الفتاة بالشاب بعد أن تُضرب عن الطعام والشراب، وبالفعل تتزوجه، ويعيش " شوكت " بطل الرواية و " رويدة " بطلة الرواية في أمان ، وتحمل " رويدة " من " شوكت " حتى تعلم بأن زوجها من جماعة إسلامية مناهضة لأتاتورك، وتبدأ رحلة المعاناة، ويتم القبض على زوجها وإيداعه في المعتقل، وتتعرض " رويدة " لابتزاز رهيب من البوليس الذى يُساومها على شرفها وأن تقضى عدة سهرات مع الضباط للإفراج عن زوجها " شوكت " وتأبى عليها أخلاقها فعل ذلك .

وتضع مولودها، ويتنكر لها أهلها حتى لا يتعرضوا هم أيضاً للاعتقال .. وبين يأسها وقلة حيلتها تُقرر الانتحار، فتضع طفلها فوق الفراش وتُقبله وتترك مظروف لجارتها تخبرها فيه بأنها ستنتحر وأنها ذاهبة إلى ترعة " القرن الذهبي " لتُلقى بنفسها في المياه الجارية .. تسير وتمر بها الذكريات وبعد أن تصل للترعة تتذكر طفلها وزوجها الذى قد يخرج في يوم ما ! فتعدل عن قرار انتحارها، وتسرع في مشيها لتذهب إلى البيت فتأتى سيارة مسرعة وتقضى عليها في الحال .. وتُحسب عند الله شهيدة لا منتحرة .

الرواية باكية ومؤثرة وتراجيدية إلى أقصى حد ولا يتمالك مطالعها نفسه من البكاء، وقد أجاد السمان بحرفية عالية دمج الفن والسياسة والأدب والدين في عمل واحد .

استوحى السمان فكرة الرواية من شاب كان معه في المعتقل، وسبق له أن أُعتقل في عام 1954م، فتأثر السمان وما كان منه إلا أن أخرج هذا العمل الأدبي الفريد الرائع، الذى نقلته للنور زوجة الأستاذ السمان – رحمها الله - حينما كانت في زيارة له، وبعد أن قرأتها ارتعدت فرائصها وتفككت أوصالها وباتت في حيرة وقلق حتى أُفرج عن السمان، وكان عتابها له وأخبرته أنها لو كانت تعلم مضمون هذا الورق لما حملته البتة . فقد كان " شعراوي جمعة " وزير الداخلية يضع منزل السمان تحت المراقبة والتفتيش في أي وقت .

رحلت السيدة الفاضلة زوجة السمان في 7/3/1983م تاركة له ثلاث بنات، علمهن السمان ورباهن على الإسلام، وزوجهن وجعل من نفسه لهن أباً وأماً.

يحكى لي - رحمه الله- عن لقائه باللواء " محمد نجيب " – رحمه الله – أول رئيس للجمهورية المصرية ، وكم كان رجلاً خلوقاً ومهذباً ومتواضعاً للغاية .

كان قريباً من الشهيد " عبد القادر عودة " والشهيد " سيد قطب "، وكانوا يجتمعون في منزل السمان تارة، وأخرى في منزل عودة، وثالثة في منزل قطب.

كان يشكو لي -رحمه الله- من تصاعد حركة التنصير في مصر، وأن الكنيسة تعمل بطريقة مثيرة للريبة، وأنه بصدد الرد على كتاب أرسله له مجهول من 600 صفحة به ألف وخمسمائة افتراء على الإسلام.

كان يقول لي: من يسمح بتوزيع مثل هذه الكتب ؟ وهل المادة الثانية في الدستور المصري تقول المسيحية المصدر الرئيسي للتشريع ؟!

كنت أخبره بأن مثل هذه الكتب مردود عليها وأننا على الإنترنت قد قصمنا ظهور مثل هذه الترهات وأصحابها، فيحتد في الكلام:

يا بنى أنا معنديش النت اللي بتقول عليه ! وليه حاجة زي كده تتوزع ؟!

وأشعر به في قمة الضيق وسعاله يزداد فأُحول مجرى الحديث حتى لا تعتل صحته.

كان في الآونة الأخيرة يكتب في صحف " اللواء الإسلامي " و" آفاق عربية " – قبل غلقها في العام 2006م – وصحيفة " الخليج البحرينية ".

منذ مدة رأيته في برنامج " الجريمة السياسية " على فضائية " الجزيرة " يتحدث عن اغتيال الشهيد " حسن البنا "، وودت لو اخترقت شاشة التلفاز واحتضنته، كانت عيناه شبه مغلقتين من شدة ضوء الكاميرا المُسلط عليهما، نظارته السميكة ما زالت تُزين وجهه البريء الجميل .. شعره الذي اشتعل بياضاً وشيباً، صوته المحبب إلىّ الذي كنت استمع له، واستمتع به لدقائق عديدة كل أسبوع ... استعجبت: كيف استطاعت " الجزيرة " أن تصل إليه ؟! بل كيف وافق هو على الظهور .. فقد أتته دعوات كثيرة من فضائيات عديدة وإغراءات كثيرة، ولكنه لا يُحب الظهور مطلقاً .. كان يغلق عليه بابه فلا يُجاوزه همه – كما يقول الخليل بن أحمد .

كان يُشدد في كل اتصال معي أن حادثة " المنشية " بالإسكندرية –  ادعى عبد الناصر أن الإخوان دبروها لاغتياله - التي من أجلها اعتقل عبدالناصر الإخوان وخرب مصر ، هي أكبر مسرحية ساقطة في التاريخ ، وأنه هو الذى لفقها وأن " محمود عبد اللطيف " – المتهم بالحادث – ليس له أي ذنب فيها ، وكان يُحلل ويشرح ثغرات تلك المسرحية التي أداها جمال عبد الناصر ببراعة في العام 1954م.

وفاته:

توفى الأستاذ السمان في 26/11/2007م عن عمر ناهز التسعين عاماً، تاركاً خلفه القيم والأخلاق والمبادئ وحب الإسلام والدفاع عنه.

أستاذنا السمان: لقد رحلت عنا بجسدك ولكنك باق بروحك الطاهرة وفكرك النقى ومبادئك الشريفة .

أستاذنا السمان: لم أحزن مطلقاً لعدم إشارة وسائل الإعلام الرقيعة الهشة لوفاتك، فهذا شرف لك ، لأن وسائل الإعلام فى ديار العروبة والإسلام باتت قاصرة على الراقصات والعاهرات ولاعبى الكرة – وإن كانت كرة شراب – والطبالين والزمارين والأفاقين والآكلين على جميع الموائد .

لم أحزن من تجاهل وسائل الإعلام لك : فقد عشت طاهرا نقيا ومت طاهرا نقيا ، لم تُلوث نفسك بأن تُذكر فى وسائل إعلام تفرّغت لمجموعة من الساقطات يحكين قصة كفاحهن المريرة ، وكيف كن يرقصن بقطعة واحدة من القماش ، وكيف تحولن إلى الرقص بقطعتين .. وكيف كان لاعب الكرة يركل الكرة بقدمه وهو نائم فوق السرير وعندما كبر أحب الكرة وأصبح لاعبا مشهورا .. وكيف كان المغنى يغنى في الحمام وبات يُغنى في أشهر الفنادق، ولا ألوم وسائل الإعلام، ولكنى أردد مع أبى الطيب رحمه الله:

وكم ذا بمصر من المضحكات          ولكنه   ضحك   كالبكاء

أستاذي الحبيب: نم قرير العين ونسأل الله أن يُسكنك فسيح جناته، وأن يجمعنا وإياك في جنة الخُلد مع النبيين، والصديقين، والشهداء، وحسن أولئك رفيقاً.

مصادر الترجمة:

1-موقع المكتبة الشاملة.

2-محمد عبد الله السمان – الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين.

وسوم: العدد 849